تواصلت التفاعلات السياسية للاشتباك الذي وقع صباح الأربعاء الماضي في منطقة البقاع الغربي، بين الجيش اللبناني وعناصر من"فتح - الانتفاضة"التي يتزعمها أبو موسى من دمشق، خصوصاً بعد الإعلان عن وفاة المجند في الجيش مصطفى مثلج، متأثراً بإصابته في رأسه خلال الاشتباك، في وقت استمرت ردود الفعل على صدور قرار مجلس الأمن الرقم 1680 الذي شجع سورية على ترسيم الحدود مع لبنان، وإقامة علاقات ديبلوماسية بين البلدين. ونقلت مصادر مقربة من زعيم"تيار المستقبل"النائب سعد الحريري إثر لقائه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعد ظهر أمس في مدينة سوتشي الروسية، انطباعاً فحواه ان امتناع روسيا عن التصويت على القرار 1680 ليس موجهاً ضد لبنان او مطالبه. كما اشارت المصادر الى ان الاستنتاج الذي اعقب لقاء الحريري مع بوتين هو ان موسكو مع احترام القرارات الدولية، ولهذا لم يكن موقفها الاعتراض على القرار لأن الامتناع هو موقف وسطي يتيح لها لعب دور مع دمشق في السعي الى تنفيذه. راجع ص 6 و7 ولفت الاستقبال المميز الذي خص به بوتين ضيفه الحريري في الشكل والمضمون، فامتد لقاؤهما ساعتين وربع الساعة، بعدما كان مقرراً لمدة ساعة، وشمل عرض الاوضاع في المنطقة في الملف النووي الايراني الى تداعيات وصول حركة"حماس"الى السلطة في الاراضي الفلسطينية، مروراً بالوضع في العراق، وطبعاً لبنان سورية. وعامل المسؤولون الروس الحريري كزعيم مهم في لبنان، عبر التدابير الامنية التي امتدت من المطار الى منزل بوتين في مدينة سوتشي. وحدث بوتين في اللقاء الحريري عن علاقته برئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري، مؤكداً صداقته معه فأهدى الحريري الابن الرئيس الروسي الزر الذي يحمل صورة والده فوضعه بوتين على صدره في نهاية اللقاء، قبيل توديعه اياه الى سيارته. وتحدث الحريري الى الصحافيين، بعد اللقاء مؤكداً انه تناول"التحقيق الدولي في جريمة اغتيال والدي، وكان الرئيس بوتين متأثراً بالجريمة، ومصراً على كشف الحقيقة ومعاقبة مرتكبي هذه الجريمة الارهابية، وانه يجب عليهم ان يدفعوا الثمن اياً كانوا، وكرر موقفه هذا مرات، وأكد ان روسيا تسعى بقوة الى كشف الحقيقة من دون تسييس، وقلنا له ان هذا الأمر يهمنا. كما تطرقنا الى الموضوع اللبناني وما يحدث بين لبنان وسورية وشرحنا للرئيس بوتين ان لبنان يقوم بحوار وطني جاد، اذ اجتمعت قياداته السياسية واتفقت على أمور بالإجماع، منها تحديد الحدود وفصل التحقيق الدولي عن العلاقات اللبنانية ? السورية، وكان الرئيس بوتين داعماً لهذا الحوار، ورأى ان ليس امام اللبنانيين سوى الحوار في ما بينهم لأن هذا الحوار مهم جداً ويجب ان يستمر". وأشار الى اهتمام بوتين بلبنان وسورية وايران والعراق، وأضاف:"لديه قلق لكن أفكاره واضحة وهو يعرف من الذي يرتكب الارهاب في المنطقة، وهو داعم للبنان وهذا ما يهمني، لبنان واللبنانيين والعلاقات بين لبنان وسورية". وسئل: هناك انطباع بأن عدم موافقة روسيا على القرار 1680 يدعم سورية فأجاب:"من لا يوافق لديه حق الفيتو اولاً، وثانياً روسيا لديها تحفظات، هذا اكيد، لكن الانطباعات التي يحاولون ان يعطونا اياها عن موسكو لم ألمسها، الرئيس بوتين داعم للقضية اللبنانية وللشعب اللبناني وللتحقيق الدولي وللعلاقات الممتازة ولضرورة إكمال الحوار، ولتنفيذ النقاط التي أنجزت فيه، وكان واضحاً جداً في هذا الموضوع". ورأى ان"في القرار 1680 بعض النقاط التي اجمع اللبنانيون عليها، ونقول منذ شهرين بضرورة تحريك المواضيع التي حصل عليها إجماع، لكن المجتمع الدولي تحرك في هذا الاطار لمصلحة لبنان ويجب ألا نتجاهل القرارات الدولية. والرئيس السنيورة كرر رغبته مرات ليزور سورية ولكن لم تكن هناك استجابة لسوء الحظ". وعلمت"الحياة"ان بوتين شدد على ان بلاده ستنصح سورية بالتعاون مع القرار الدولي وان لدى الجانب السوري اقتناع بوجوب ادارة دمشق الامور بطريقة مختلفة لأن الظروف تغيرت والجانب السوري يدرك ان عليه التعاون مثلما سبق ان دعوناه الى التعاون مع القرار الرقم 1559. وقالت مصادر الوفد اللبناني ان بوتين شدد مرات عدة على اهمية الاستقرار في لبنان كأحد عوامل الاستقرار الاقليمي وان بوتين ابلغ الحريري انه مستعد لاستقباله ساعة يرى حاجة لأن يزور روسيا. وفي بيروت صدرت تصريحات عدة من كبار المسؤولين والقوى السياسية تضامناً مع الجيش بعد الاعلان عن استشهاد الجندي المصاب، وأجرى رؤساء الجمهورية اميل لحود والمجلس النيابي نبيه بري ورئيس الحكومة فؤاد السنيورة اتصالات بقيادة الجيش تؤكد دعمهم لها. وأشار السنيورة الى"تصدي الجيش لمحاولات الاخلال بالاستقرار ورد محاولات التمدد وزعزعة الامن وإضعاف السلطة على اراضيها. وصدر عن الجيش بيان، بعد اللغط الذي أثير في شأن المعلومات عن تعزيز"فتح - الانتفاضة"موقعها في البقاع الغربي بالسلاح اثر اشتباك عناصرها مع الجيش. وأكد البيان قيام المنظمة الفلسطينية باستقدام مسلحين وأسلحة الى الموقع يوم الاربعاء الماضي بعد الاشتباك. وإزاء هذه المواقف، اكدت"فتح - الانتفاضة"في بيان لها مساء حرصها على لقاء المسؤولين اللبنانيين، لتوضيح ما حصل، بعدما كانت طالبت صباحاً بلجنة تحقيق.