مع بداية عرض فيلم"حليم"في دور العرض المصرية وفي الوقت الذي كان فيه الفيلم يعرض في حفل افتتاح مهرجان السينما العربية في باريس، انقسم النقاد حول الفيلم. البعض وجده لا يليق باسم عبدالحليم، ومشوار حياته الشديد الثراء، وبممثل في حجم أحمد زكي، الذي أكد كثر أنهم رأوا موته على الشاشة، فيما قال آخرون أن الفيلم أنجز في ظروف صعبة، ويكفي أنه يحمل اسم أحمد زكي. ولكن"الكل"في المقابل أجمع على موهبة هيثم، والذي"حتى وإن كانت تجربته الأولى هذه قد ظلمته بعض الشيء"إلا أنه يملك كاريزما خاصة وموهبة تحتاج الى رعاية. في حوار مع"الحياة"لم ينف هيثم أحمد زكي أنه دخل تصوير فيلم"حليم"في ظرف درامي غير إنساني، فاليوم الأول له أمام الكاميرا جاء بعد وفاة والده ب14 يوماً فقط، وكان المفروض به أن يكون بديلاً لأحمد زكي، ومجسداً لشخصية عبدالحليم. وإذ يقول هيثم هذا يصمت بعض الشيء قبل أن يضيف:"كان الوضع بالنسبة إلي كارثياً، وأذكر انني وقتها سألت نفسي من أنا حتى أقدم دوراً سينمائياً يجسد عملاقين في الغناء والتمثيل؟ خصوصاً أن كل علاقتي بالتمثيل كانت من خلال أحمد زكي الذي كنت أتابعه وهو يحضّر لأفلامه، يذاكر السيناريوات، يضع تفاصيل للشخصيات التي يعمل عليها، أو يقدم أمامي بعضاً من المشاهد فهو وأنا عندما كان يريد أن يُشركني معه، كنا نقدم مشاهد ارتجالية نتبادل فيها الأدوار أو نختلق مواقف درامية نجسدها". ويضيف هيثم:"في إحدى المرات وهو يحضِّر لفيلم"حليم"قلت له:"أنا عاوز أمثل"أذكر يومها ان والدي صمت، ثم علق على سؤالي قائلاً:"أعرف انك موهوب ولكن عليك أن تنهي دراستك أولاً"، ولكن القدر شاء له ولي شيئاً آخر أقصد شاء أن أقف مكانه لاستكمال أحد أحلامه التي عاش لأجلها وهو تقديم فيلم عن عبدالحليم حافظ". اليوم الأول حول أول يوم تصوير في فيلم"حليم"يقول هيثم:"بالتأكيد لن أنسى هذا اليوم، الجميع أحاطوني بالعطف بدءاً من العاملين في الاستوديو ووصولاً الى الشركة المنتجة والمخرج شريف عرفة، وعلى رغم ذلك كنت أشعر بوجع عميق. فأنا قبل أن أكمل عامي العشرين صرت بلا أب، وكنت فقدت أمي قبل ذلك بأعوام، في تلك اللحظة شعرت أن الفيلم يجب استكماله إكراماً لخاطر أبي. ومع تصوير أول لقطة شعرت كأنه يقف بجواري ويربت على كتفي بحنان أبوي بالغ". وعن أدائه في الفيلم والذي وجد فيه البعض تقليداً لأحمد زكي وهو يحاكي عبدالحليم، قال:"إن عبدالحليم عانى في مشواره الفني وكذلك أبي. وليس ذلك فقط فالاثنان ينتميان الى محافظة واحدة هي الشرقية، وجمعهما شقاء أسري يتشابه في تفاصيله، وكلاهما توفي في الخمسينات من عمره بعد معاناة طويلة من المرض لذلك أنا لم أقلد أبي وهو يحاكي حليم، بل قدمت مزيجاً من الشخصيتين". يضيف هيثم:"أرجو ألا تنسوا أن الفيلم أُنجز في ظروف إنسانية صعبة جداً، ويكفي أنني لم أقم بعمل التحضيرات اللازمة للشخصية مثل أي فنان تتوافر له فرصة تقديم شخصية تاريخية أو عامة، فما بالك لو كانت هذه الشخصية لعبدالحليم حافظ، الذي حقق ثورة بأغانيه، وارتبط في أذهان العرب بلحظات تاريخية ثورية، وعاش الناس من خلال صوته انتصارات، وانكسارات، ونظراً الى طبيعة الظروف اكتفيت بأن أعرف"حليم"من خلال أفلامه والأغاني الوطنية والرومانسية التي قدمها، وكانت عيني حليم، هما مفتاح دخولي الى الشخصية". حول الانتقادات التي وجهت الى الفيلم بأنه"لا يليق باسم الراحل أحمد زكي أو عبدالحليم"، والحديث عن أن"السيناريو تم تعديله نظراً الى الظروف المرضية لوالدك"؟! يعلق هيثم متسائلاً:"من قال إنه كان هناك تعديلات درامية أُجريت في السيناريو؟ كلاّ، فالسيناريو نُفذ كما صاغه الكاتب محفوظ عبدالرحمن، وكما قرأه والدي. كل ما في الأمر أن المخرج شريف عرفة تدخل بحذف بعض المشاهد القليلة والخاصة بوالدي بعد وفاته لا أكثر ولا أقل. وعن أداء والدي أؤكد أنه لم يتأثر، فهو قدم معاناة حليم مع المرض فيما كان هو نفسه يعاني من السرطان، وأرى أن المرض لم يعقه بل أعطاه دفعة قوية". وعن مسألة الاتهامات التي وجهها البعض للمنتج عماد الدين أديب باستغلاله الراحل أحمد زكي في مرضه الأخير يؤكد هيثم:"هذا الكلام غير حقيقي بالمرة، الذين يرددون هذه الاتهامات لا يعرفون أحمد زكي جيداً فهو الذي أصر على التصوير، ولم يكن أحد في الكون يستطيع ثنيه عن رغبة له وما بالكم بتجسيده شخصية عبدالحليم الذي ظل يحلم بتقديمها عشرات السنين". وحول عرض الفيلم في الموسم الصيفي المزدحم بالأفلام، وعدم تحقيقه إيرادات تتناسب مع كلفته، إذ أن مدخول الفيلم لم يتخط ال2 مليون جنيه، يقول:"اختيار توقيت عرض الفيلم مسألة تخص الشركة المنتجة وليس لي دخل فيها، أما مسألة الإيرادات فالفيلم هو التجربة الأولى لي وهناك ظروف لها علاقة بالتوزيع قد تؤثر في إيراد الفيلم هذا في حدود معلوماتي". وعن مشاركة فنانين عرب جمال سليمان وسلاف فواخرجي في الفيلم يؤكد:"سعدت جداً بالعمل مع سلاف التي جسدت دور حبيبتي، أقصد حبيبة حليم جيهان، وأرى أنه من الطبيعي أن تجمعنا أعمال مشتركة، خصوصاً أن"الفن"هو الشيء الوحيد الذي يجمع ويوحد العرب في ظل الظروف العصيبة التي تمر بها المنطقة العربية". وحول متابعاته للقضايا السياسية والتطورات في لبنان وفلسطين، قال:"لست قارئاً جيداً ولكني أتابع نشرات الأخبار بانتظام وأعرف الكثير من التفاصيل من طريق الانترنت، إلا انني عشت فترات تاريخية سابقة من خلال والدي الذي كان قارئاً نهماً وعاصرته وهو يحضر"ناصر 56"، وپ"السادات"وهذه التفاصيل ساعدتني في تنمية وعيي بما يدور حولي". ويختتم هيثم أحمد زكي قائلاً:"أرى أن أكثر ما نحتاجه في هذه الأيام الصعبة هو صوت عبدالحليم حافظ والذي تأثرت جداً بأغنياته السياسية والوطنية".