تأتي فضائية"روج تي في"الكردية خطوة ثالثة في مسار البثّ التِّلفزيوني الكردي الفضائي في أوروبا. فقد سبقتها كل من محطتي"ميد تي في"و"ميديا تي في"اللتين أُغلقتا، بضغط من الحكومة التُّركية. وحتى هذه الفضائية الجديدة، كانت وما زالت عرضة للضغوط التُّركية على كل الجبهات، بغية إلحاقها بسابقتيها. لكن المساعي والضغوط الرامية إلى إسكات هذا الصوت الكردي، لم تأت أُكُلها حتى الآن. إذ تلقت هذه الفضائية دعماً منقطع النظير من الأكراد القاطنين في كردستان الموزعة على تركيا وسورية وإيران والعراق، ومن أوروبا، أفراداً وشخصيات ومنظمات ومؤسسات وهيئات إعلامية وحقوقية وسياسية رسمية ومدنية، كردية وأوروبية. وتعتبر"روج تي في"الأكثر متابعة ومشاهدة بين الأكراد. وهي تبثُّ برامجها من العاصمة البلجيكية بروكسيل، على مدى أكثر من 12 ساعة يومياً، وباللغات العربية والتُّركية والسِّريانية والكردية بلهجاتها الثلاث"الكرمانجية، الصُّورانية، الزازية"، في ظاهرة إعلامية فريدة. وتتنوع خطتها البرامجية، فتشمل بث النشرات الإخبارية باللغات الثلاث المذكورة، إلى جانب البرامج الحوارية السياسية منها والثقافية، فضلاً عن البرامج الفنِّية والوثائقية والعلمية والترفيهية والتُّراثية وبرامج الأطفال. وتلعب هذه الفضائية دوراً فاعلاً وناشِطاً في تفعيل التواصل مع الحدث الكردي خصوصاً، وتغطيته، عبر نقل الخبر والمعلومة والتحليل والتعليق عليها. ما من شأنه كسر الحواجز ومظاهر التعتيم. مخاطبة العرب ويقتصر القسم العربي في المحطة على بث النشرات الإخبارية التي يتناوب على إعدادها وتقديمها كل من بنياد جزيري وطارق حمو. إضافة إلى برنامجين آخرين هما"أحداث وقضايا"الذي يعدُّه ويقدِّمه بنياد جزيزي، وبرنامج"الرأي"الذي يعِدُّه ويقدِّمه نواف خليل. ويبدو أن التوجُّه العام لهذا القسم مركز على مخاطبة المشاهد العربي، لوضعه في صورة الواقع الكردي عموماً، وتسليط الضوء على تفاعلاته السياسية خصوصاً. وتأخذ تغطية أوضاع أكراد سورية وأخبارهم في هذا القسم، حصة الأسد، إلى جانب الحدث الكردي في بقية البلدان، فضلاً عن أخبار العالم. وعلى رغم الأداء المتواضع، إلا أنه استطاع إحداث تأثير مهم وفاعل، مستقطباً حيّزاً واسع النِّطاق من المتابعين والمهتمِّين بالشأن الكردي من العرب والأكراد. وبات متنفساً للآراء الكردية والعربية المطالبة بالحرِّية والدِّيموقراطية للتلاقي والتحاور والتعبير عن الذات. خلل راهن ويلاحظ المراقبون ان الأداء الإعلامي في القسم العربي، لا يرتقي الى أداء القسم الكردي في هذه الفضائية، لجهة افتقار الكادر العامل فيه الى الخبرة التي تؤهِّله لتقديم مادة إعلامية إخبارية مستوفية المعايير الناظمة للفعل الإعلامي الاحترافي، بخاصة في شكل تقديم الخبر والتقارير المصورة المصاحبة له. وقد يكون عدم وجود شبكة من المراسلين لهذه القناة - وظيفتهم نقل الحدث من أرضه - ناجماً من ظروف وضغوط استثنائية معروفة تعانيها الحال الكردية عموماً، وهذه القناة خصوصاً. يذكر ان البرنامجين المذكورين أعلاه "أحداث وقضايا"وپ"الرأي" هما أخفُّ وطأة من النشرات الإخبارية، خصوصاً البرنامج الأخير الحِواري الذي يستضيف فيه نواف خليل كتاباً ومثقفين وساسة كرداً وعرباً، طارحاً عليهم أسئلته، والتي غالباً ما تتناول الوضع الكردي السُّوري، والتداول حول إشكالاته. مهما يكن من أمر، يلاحظ أن هناك طموحاً جاداً لدى العاملين في هذا القسم للرفع من مستوى أدائه الإعلامي. لكن هذا الطموح غير كاف، ويتطلب اهتماماً وتركيزاً حقيقيين من القائمين على القناة.