بدأت في المكسيك أمس، عملية فرز بطاقات الاقتراع في نحو 300 منطقة للتدقيق في نتائج الانتخابات، فيما اتسع الخلاف بين أنصار المرشحين الأساسيين: اليميني فيليبي كالديرون واليساري لوبيز أوبرادور. وكانت اللجنة الانتخابية العليا رفضت تحديد اسم الفائز إثر انتهاء الفرز التحضيري الذي أسفر عن تقدم المرشح اليميني كالديرون بفارق واحد في المئة من الأصوات، ما يمثل حوالى 450 ألف صوت، على خصمه لوبيز أوبرادور. وفيما كان حزب العمل الوطني اليميني يطالب اللجنة الانتخابية بإعلان اسم الفائز على قاعدة الفرز التحضيري مع أنه لا يحمل أية صفة رسمية ل"إراحة أعصاب البلد"، يطالب الآن حزب الثورة الديموقراطية اليساري بإعادة فرز كل الأصوات من البداية بسبب كثرة المخالفات التي تميز بها الفرز التحضيري والتي توحي ب"حصول عملية تزوير كبيرة". وكان المرشح اليساري اعترض مثلاً على"اختفاء"حوالى مليونين ونصف المليون من البطاقات، ما أجبر اللجنة الانتخابية على توضيح أن تلك الأوراق تتضمن إشكالات تحتم"إعادة التدقيق بها". وبعدما بدأت عملية إعادة التدقيق بمليون من تلك الأصوات، انحسر الفارق بين المرشحين حتى الآن إلى 260 ألف صوت، ما يمثل 64 في المئة من الأصوات. ويخشى الآن أن تأخذ عملية الفرز منحى قضائياً قد يأخذ أسابيع طويلة، فيما يزداد الضغط في المعسكرين للدفاع في الشارع عما يعتبره كل طرف"انتصاره". وكانت النتائج الأولية أسفرت عن تقدم كالديرون يليه لوبيز أوبرادور بفارق نقطة واحدة، ثم مرشح ال"بي ار اي"، حزب الثورة المؤسساتي تليه مرشحة يسارية. أما نتائج انتخابات الكونغرس، فجعلت كتلة الحزب اليميني أول كتلة نيابية تليها الكتلة اليسارية. وتراجع حزب"بي ار اي"وريث الثورة المكسيكية في بداية القرن العشرين والذي حكم المكسيك خلال سبعة عقود من دون انقطاع حتى انتخاب الرئيس فينسينتي فوكس عام 2000، بسبب أزمة حادة وانشقاقات عميقة على أثر النتائج المحبطة التي حصل عليها مرشحه الذي لم يفز بأي من الولايات ال33 مع أن 17 من هذه الولايات يحكمها الحزب. وعلى رغم انهيار كتلته النيابية، يبقى هذا الحزب بيضة القبّان في الولاية الرئاسية القادمة وذلك، أيّاً يكن الفائز، لأن الأحزاب الأخرى لم تحصل على أكثرية كافية. من جهة أخرى، دلّت النتائج أن المكسيك، ثاني أكبر دولة في أميركا الشمالية منقسمة ليس فقط سياسياً بل أيضاً جغرافياً: في الولايات الشمالية القريبة من الحدود مع الولاياتالمتحدة، فاز"الأزرق"أي حزب كالديرون اليميني. وكلما توجهت جنوباً في اتجاه وسط البلد وغواتيمالا في أميركا الوسطى، تنتقل الغلبة ل"الصفر"، أي حزب لوبيز أوبرادور اليساري. وهذا الانقسام الجغرافي الذي يلحق إلى حد كبير خريطة الفوائد والأضرار الناتجة من اتفاقية التجارة الحرة مع الولاياتالمتحدة، قد يتحول إلى معضلة كبيرة يترتب عليها عواقب وخيمة إذا استمر المأزق الانتخابي. أخيراً، بعد أن تراجعت البورصة خلال الحملة الانتخابية تحسباً لاحتمال فوز لوبيز أوبرادور، عادت وارتفعت إثر النتائج الأولية التي كانت توحي بتقدم كالديرون. إلا أنها قد تتراجع مجدداً ومعها الوضع الاقتصادي العام في حال استمرار المأزق الانتخابي.