عشيّة الذكرى السابعة والعشرين لرحيل عبد الحليم حافظ، تشهد القاهرة نقاشاً محتدماً حول العندليب الأسمر والحق في امتلاك صورة هذا الفنّان الكبير واسمه وتراثه. انفجرت القضيّة خلال المؤتمر الصحافي الذي عقد الخميس الماضي وحضره عدد من المنتجين المتصارعين على انتاج فيلم ومسلسل عن حياة عبد الحليم حافظ، وحضره ايضاً احد ورثة الفنان الراحل للاعلان عن تفاصيل الاتفاقات الفنية التي تمّت بينهم. وخلال المؤتمر فوجئ الجمهور والاعلاميون باعلان ورثة عبد الحليم رفضهم لأي سيناريو يتناول حياته بشكل أو بآخر... وذكروا انّهم اصحاب الحقوق الحصريّة، وان هذه الحقوق باعوها لايهاب طلعت... وهو الامر الذي اعاد مجدداً طرح سؤال عن ملكية الشخصيات العامة. وسأل بعض المعنيين: "أليس عبد الحليم مثل سائر الكبار ملكية وطنية عامة؟ أليس الجمهور الذي احبه، ولم يستفد منه مادياً، هو الاحق في ملكيته وحماية تراثه وتاريخه؟" كلام جميل يجيب بعضهم الآخر، ولكن، هناك أعراف وقوانين، والمعادلات الحقوقية هي أبعد ما يكون عن الشعر والعواطف! ورداً على سؤال "الحياة": "من يملك عبد الحليم حافظ؟"، قال الناقد علي ابو شادي رئيس المركز القومي للسينما: "عبد الحليم ملك الذاكرة الجماعية، ويمكن انتاج خمسة افلام عنه طالما انّها لا تحمل اساءة إلى تراثه وصورته... حتى جمال الناصر جُسّد على الشاشة، على رغم اعتراض بعضهم. لماذا تعترض اسرة عبد الحليم؟" واضاف: "إن كل الشخوص التي ظهرت مع عبد الحليم حافظ حتى في الصور الفوتوغرافية يمكن ان تظهر ايضاً في الفيلم بمعنى أن كل التفاصيل التي ظهرت للعيان وسبق نشرها هي ملك عام. اما الاشياء الشخصية فلا يحق لأحد الاقتراب منها". ويبدو أن هذا القلق الذي احدثه ورثة "حليم" دفع الكاتب وحيد حامد الى التراجع عن كتابة مسلسل عن حياة عبد الحليم حافظ. وقال: "لا يمكن أن اعمل في ظل هذه الاجواء، وتحت وطأة تدخلات فنية وغير فنية. العمل الفني يعتمد على الحرية، والا فما الجدوى منه؟". أما عن مخاوف اسرة عبد الحليم حافظ، وحرصها على عدم تشويه صورته، فذكّرت الأوساط السينمائيّة والفنية، بأن الفنان احمد زكي صاحب مشروع رائد في هذا السياق، اذ تصدّى قبل 4 سنوات لانتاج فيلم "حليم" ودفع نحو 250 الف جنيه على أكثر من سيناريو، حتى استقر على السيناريو الذي كتبه محفوظ عبد الرحمن، الذي يرصد رحلة كفاح فنان ودوره في الشارع العربي. وكان زكي بدأ، قبل مرضه، رحلة البحث عن منتج مشارك ووجد الابواب موصدة من شركات عدة. وحتى عندما عرض السيناريو على اسرة "حليم" من باب "الاحترام والتقدير"، فوجئ بحسب ما نشرت الصحف بأنهم يطلبون 20 في المئة من الايرادات! ويومها صُدم الفنان احمد زكي من المعوقات والعراقيل وتوقف الحديث عن هذا الفيلم... لكنه تجدد أخيراً خصوصاً بعد الانباء التي ستحملها الايام المقبلة عن دخول اتحاد الاذاعة والتلفزيون شريكاً في انتاج أي عمل عن العندليب الاسمر، ومهما كان الطرف المنتج... لأن هذه الجهة الحكومية تستطيع ان تحمي الفيلم من أي صراعات مادية أو حقوق زائفة.