لم يفز المنتخب الانكليزي بكأس العالم لكرة القدم طوال تاريخه إلا مرة واحدة فقط، وتحققت عام 1966 في ظل ظروف لا تتكرر كثيراً، البطولة أقيمت على أرضه ووسط جمهوره، والتحكيم لعب دوراً مهماً في مساعدته، لاسيما في احتساب الهدف الثالث لجيف هيرست في المباراة النهائية ضد المانيا الغربية، من دون التأكد من عبور الكرة خط المرمى. ولكن الانجاز لم يتكرر، وكان الوصول الى الدور نصف النهائي في مونديال ايطاليا 1990 أبرز ما حققه الانكليز واكتفوا بالمركز الرابع، ولم يعبر منتخب انكلترا ربع النهائي في أي دورة أخرى. الطموحات في 2006 مختلفة، والكثيرون يرون أن الانكليز قادرون على تحقيق الحلم في نهائيات المانيا، والاسطورة الارجنتينية الدائمة في عالم كرة القدم تراها ممكنة ايضاً، النجم ارماندو دييغو مارادونا الذي حرم انكلترا من تجاوز ربع النهائي في مونديال 1986، أكد في حوار مع هداف انكلترا ومونديال 1986 غاري لينيكر أن الأمر ممكن وقال مارادونا:"انكلترا لديها الآن أفضل منتخب شارك في نهائيات كأس العالم منذ زمن بعيد، ويجمع هذا الفريق بين الخبرة الكبيرة والمهارة العالية، والأهم هو وجود المهاجم الخطر واين روني، واعجابي به شديد جداً فهو لديه شخصية مميزة، ولو تمكن من اللحاق بالمونديال وهو في حال بدنية طيبة سيؤثر ايجاباً لمصلحة فريقه"، الغالبية من خبراء كرة القدم في انكلترا تتفق في الرأي مع مارادونا في إمكان صعود الانكليز الى منصة التتويج والحصول على كأس العالم 2006. والعجيب ان عدداً كبيراً من الخبراء يحملون ظاهرة واحدة وهي التشاؤم من عدم قدرة المدير الفني السويدي لمنتخب انكلترا غوران سفين اريكسون على تحقيق الطموحات الكبرى، ويخوض اريكسون في المانيا مهمته الأخيرة مع المنتخب، ولن يجدد الاتحاد الانكليزي عقده معه، ويبحث المسؤولون في الاتحاد عن البديل المناسب الذي يمكن أن يتحدد في أي لحظة. النجم الاسكتلندي اندي غراي أحد أبرز لاعبي الثمانينات في الدوري الانكليزي قال:"أدركت من بداية الموسم ان المنتخب الانكليزي لو أداره احد المدربين الاكفاء امثال مدرب تشيلسي بطل الدوري البرتغالي خوسيه مورينيو، أو الفرنسي ارسين فينغر الذي قاد ارسنال الى نهائي دوري أبطال أوروبا او الاسكتلندي سيراليكس فيرجسون مدرب مانشستر يونايتد، عندها فقط تزيد جداً فرص فوز انكلترا بكأس العالم عن فرصته مع اريكسون". واضاف غراي:"منذ تولي اريكسون تدريب المنتخب لم أر منه جديداً او شيئاً جيداً، لا سيما في المباريات الصعبة التي تسير في غير مصلحته وتحتاج الى تدخلاته الفنية، وهو الأمر الأكثر اهمية لكشف قدرات المدرب، وليس غريباً أن يفوز منتخب انكلترا في 8 مباريات من اصل 10 بغض النظر عن اسم المدرب وكفاءته، لأنها مسألة تتعلق بكفاءة اللاعبين الانكليز، والمدربون العباقرة يكشفون عن امكاناتهم الحقيقية في المباريات الكبيرة والبطولات المهمة، ومنذ تولي اريكسون مهمته لم يفعل شيئاً في الجانبين، ولم يتأهل المنتخب الانكليزي الى نصف النهائي سواء في بطولة اوروبا 2000 او 2004 او في كأس العالم 2002، وعجز اريكسون عن قيادة المنتخب للفوز على البرازيل - وهي تلعب بعشرة لاعبين - في ربع نهائي المونديال الأخير، وتكرر الامر في مواجهة المنتخب البرتغالي الضعيف في بطولة أوروبا 2004". وتتفق الصحافة الانكليزية مع غراي في أن اريكسون لم يتمكن من الحصول على أكبر جهد أو طاقة أو مهارة من لاعبيه، وهو ما جعل المنتخب دائماً أقل من مستواه الحقيقي، ولو فشل الانكليز في الوصول الى نصف نهائي مونديال المانيا 2006 سيكون اريكسون المخطئ الأكبر. وتوجه الصحافة لوماً شديداً للسويدي اريكسون بسبب فشله الدائم في شحن كابتن انكلترا ديفيد بيكهام بالدوافع للحصول منه على أفضل وأقوى عطاء، وهو غير قادر ايضاً على الزامه باللعب في الجانب الايمن وفقاً لطريقة اللعب، وينضم بيكهام باستمرار الى وسط الملعب، ما يفسد الأداء ويربك زملاءه ويقلل من فاعلية الجبهة اليمنى للفريق. ولا ينسى أي انكليزي ان منتخب ايرلندا الشمالية لم يفز لعشرات السنين على انكلترا إلا عندما تولى اريكسون تدريب المنتخب في تصفيات كأس العالم الأخيرة، على رغم أنه الأغلى في تاريخ المدربين الذين تولوا المهمة، وراتبه في عقده مع الاتحاد في السنوات الأربع الأخيرة وصل الى 5 ملايين جنيه استرليني سنوياً. وترفض الصحافة الانكليزية العزف على نغمة ان اريكسون أجنبي، وأنه لا يعرف الجانب القومي في فوز انكلترا بالألقاب العالمية، ولكنها تركز على الفقر الفني الشديد عند اريكسون في التعامل مع لاعبيه على كل الأصعدة، وتوجه له اللوم في إصراره على تخصيص لاعب وسط مدافع بلا دور حقيقي إلا إفساد هجمات المنافسين وهو أمر مهم للمنتخبات الضعيفة التي تسعى للتعادل وتخشى الهزيمة ولكن المنتخب الانكليزي أكبر من هذا الأمر الذي أهدر جهود نيكي بات في كأس العالم 2002 ومن العبث أن تذهب جهود نجم فنان مثل فرانك لامبارد او ستيفن غيرارد وهما ثاني وثالث أحسن لاعب في العالم خلف البرازيلي رونالدينيو في عام 2005 - في واجبات يمكن ان يقدمها لاعب مجتهد بلا إمكانات ولا مهارات، ومن العبث ايضاً أن يجلس احدهما احتياطياً لاتاحة الفرصة للاعب مدافع وسط الملعب. الجميع في انلكترا متفائل قبل كأس العالم ولا يصيبهم بالقلق إلا أمران، أولهما سرعة شفاء واين روني بعد اصابته العنيفة في مباراة تشيلسي، وثانيهما المدير الفني السويدي اريكسون في مهمته الأخيرة مع المنتخب. ولم يخف اريكسون استعداده لضم واين روني الى قائمة انكلترا في كأس العالم، على رغم وجود قدمه في الجص، وأكد أن روني شجاع وإرادته قوية ويمكنه التبكير بالشفاء، خصوصاً في ظل التقدم الطبي ووضع قدمه في خيمة اوكسجين لساعات عدة يومياً، وأعلن اريكسون أهمية الاستفادة من روني في الهجوم حتى لو اضطر المنتخب الانكليزي إلى خوض كل مبارياته في الدور الأول للنهائيات ضد ترينداد وتوباغو وباراغواي والسويد من دونه، ولكن حاجة المنتخب إليه في المباريات الصعبة اعتباراً من ثمن النهائي ستكون ماسة جداً. ولا يعبأ اريكسون بالهجوم الشديد ضده، سواء من الصحافة ام من الخبراء، ولا يسعى للرد عليه، ولديه كلمتان قصيرتان عند سؤاله عن النقد الذي يتعرض له وهما"لا تعليق"، ويثير هذا الهدوء الزائد من حمية النقد ضده، واشارت إحدى الصحف تحت عنوان"الان أو أبداً"الى أن فوز انكلترا بكأس العالم 2006 قريب جداً، واذا لم يتحقق في هذا الجيل الفذ فلن يتحقق أبداً، وطالبت بضرورة محاسبة المدرب اريكسون اذا لم يفز بكأس العالم، وألا ينتهي الأمر برحيله في صمت بعد 6 سنوات من الجلوس على مقعد المدير الفني، وارتفاع رصيده في البنوك إلى أكثر من 40 مليون جنيه استرليني من جيوب دافعي الضرائب في انكلترا. والسؤال الثاني الذي يرفض اريكسون الاجابة عليه ويثير غضب الصحافيين ايضاً ضده، حول الدور الذي يجب ان يلعبه ثلاثي الوسط ديفيد بيكهام وفرانك لامبارد وستيفن غيرارد، وهو يتمسك بإشراكهم معاً للاستفادة من مهاراتهم، ويرى الكثيرون من الخبراء أن وجودهم معاً يحرم المنتخب من اللاعب المدافع في وسط الملعب، ويتحول الوسط الى مجموعة من اللاعبين الباحثين عن الهجوم، والكشف عن مهاراتهم من دون النظر إلى مصلحة المنتخب.