يلاحظ متابعون للإعلام الكردي طغيان «التحزب» السياسي على غالبية القنوات التلفزيونية وتبعيتها للمال السياسي الذي يروّج لإيديولوجيته عبر خطاب إعلامي بعيد من المهنية، مستشهدين بالنشرات الإخبارية التي تأخذ طابع صراع بعيداً من الحياد والموضوعية. هذه القنوات، منها ما يُبث من أوروبا وأخرى من إقليم كردستان العراق أو من جنوبتركيا (حيث الغالبية الكردية) أو حتى سورية (مناطق الإدارة الذاتية الكردية). ويسود الفضاء التلفزيوني الكردي أكثر من 30 قناة، غالبيتها فنية وغنائية، والقليل منها تقدم خدمة إخبارية معلوماتية، إلا أنها لم تفلت من اتهامات تبعيتها لجهات سياسية وإيديولوجيات ضيقة. الصراع الإيديولوجي يتصاعد، لكنّ القائمين على الفضائيات الكردية ينفون «اتهامات» التحزب هذه، ولعل أبرز قناتين تقفان في صف المواجهة السياسية - الإعلامية، هما «روناهي / النور»، و «روداو / الحدث». «روناهي» قناة كردية تبث من العاصمة البلجيكية بروكسيل، ذات جماهيرية واسعة، لكنها تتعرض لانتقادات بأنها تابعة لحزب الاتحاد الديموقراطي الكردي PYD أو حركة المجتمع الديموقراطي الكردية (تف دم). انطلق بث القناة في 2011 ل «متابعة أحداث ومجريات ثورة «روجآفا، (أي غرب كردستان أو كردستان سورية)، وفقاً لرؤية شاملة وانطلاقاً من مبدأ نقل حقائق وواقع هذه الثورة الإنسانية التي تنخرط فيها كل المكونات، وبهدف إيصال صوت ومطالب هذه المكونات للعالم أجمع»، وفق رؤية القناة. ولدى القناة استوديوات في المقاطعات الثلاث (الجزيرة وكوباني وعفرين) وبدأت بالبث المباشر من مدينة القامشلي الكردية، شمال شرقي سورية. ينفي أحد مديري القناة بنياد جزيري تبعية القناة لأي جهة حزبية أو تيار سياسي، مؤكداً ل «الحياة» أنها «فضائية مستقلة تضع نصب أعينها هدفاً رئيساً وهو أن تكون صوت كل الشعوب المتعايشة في روجآفا وسورية، ولا تدخر جهداً لتحقيق هذا الغرض عبر الوصول إلى كل المكونات وإيصال معاناتها ومطالبها، وهذا الأمر يمكن استشفافه بكل جلاء من خلال نشراتها الإخبارية وبرامجها». ويضيف جزيري، وهو معد ومقدم برنامج «هلوست»: «تولي القناة اهتماماً خاصاً بالمرأة، والشباب، والعلاقات الاجتماعية، ونبذ التطرف والكراهية ومجمل النشاطات والفعاليات التي تهدف إلى توطيد دعائم التعايش المشترك بين مكونات روجآفا وترسيخ الإدارة الذاتية الديموقراطية». وسبق أن أعلن الأكراد عن إقامة إدارة ذاتية في مناطقهم بسورية، وأسسوا ما أشبه بحكومة وإدارات وإعلام وما إلى ذلك. المدير العام لفضائية «روداو» الكردية، التي تنطلق من عاصمة إقليم كردستان العراق (أربيل)، أكو محمد، يقول ل «الحياة» إن «الطبيعة الإعلامية للقنوات الإخبارية في العالم كله تخضع للتمويل، وفي الوضع الحالي الصعب بات الإعلام يعتمد على المصادر الخارجية لا التمويل الذاتي، إما عبر شركات تجارية وإما عبر إيرادات الإعلانات، ونحن نعتمد على الشركات، كوننا لا نحصل على المال الوفير كغيرنا من القنوات، ولكن التمويل لا يؤثر في قرارنا». ولا يرى أكو قناته «روداو / الحدث» في موضع منافسة حزبية مع أي قناة كردية أخرى، بل نقدم «خدمة المعلومات والأخبار للمجتمع لخلق المناقشة بين الأفكار في الشارع الكردي أو المجتمع الكردستاني، علماً أنه ليس لدينا طراز تقليدي أو خطاب إعلامي بمعناه الإيديولوجي، بل ساعات طويلة من البث المباشر، ما يخلق مشاكل مع العديد من الأطراف السياسية الكردية». وعادة ما تتهم أوساط سياسية وإعلامية كردية شبكة «روداو» الإعلامية بتبعيتها لحزب الديموقراطي الكردستاني، الذي يتزعمه رئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني، غير أن مدير الشبكة أكو محمد يرفض هذه «الأقاويل»، واصفاً إياها ب «غير الدقيقة»، وأنها «لا تخدم المصلحة الإعلامية والخدمة الإخبارية المعلوماتية التي تقدمها القنوات عموماً». هناك عدد من القنوات الكردية الأخرى التي تعتمد على الأخبار، مثل «كوردستان تي في»، «ستيرك»، «كورد سات»، «كي إن إن»، و «نوروز تي في»، «تي آر تي 6»، وغيرها... وكلها تسعى إلى الوصول الى جماهيرية «روداو» و «روناهي»، علماً أن «تي آر تي 6» أيضاً لديها قاعدة شعبية، وهي تركية ناطقة بالكردية، ولكنها تتبع للحزب الحاكم في تركيا؛ حزب العدالة والتنمية، بالتالي تروج لإيديولوجيته.