منذ الإعلان عن مشروع قناة"ميدي 1 سات"المغربية، ظلت هذه المحطة لغزاً تلفزيونياً. فباستثناء التصريح الذي أدلى به مدير القناة العام الفرنسي بيار كازالتا للقناة الثانية المغربية، وعبر فيه عن سعادته كونه أول من استدعته الهيئة العليا للاتصال السمعي - البصري للدفاع عن القناة أمام لجنة الاستماع، آثر كازالتا الصمت. وعلى رغم تجاوز الهيئة الموعد الذي حددته لمنح التراخيص 4 نيسان/ أبريل الماضي تدل كل المؤشرات الى أن هناك رخصة أكيدة، تلوح في الأفق لقناة"ميدي 1 سات"ضمن أول جيل من قنوات زمن التحرير في المغرب. ويصف المراقبون في المغرب مشروع كازالتا التلفزيوني بالمهم اذ من المرتقب أن يحدث نقلة في المشهد السمعي - البصري المغربي، الموسوم بالجمود منذ عقود. كما من شأنه أن يدفع الصحافيين المغاربة الذين هاجروا إلى فضائيات عربية إلى العودة، بعد التوصل إلى اتفاق نهائي مع مسؤولي"ميدي 1 سات". تعتيم إعلامي وفي غياب أي معلومات رسمية من إدارة القناة الجديدة، وفي ظل التعتيم الإعلامي، بدأ فجأة السؤال عن لبناني اسمه بول حتي. وبول حتي، صحافي عمل سابقاً في قناتي"أم بي سي"وآي أن أن"، استلم موقعاً مهماً في المحطة المغربية الجديدة، وقام برحلات إلى البحرين والإمارات ولبنان وباريس وقطر، للالتقاء بوجوه إعلامية مغربية مهاجرة وعربية، للتفاوض على إمكان الالتحاق بالتلفزيون الجديد. وذكرت مصادر واسعة الإطلاع، أنه حصل على 500 ألف يورو ل"التنقيب"عن إعلاميين أصحاب كفاءة، في إطار عقد يمتد لسنتين فقط. وإضافة الى جولة حتي خارج المغرب، حل مسؤول القسم العربي في"ميدي 1 سات"في الدار البيضاء، حيث أجرى لقاءات مع صحافيين من المغرب، ممن يشتغلون في القناة الأولى والثانية، فضلاً عن أسماء عربية تعمل في مكاتب قنوات فضائية في المغرب. وتحدثت مصادر، عن احتمال التحاق محمد التميمي وأنس بن صالح بطاقم الفضائية المغربية. وكان التميمي اشتغل سابقاً في فضائية"العالم"الإخبارية في العاصمة الإيرانية طهران، قبل أن يعود إلى القناة الأولى المغربية. أما أنس بن صالح، فصحافي مغربي يعمل في قناة"أبو ظبي"الفضائية. ومن المتوقع أن يتفاوض بول حتي مع صحافيين من الجزائر وتونس وموريتانيا، لتأكيد الطابع المغربي للقناة الجديدة. ويراهن مسؤولو"ميدي 1 سات"، على استقطاب أفضل صحافيي القناة الثانية المغربية،"دوزيم"، في عملية"تصفية حساب"مع"دوزيم"التي كان انتقل اليها افضل صحافيي إذاعة"ميدي 1". على صعيد آخر تشير تقارير إخبارية مغربية إلى أن رأسمال قناة"ميدي 1 سات"يقدر بنحو 15 مليون يورو. وتساهم في هذا الرأسمال مؤسسة"فيبار هولدينغ"ب25 في المئة، وهي مؤسسة أنشأها صندوق الإيداع والتدبير في المغرب للسهر على تسيير أمواله في هذا المشروع. ومن المساهمين أيضاً في رأسمال القناة الوسيط الأول في مجال الهاتف المحمول والثابت والإنترنت في المغرب، شركة"اتصالات المغرب"المساهمة بنسبة 25 في المئة. ومن فرنسا تساهم المؤسسة الدولية للإذاعة والتلفزيون، بنسبة تناهز 26 في المئة، فيما تساهم إذاعة"ميدي 1"ب24 في المئة من الرأسمال. وفي هذا السياق يذكر البعض بخطاب الرئيس الفرنسي جاك شيراك في آخر زيارة رسمية له للمغرب قبل ثلاث سنوات، وأكد فيه أهمية انخراط باريس في هذا المشروع الإعلامي "ميدي 1 سات"، لأن نجاحه من شأنه أن يساهم في خلق تفاهم أفضل بين الرباطوباريس، وبين الشعبين المغربي والفرنسي، على خطى النجاح الذي حققته إذاعة"ميدي 1". ويتوقع المسؤولون الفرنسيون من هذه القناة أن تساهم في تحصين الثقافة الفرنكوفونية في شمال أفريقيا والشرق الأوسط. ويرى خبراء أن"ميدي 1 سات"ستكون محامياً عن السياسية الفرنسية الخارجية، وعن مصالحها الإقليمية. أما في ما يتعلق بالشأن الداخلي الجزائري فستنتهج المحطة سياسة إذاعة"ميدي 1". ولا يقف الحضور الفرنسي في القناة عند هذا الحدّ، بل يشمل أيضاً شركات الإنتاج الفرنسية الكبرى التي أوكلت إليها مهمة إنتاج برامج تلفزيون الواقع، ومن بينها"إند مول فرنسا"التي تتولى إنتاج"ستار أكاديمي"على قناة"تي أف 1"الفرنسية. وستبث القناة نشرات إخبارية باللغتين العربية والفرنسية. وعلى رغم ما قيل سابقاً، يلاحظ المراقبون تراجع الاهتمام الفرنسي بهذه القناة، ما يفسر تأخر البت بالمشروع. فبعد ان ناقش الموضوع البرلمان الفرنسي على اعتبار أنه دعامة سمعية بصرية للثقافة الفرنكوفونية في العالم العربي، إلى جانب قناة TV5 - الشرق، التي تبث برامجها على القمر الاصطناعي"نايل سات"، إلا أن ظهور فكرة قناة إخبارية فرنسية، تبث برامجها باللغة العربية، وتوجه للعالم العربي، دفع إلى سحب أي دعم مالي حكومي فرنسي عن القناة. إذاً أنظار المشاهد المغربي مصوبة نحو قناة"ميدي 1 سات"المزمع إطلاقها"بقوة"في الأسبوع الأخير من تموز يوليو المقبل، ما قد يجعل صيف المغرب التلفزيوني حاراً جداً