ساعتها، لم يكن محمد عبده يجيب، كان يصحح مديحا، قالت المذيعة: قدمت صورة محترمة للفنان الخليجي في عيون العرب، قال: لا، حاولت من الأساس، تقديم صورة محترمة للفنان السعودي في عيون السعوديين!، أظنها كانت واحدة من أهم، وأصدق، ما قاله في كل حواراته، لقد حاول ذلك فعلا، فعل كل ما بوسعه، وفي النهاية كان أقل الفاشلين فشلا، لكنه لم ينجح، ظلّت نظرتنا للفنان، وللفن، دونية، لا تعلو إلّا عليه، وعلى فنه، ومسألة تحليل، أو تحريم الغناء، بريئة من دم هذه النظرة، يتكئ عليها من يتكئ، من باب «اللي تغلب به العب به»، المجتمع لا يحترم الفن، بغض النظر عن الفتوى الشرعية فيه، مثله مثل كل المجتمعات العربية، ومنها بلدان كثيرة، لا تقول فتاوى مشايخها بتحريم الفن، والفن بطبيعته مقتحم، يدخل.. يدخل، إن رفضت دخوله من الباب، ومعاملته كضيف، دخل من الشّباك وتصرّف كلصّ، تتعامل معه « نِص كُمّ «، يتعامل معك « لِص كُمّ «! الفن أذكى مما نتخيّل، لا يهتم لكلمات الإطراء ساعة الرضا، ما دام يعرف كيفية انقلابها ساعة الغضب، كل مغن: «دمبكجي»، وكل مغنية: «طقّاقة»! هذه الكلمة الأخيرة، رافقت الفنانة أحلام، في ساعات الرضا والغضب، وكأنها تنتقم منها على نجاحها، حسنا: وماذا لو لم تكن طقّاقة، هل كانت ستنال تقديرا أعلى مما يمنحها المتهكّم؟!، ثم ما معنى «طقّاقة»؟، معناها: مغنية في الأعراس، وعليه فإن أم كلثوم، وعبد الوهاب، وعبد الحليم، وطلال مدّاح، ومحمد عبده، ووردة الجزائرية، وأنغام «طقاقات» و»طقّاقين» أيضا، وإذا كانت المهنة وضيعة، فلماذا ندفع من دم قلوبنا، لتشاركنا أفراحنا، بل وتصنع جزءا مهما من هذه الأفراح؟ آه، تذكرت: نحن مجتمع يحسب الضحك شرّا، فإن ضحك طلب من الله أن يجعله خيرا، وحين يرتكب فرد من أفراده مصيبة، قلنا: جاب العيد!