عذراً، إنها ضرورة الحدث التي تدفعني إلى الكتابة عن المطربة أحلام للمرة الثانية على التوالي. والحدث هو حصول أحلام على شهادة دكتوراه فخرية من مؤسسة إنسانية في باريس... تهافتت وسائل الإعلام على نشر الخبر، وكان رد الفعل غريباً تجاه الحدث والشهادة! ولعل أبرز الردود التي أخذت صدى كبيراً، هو تعليق الفنان محمد عبده، وردّه الساخر على شهادة أحلام. لكن لفئة كبيرة من الناس، أنا منهم، وجهة نظر مختلفة تماماً: أولاً، يلفت انتباه بعض المتابعين المبالغة التي اعتمدتها حملة الصحافة الخليجية الساخرة، وبعض الأقلام المتهكمة، خصوصاً تلك التي اعتبرت منح شهادة فخرية تكريمية، مسرحية كوميدية خطيرة! يخيل لقارئ تلك المقالات أن أصحابها يتحدثون عن فيلم"اللمبي"... هؤلاء يعرفون أن الشهادات الفخرية تمنح من جهات وهيئات لأشخاص تميزوا بدور فني أو إنساني مؤثر، ولا تخضع لاعتبارات أكاديمية تقليدية، لكنهم غضوا النظر عنها عندما وصلت القصة إلى أحلام. ثم لماذا لم يعترض أحدهم يوماً على الشهادات والأوسمة التي تمنح للسياسيين ورجالات الدول؟ ثانياً، تلخصت الحملة ضدّ أحلام في تركيز سطحي على بداياتها الفنية. وأشار النقاد إلى أن أحلام كانت"طقاقه"أي مغنية أعراس. هؤلاء تحدثوا بإسهاب عن أحلام ونسوا أن كل مطربي الخليج، من دون استثناء، يغنون في الأعراس. لذا، كان على الصحافيين التخلي عن هذا السلاح الدفاعي القديم، والبحث عن منفذ ثان لمحاربة أحلام. ثم ما العيب في أن يغني مطرب، مهما علا شأنه، في الأعراس؟ ثالثاً، إن هذا الموقف المتعنت والعدائي من أحلام ومن اللقب، غريب. وربما لو منح لأي فنان آخر لكان رد الفعل بسيطاً. وكأن الأممالمتحدة اختارت هذه المرة مطربة من الدرجة العاشرة. وكأن أحلام لا تملك جماهيرية كبيرة ولها عشاقها ومحبوها. وأحلام، لمن لا يعرف، قادت فريقاً من مطربات الخليج بعد انتشارها. هي ساعدت مع نوال ورباب في تقديم الدعم المعنوي لبقية مطربات الخليج، وقدمت صورة جيدة للفن الخليجي بعد أن كان حكراً على الرجال. رابعاً، في سجل أحلام الكثير من الإنجازات الإنسانية، ومن أهمها الغناء لفلسطين والوصول إلى المستمع هناك، والتغني بعروبته وإنسانيته. فضلاً عن مشاركتها في الكثير من الأعمال الخيرية. من لا يذكر اتصالها ببرنامج كويتي كان يناقش قضايا مساجين الشيكات من دون رصيد، ومساندتها بعضهم؟ خامساً، خطوة منح الشهادة لأحلام، قد تجعل فناني الخليج يشعرون بأهمية الفن الراقي، ويحضهم على تقديم الفن الجيد، واستثمار شهرتهم لصالح الأعمال الإنسانية. سادساً، كان على الصحافة التأني في الحديث عن رد فعل محمد عبده. لأن ما يجمع بين فنان العرب وأحلام اكبر من أن يهدمه تفسير خاطئ لتصريح صحافي. وأظن أن هدوء عبده في التعاطي مع الخبر هدوء طبيعي ويقول كل ذلك من باب"الميانة أو المحبة"وتلك لغة لا يفهمها من يستهزئ بالحدث، علماً أن محمد عبده ذاته يستحق شهادات دكتوراه فخرية. أخيراً، معظم الأقلام التي تناولت الحدث تطرقت إليه من باب أن أحلام لا تملك شهادة دراسية أصلاً، علماً أن هذه الأقلام لا تملك شهادات متخصصة أو حتى غير متخصصة. ربما أقصى ما لديها أنها تخرجت من معهد تعليم مهني تقني خراطة أو سباكة. ولم تجد نجاحاً في أي من الورش، فكان باب الصحافة مشرعاً أمامها لتكتب بأسلوب الخراطة. ملاحظة: كلهم، من دون استثناء، يغنون في الأعراس. ملاحظة أخيرة: الخراطة في المفهوم الخليجي هو الكلام غير العقلاني والكاذب.