أكد رئيس المركز العراقي للتنمية والحوار الدولي مهدي الحافظ خلال ندوة نظمها المركز في عمان الأسبوع الماضي حول مشروع قانون"الاستثمار الأجنبي في العراق"أهمية الاستثمارات الأجنبية في نقل التكنولوجيا وتنمية الصادرات. وأشار الى ان العراق"يعاني صعوبات مالية واختناقات اقتصادية يمكن التخفيف منها من طريق الاستثمار الاجنبي"، لكن وفق"ضوابط مدروسة وأولويات صحيحة"تصون المصالح الوطنية وتعالج المعضلات الاقتصادية التي يعود بعضها الى تركة الماضي، إضافة الى المشكلات الجديدة التي تفاقمت خلال السنوات الثلاث الماضية. كما تحدث وزير الموارد المائية لطيف رشيد عن مراحل إعداد قانون الاستثمار الجديد والتعديلات التي أجريت عليه، مؤكداً أنه"لا مجال لأي استثمار من دون توفير الأمن والاستقرار"، مشيراً الى ضعف القدرات التمويلية المحلية الحكومية والخاصة مقارنة مع الاحتياجات. وأضاف رشيد:"ومن هنا تأتي أهمية فسح المجال أمام الاستثمارات الأجنبية مع إعطاء الأولوية للمستثمر المحلي". كما أكد وزير العدل الأسبق مالك دوهان الحسن أهمية تجاوز الصراعات السياسية والطائفية لتشجيع الاستثمار، بينما أشار الخبير الهندسي هشام المدفعي في ورقته الى أهمية مشاريع التطور العمراني وإدخال الأساليب الإدارية والتقنيات الحديثة في تنفيذها وتدريب الكوادر العراقية عليها، ومراعاة شمول الاستثمار والتنمية، المحافظاتالعراقية كافة. وأوضح رئيس اتحاد رجال الأعمال في كردستان العراق هيريش الطيار دور الاتحاد في إعداد قانون الاستثمار بالإقليم وتركيزهم على إعطاء الأفضلية للمستثمر العراقي في شكل عام. العقبات وركزت الندوة في مناقشاتها على إن مشروع قانون الاستثمار المعروض لا يرقى الى التحديات التي تواجه الاقتصاد العراقي. فالامتيازات الممنوحة للمستثمرين أقل بكثير مقارنة مع قوانين الاستثمار في الدول المجاورة مثل سورية وتركيا والاردن ومصر والسعودية التي تسمح للملكية الأجنبية للأرض. كما ان الظرف الامني الحرج واتساع ظاهرة الفساد وغياب الضمانات لحماية الاستثمار وانعدام الشفافية في التعامل حالياً، يحتم العمل على تشريع قانون عصري للاستثمار يأخذ في الاعتبار الواقع الاقتصادي والاجتماعي العراقي والتطورات الإقليمية والدولية مع ضرورة تضمين القانون المقترح محفزات مجزية للمستثمر، وإعطاء دور واضح ومهم وحاسم للقضاء العراقي في حل المنازعات وعدم حصر اتخاذ القرارات ذات الطابع الخلافي في الجهاز التنفيذي، هذا إضافة الى ضرورة معالجة خصوصيات المشاريع الصغيرة ومنحها الحوافز الكافية والملائمة كماً ونوعاً وتشجيعها بأساليب مبتكرة كپ"حاضنات الأعمال"و"الحاضنات التكنولوجية"ورأس المال"المبادر"أو"المخاطر". الاستثمارات النفطية وشاركت مجموعة من الخبراء النفطيين العراقيين في تقديم أوراق متخصصة حول القوانين النفطية ومناقشتها. فاستعرض الخبير فاروق القاسم بعض السياسات التي يتوجب معالجتها فتطرق الى المشاركة الوطنية، والتصرف بعوائد النفط، والتنسيق ما بين العاصمة والأقاليم، والتعاون مع الشركات العالمية، وتعظيم مساهمة القدرات الوطنية. وبيّن ان التجارب تشير الى"ان التشريع التدريجي والمختصر والواضح هو الطريق السليم لجلب المنافع وتحاشي النزاعات". واقترح"أن تتحول شركة النفط الوطنية الى شركة قابضة لها شركات فرعية في الأقاليم". وبخصوص التمويل، أشار الى نقاط الضعف والقوة بالنسبة الى بدائل ثلاثة هي: التمويل الذاتي أو القروض التجارية أو إشراك الشركات العالمية، أو مزيج منها. مؤكداً على التصرف بعوائد النفط لحماية القطاعات الأخرى بدلاً من الاعتماد الكلي على النفط، وخلق فوائد طويلة المدى للمجتمع في شكل عام. وفي ورقته حول اتفاقات مشاركة الإنتاج، قال الخبير كامل المهيدي ان هذه الاتفاقات معروفة وعملت بها بلدان كثيرة مثل ليبيا وعُمان وروسيا وأخيراً في كردستان العراق. لكنه أشار الى أن هذه الاتفاقات مثيرة للجدل، فهناك من يتهمها بانها تفسح المجال للشركات العالمية لجني أرباح طائلة من الدول المضيفة، بينما يرى البعض الآخر بأنها أفضل وسيلة لتطوير الحقول النفطية بسرعة لا تستطيع الأنواع الأخرى من العقود تحقيقها. وتوصل الباحث الى أنه: إذا كان سعر النفط بحدود 40 الى 60 دولاراً للبرميل الواحد فإن"نفط الربحية"يجب أن يكون بحدود ثلاثة في المئة من الإنتاج، وهو يكفي كي تحقق شركات النفط العالمية أرباحاً معقولة على استثماراتها. واستخلص إلى أن اتفاقات المشاركة هي"صفقات تجارية"إذا ارتأى العراق اعتمادها تجنباً للكلفة الاستثمارية العالية والرغبة في التطوير السريع . وعقب طارق شفيق على ورقتي البحث اعلاه مشيرا إلى أن التحليل المبسط للأرقام عن كلفة التطوير والإنتاج وعائد رأس المال يشير بوضوح إلى أفضلية مطلقة لأسلوب الاستثمار المباشر من مؤسسات الدولة العراقية نفسها، مؤكداً على أهمية التركيز على تطوير الإنتاج الاحتياطي المكتشف والذي يمكن من خلاله الوصول إلى 10 ملايين برميل يومياً، وهذا لا يتم إلا من خلال صيغة مركزية، تنسق بين الأقاليم والمحافظات، وعكسه يكون تنافساً حاداً، على حساب الصيغة المثلى للإنتاج وتحقيق العائد. وأيد وزير النفط الأسبق ثامر غضبان ضرورة إعادة النظر بهيكل القطاع النفطي وإجراء الفصل في شكل واضح بين الأطراف ذات العلاقة. ولغرض تحديد الطاقة الإنتاجية يجب الأخذ في الاعتبار حاجة البلد للموارد والواقع المتردي للاقتصاد العراقي، بمعنى استمرارية الاعتماد على الإيرادات النفطية سنوات عديدة، كما ويجب الوصول تدريجاً إلى المعدلات الإنتاجية العالية.