بدأت المجزرة التي ارتكبتها قوات أميركية في مدينة حديثة العام الماضي تتكشف، اذ تبين أن محققاً عسكرياً أميركياً عثر على تناقضات بين الحقائق على الأرض ومزاعم مشاة البحرية الأميركية المارينز بأن 24 مدنياً قُتلوا في انفجار عبوات زُرعت على جانب الطريق، إثر مقتل أحد جنود المارينز في 19 تشرين الثاني نوفمبر الماضي. ونقلت صحيفة"نيويورك تايمز"عن مسؤول عسكري أميركي رفيع المستوى في العراق أن أحد أهم الأدلة على تناقض الرواية الرسمية مع الواقع، كون جثث الضحايا مصابة بالرصاص وخصوصاً في الرأس والصدر، ما يعني أنهم لم يقتلوا في انفجارات كما ادعى جنود المارينز. وذكر المسؤول الذي أُوجز بما خلص اليه تحقيق أجراه الكولونيل غريغوري واط في الحادثة أن"هناك تناقضات كافية"تحول دون قبول رواية المارينز. كما كشف الكولونيل واط أن القوات الأميركية دفعت حوالي 38 ألف دولار تعويضات الى ذوي الضحايا المدنيين، بعد أسابيع من الحادثة، لافتاً الى أن مبالغ مالية دفعت الى 15 عائلة فقط، لأن بقية الضحايا 9 اتهموا بارتكاب أعمال عدائية ضد جنود أميركيين. وبعد دفع هذه التعويضات، طالبت عائلات الضحايا الباقين بمبالغ مماثلة، مؤكدة أن أبناءها لم يتعدوا على القوات الأميركية. الى ذلك، وعد البيت الأبيض بنشر التفاصيل المتعلقة بمقتل 24 مدنياً على الأقل بأيدي القوات الاميركية في بلدة حديثة عند انتهاء التحقيق العسكري. وجاء تصريح البيت الأبيض بعدما اتهم النائب الديموقراطي عن بنسلفانيا جون مورتا مجدداً القوات الأميركية بتغطية مقتل 24 مدنياً في حديثة. وقال الناطق باسم البيت الأبيض توني سنو إن قوات المارينز لعبت"دوراً ناشطاً وجريئاً في التحقيق في الادعاءات التي تناولتها". وأضاف:"أُبلغت وأُكد إلي اليوم عندما سألت عن هذه القضية أن جميع التفاصيل ستكون متوافرة للجمهور". وكان مورتا الذي قاتل في حربي كوريا وفيتنام، اتهم في 18 أيار مايو جنود المارينز بقتل مدنيين عراقيين أبرياء بعد مقتل أحد زملائهم. وقال إن"رد قواتنا مفرط في القوة بسبب الضغط الذي تتعرض له. إنها تقتل مدنيين أبرياء بدم بارد". وتحدث مورتا عن الحادث الذي وقع في 19 تشرين الثاني نوفمبر العام الماضي، معترضاً على الرواية الرسمية الأميركية في شأنه قائلاً:"لم تقتل قنابل وضعت على حافة الطريق هؤلاء الأبرياء". وجاءت اتهامات مورتا بعدما ذكرت مجلة"تايم"نقلاً عن مجموعة عراقية للدفاع عن حقوق الانسان وسكان في حديثة في 27 آذار مارس الماضي أن جنوداً من المارينز ألقوا قنابل يدوية على منزل في هذه البلدة، ما أدى الى مقتل 14 عراقياً بينهم نساء وأطفال. وجدد مورتا أمس اتهاماته للسلطات العسكرية الأميركية، موضحاً أنها دفعت تعويضات الى أسر الضحايا، لافتاً الى أن ذلك يدل على أنها اعترفت بمسؤوليتها عن قتل المدنيين. وقال في حديث الى شبكة التلفزيون الأميركية سي أن أن أنهم"دفعوا بين 1500 وألفي دولار وهذا لا يحدث من دون أمر من السلطات العليا". وقال رداً على سؤال عما اذا كان هذا المبلغ هو"تعويضات":"نعم وهذا لا يحدث إذا كان الأمر يتعلق بانفجار عبوة". وكرر اتهاماته لعسكريي مشاة البحرية بأنهم يحاولون"التغطية"على مقتل المدنيين. وقال إن"هذا ما يثير قلقي. نُقاتل في حرب من أجل المثل العليا الأميركية أفكار الديموقراطية ويحدث أمر كهذا. إنهم يحاولون التغطية على القضية". وتابع أن"الأمر يعادل ما حدث في أبو غريب من السوء إن لم يكن أسوأ"، لافتاً الى أن جرائم من هذا النوع يجب أن تلاحق في حزم"ليفهم العالم أننا لا نغفر أمراً كهذا". وأكد سنو أن الرئيس جورج بوش مهتم بهذه المعلومات، لكنه أوضح أن الرئيس الأميركي لم يطلع على القضية سوى من مستشاره للأمن القومي ستيفن هادلي وبعدما نشرت مجلة"تايم"مقالاً عن القضية في آذار مارس الماضي. وأضاف:"أعتقد بأن أي شخص سمع بهذه القضية اهتم بها في درجة ما ومن المستحيل ألا يكون الأمر كذلك". وتابع:"لكن الرئيس يسمح لسلسلة القيادة أيضاً بأن تفعل ما عليها أن تفعله في وزارة الدفاع وهو استكمال التحقيق"، مؤكداً أن"المارينز يقومون بدور نشيط وجريء في هذا الأمر".