شيئاً فشيئاً وبروية بدأت قناة «ميدي1 سات» الإخبارية التي تبث من مدينة طنجة المغربية، تحتل دورها كقناة إخبارية في شمال إفريقيا. وهو أمر لم يكن ملحوظاً خلال الفترة الأولى لانطلاقتها قبل أكثر من ثلاث سنوات، أي منذ كانون الأول (ديسمبر) 2006. إذ ظهرت قناة «ميدي 1سات» من رحم إذاعة «ميدي 1» الشهيرة باسم قناة المغرب العربي. وورث التلفزيون النعت الإقليمي مباشرة. لكن ما يميز القناتين معاً، الأثيرية والصورية، هو ازدواج اللغة في العرض، العربية والفرنسية، في تواتر استطاع أن يصنع قبولاً كبيراً عند المستمعين، وساهم في ذلك الحرفية الكبرى لطاقمها الإخباري المعتمد على شبكة واسعة من المراسلين في الداخل وعبر العالم، بالإضافة إلى اعتمادها على عدد من المستشارين والاختصاصين في كل المجالات. أنشئت الإذاعة الأم المسماة إذاعة البحر الأبيض المتوسط الدولية سنة 1980 من مغاربة وفرنسيين لنشر الثقافة المغاربية والفرنكوفونية والمغربية، مع مراعاة تناغم وتوازن وتوزيع في الاهتمام ما بين الثقافتين. وقد استطاعت أن تفرض وجودها وتصنع لها مستمعين أوفياء طيلة تاريخها، كما كانت السباقة في التغطيات وتوفير الخبر مقارنة بعدد من المحطات المغاربية. لكن المرور نحو المجال البصري وإن فرضه واقع حال الإعلام والتكنولوجيا عالمياً، لم يكن مضمون النتائج في البداية، بخاصة أن القصد، كما بدا، كان إيجاد موقع في خريطة الفضائيات التي تُمطر سكان المغرب العربي يومياً من الشرق والغرب على حد سواء، والاستفادة في ذلك من خبرة ونجاحات القناة الإذاعية الدولية. والظاهر أنها وجدت المكان. والدليل انه ليس غريباً الآن مشاهدتها في الشاشات الكبرى للمقاهي الكثيرة التي تؤثث فضاءات المدن المغربية، إلى جانب قناة الجزيرة «الراسخة» والقنوات الرياضية وقنوات الحيوانات الطاغية. كما أنها كانت حاضرة في الأحداث السياسية الكبيرة التي عرفتها المنطقة من خلال التغطية الخبرية اليومية وشبكة المراسلين في قلب الحدث. وكان ذلك جلياً في الانتخابات الرئاسية في الجزائر وموريتانيا، بحيث صار هناك صوت «إقليمي» للخبر، وهو رهان القناة الأساسي. وراهنت القناة أيضاً على معطى تلفزيوني مكمل للخبر الحي والتحليل هو الحوارات المباشرة من داخل الأستوديو. وراهنت على معطى ثان له أهمية قصوى، وهو أكبر إضافة تقدمه للمشاهد، ونعني به برمجة أفلام وثائقية تاريخية وجغرافية تتمتع بالجدية والابتكار والمعرفة. وتعتمد القناة على فريق عمل يناهز المئتي شخص ينتمون إلى عشر جنسيات، يساهمون في تقديم 25 نشرة إخبارية باللغتين. ويبدو أن سؤال اللغة الفرنسية الذي كان دائماً سؤالاً مطروحاً لم يعد يثير أية ردود، فالمهنية سادت ومحته، بالتالي صارت القناة تعكس واقع حال حقيقي هو إزدواجية اللغة في المنطقة المغاربية. كل هذا جعل للقناة حضوراً يتأكد، بخاصة بعد تغيير رأس هرم الإدارة ومجيء الإعلامي مصطفى ملوك كمدير عام للقناة عوضاً عن المدير الفرنسي السابق بيير كازالطا الذي كان يثير الكثير من الردود المختلفة حول سياسته الإعلامية منذ إنشاء الإذاعة ثم القناة في ما بعد، الأمر الذي أثر في السياسة الإخبارية. بعض الإحصاءات يفيد بأن «ميدي 1 سات» صارت المحطة الثالثة الأكثر مشاهدة مغربياً، من هنا، ونتيجة لهذا الحضور الإعلامي الملحوظ، ستدخل القناة مجال العمومية. كما تقرر أن تخصص، إلى جانب البث الفضائي المغاربي، قناة أرضية ستكون القناة المغربية العمومية الثالثة.