بعد أن نجحت الأوساط القريبة من رئيس الحكومة الاسرائيلية ايهود اولمرت في تهيئة الرأي العام في الدولة العبرية بأن التهديد المتربص باسرائيل من المشروع النووي الايراني، وليس خطة تجميع المستوطنات، سيكون في صلب المحادثات التي سيجريها اولمرت مع الرئيس جورج بوش غداً في واشنطن، توقعت هذه الأوساط أن تتكلل زيارة اولمرت، الأولى كرئيس للحكومة، بالنجاح خصوصاً في كل ما يتعلق بالعلاقات العامة على خلفية التأكيدات الأميركية بأن اولمرت سيحظى باستقبال حميم من الدرجة الأولى، والتأكيدات الاسرائيلية على أن هذه الزيارة الأولى ضمن سلسلة لقاءات بين اولمرت وبوش ستقود"عندما يحين الوقت"الى دعم أميركي لخطة اولمرت لتجميع المستوطنات وترسيم الحدود، على ما قال السفير الاسرائيلي لدى واشنطن داني ايالون. ونقلت صحيفة"يديعوت احرونوت"عن قريبين من اولمرت أنه لا يعتزم ان يطرح على الرئيس الأميركي في الزيارة الحالية خريطة بالحدود الدائمة للدولة العبرية، وأن توقعاته من الزيارة"متواضعة"تتلخص أساساً في خلق علاقات متينة من الثقة مع الرئيس، وأنه لا يستعجل تحصيل مصادقة اميركية على خطته لتجميع المستوطنات خطة الانطواء لقناعته ان الوقت كفيل بأن تصبح هذه الخطة في مركز الاهتمام الأميركي والدولي"بعد أن يملي الواقع في الأراضي الفلسطينية وعجز الرئيس محمود عباس عن ادارة شؤونها جدول الأعمال ويحرفا الأنظار نحو عملية سياسية كبرى في مركزها الانطواء". وتابعت الصحيفة ان اولمرت، وحيال ادراكه حقيقة ان واشنطن ليست متحمسة في الوقت الراهن لخطته، سيضع مسألة التنسيق معها ضد"التهديد الايراني"في رأس سلم جدول أعمال لقائه بوش، لكنه لن يتمادى فيقدم النصح للأميركيين في سبل مواجهة هذا التهديد أو حضهم على القيام بعمل عسكري كما فعل سلفه آرييل شارون، بل سيكتفي بالقول ان اسرائيل تعتمد على حليفتها الكبرى في هذه المسألة. واشارت الصحيفة الى ان اولمرت سينتهج هذا المسلك ليتفادى تكرار اتهامات في الولاياتالمتحدة كتلك"الموجهة لليهود واسرائيل بأنهم ورطوا الولاياتالمتحدة في الحرب في العراق". وتوقع مراقبون في تل ابيب ان يعلن اولمرت في البيت الأبيض ان اسرائيل ما زالت تتمسك برؤيا الرئيس بوش لحل الصراع وب"خريطة الطريق"الدولية، مكرراً ان المطلوب أولاً ان ينفذ الفلسطينيون الاتفاقات الواردة فيها. في المقابل استبعدوا ان يعلن الرئيس بوش دعمه لخطة اولمرت لتجميع المستوطنات، لكن بعضهم توقع ان يلمح الرئيس الى ان الولاياتالمتحدة، وفي حال تبين لها ان الظروف لاستئناف المفاوضات بين اسرائيل والفلسطينيين لم تتهيأ بعد، ستدعم"افكاراً بديلة". وأشار المراقبون الى ان الرئيس الاميركي يأخذ في حساباته معارضة أوروبا، خصوصاً المانيا وفرنسا، ودول عربية في مقدمها الأردن ومصر والسعودية، اي خطوات اسرائيلية احادية لترسيم الحدود،"هذا فضلاً عن انشغال بوش في قضايا داخلية وفي تطورات الحرب في العراق". واضافوا ان واشنطن ترى ايضاً وجوب انتظار ما ستؤول اليه الاوضاع الأمنية الساخنة في الأراضي الفلسطينية واحتمال سقوط حكومة"حماس"، ما قد يتيح استئناف المحادثات بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية. ورأى المعلق السياسي في صحيفة"هآرتس"آلوف بن ان اولمرت سيسعى جاهداً ليظهر في واشنطن كمن يعنيه قبل كل شيء التنسيق معها في أي خطوة يتخذها وانه سيلتزم امام بوش انه شريك كامل في تطبيق رؤيا الرئيس بوش القائمة على حل دولتين لشعبين، ويضيف ان خطته لتجميع المستوطنات في الضفة الغربية تتواءم و"خريطة الطريق"الدولية. ولفت المعلق الى حقيقة ان قرار الحكومة الاسرائيلية أمس نقل أدوية وعتاد طبي بقيمة 11 مليون دولار اقتطعت من الأموال المستحقة للسلطة الفلسطينية التي تحتجزها اسرائيل والقرار بمتابعة ملف البؤر الاستيطانية في الضفة اتخذا لإرضاء واشنطن وإزالة خلافات ممكنة من أجواء الزيارة. وقال السفير ايالون ان محادثات اولمرت في المسألة الفلسطينية ستتناول العلاقات مع الرئيس الفلسطيني ومواصلة عزل حكومة"حماس"والمساعدات الانسانية للفلسطينيين"اما خطة الانطواء فستكون بنداً هامشياً، ولم تكن هناك نية للخوض في تفاصيلها وانتظار أجوبة". وأضاف ان أهمية اللقاء الأول بين اولمرت وبوش تكمن في إنشاء علاقة حميمة بينهما كتلك التي ميزت علاقة بوش وشارون. وزاد ان اولمرت سيؤكد التزام اسرائيل"خريطة الطريق التي تحتاج الى شريك لتنفيذها. واذا لم يتوافر هذا الشريك، فسنتوجه الى خطة الانطواء وسيدعمها الأميركيون عندما يحين الوقت وعندها ستتم عملية تشاور كما حصل في فك الارتباط من غزة". وأوردت صحيفة"هآرتس"ان العاهل الاردني الملك عبدالله الثاني حذر في رسالة بعث بها الى الرئيس الاميركي عن أبعاد الحل الاحادي الذي تنوي اسرائيل تنفيذه في الضفة الغربية.