عقد رئيس الحكومة اللبنانية فؤاد السنيورة امس، محادثات مطولة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في الكرملين، واعرب بوتين عن قلقه بسبب الوضع الراهن في لبنان، وأمل في"أن يتمكن أصدقاؤنا اللبنانيون من حل مشاكلهم الداخلية مدركين مسؤوليتهم أمام الشعب اللبناني". وأكد ان بلاده ستبذل كل ما في وسعها"من أجل دعم الشعب اللبناني في مجال إعادة بناء الاقتصاد، وتعمير منشآت البنى التحتية، وتطوير العلاقات الاقتصادية الثنائية". وأعرب السنيورة عن مشاعر الامتنان والتقدير للمساعدة التي تقدمها روسيا إلى الشعب اللبناني. واشاد بجهود روسيا في كل المجالات، بما فيها المجال الاقتصادي والمساعدة الإنسانية والدعم الذي قدمته في إعادة بناء لبنان. وثمن جهود موسكو لاستصدار قرار مجلس الأمن الدولي 1701. وأجرى السنيورة مساء جلسة محادثات مع سكرتير مجلس الأمن القومي ايغور ايفانوف. وكان السنيورة اكد لدى وصوله الى موسكو انه سيطلب من القيادة الروسية دعم مشروع تشكيل المحكمة الدولية لمحاكمة المتهمين في اغتيال الرئيس رفيق الحريري في مجلس الأمن، ورحب بدور روسي للتأثير في سورية"من اجل اعادة صوغ العلاقات مع لبنان على قاعدة الجيرة الطيبة والتكافؤ والاحترام". وأشاد السنيورة في تصريحات ادلى بها بالعلاقات الروسية - اللبنانية وقال ان موسكو لعبت دوراً مهماً خلال فترة العدوان الاسرائيلي الاخير على لبنان. وأشاد بالمساعدات الروسية للبنان خصوصاً المساعدة على اعادة بناء الجسور المدمرة، والجهود الروسية داخل مجلس الامن، واستبق لقاء مع الرئيس بوتين بالإعلان عن نيته بحث مجمل الملفات المتعلقة بالوضع في المنطقة والأزمة اللبنانية الحالية. وقال رداً على سؤال لپ"الحياة"انه سيطلب من الكرملين الضغط على سورية من اجل تنظيم علاقاتها مع لبنان، مشيراً الى"حرص اللبنانيين على بناء علاقات ودية مع سورية تقوم على التعاون والمصالح المشتركة والتكافؤ". وتأتي زيارة السنيورة لموسكو قبل ايام قليلة من زيارة رسمية مقررة للرئيس السوري بشار الأسد الى العاصمة الروسية. وأعرب السنيورة عن قناعته بأهمية دعم موسكو مسألة المحكمة ذات الطابع الدولي منوهاً بأهمية جهود موسكو على صعيد تشكيل المحكمة خلال مناقشات مجلس الأمن، وأعرب عن تفاؤله بإمكان تحقيق تقدم على صعيد المناقشات الجارية حول المبادرة العربية، لكنه شدد على ان"التظاهرات ضد الحكومة لن تؤدي الى أي نتيجة". والتقى السنيورة بطريرك موسكو وعموم روسيا ألكسي الثاني، وشدد بعد اللقاء على ان"ما يحدث في لبنان من أحداث ترجع أسبابها إلى خلافات سياسية وليست طائفية أو دينية". وأكد أن"القوى السياسية اللبنانية تريد التوافق"، مشيراً الى انه"سيبذل قصارى الجهد لتحقيق السلام في بلاده". وقال البطريرك ألكسي الثاني خلال اللقاء إن أعمال العنف في لبنان وحوادث اغتيال الشخصيات السياسية مثار قلق لبطريركية موسكو، معبراً عن الأمل بمعاقبة مرتكبي الجرائم. ولفت مسؤول في البطريركية الى ان السنيورة أشاد بدور الكنيسة الأرثوذكسية الانطاكية في تحقيق السلام والوفاق في لبنان. والتقى السنيورة رئيس مجلس الافتاء في روسيا الشيخ راوي عين الدين ووجه اليه دعوة الى زيارة لبنان، وقال في اختتام اللقاء:"أود أن يزور الشيخ راوي عين الدين لبنان ليرى هذه المنطقة، ويلعب دوراً مهماً في تقريب المواقف ووحدة لبنان في الوضع الذي تواصل فيه إسرائيل سياسة الاحتلال في الشرق الأوسط". واعتبر"أن مكانة الشيخ راوي عين الدين تساعد على دعم الحوار بين الحضارات وتحسين وضع المسلمين في جميع أنحاء العالم".پ ولم تستبعد مصادر روسية توجه موسكو للعب دور ناشط من اجل تهدئة الأوضاع في لبنان والمنطقة، من خلال وساطة بين الحكومة اللبنانيةودمشق، علما ان موسكو كانت أعلنت معارضتها الضغوط التي تمارسها واشنطن وباريس على دمشق واعتبرتها"خطأ سياسياً كبيراً". وتأمل موسكو بحسب المصادر في ان يجد السياسيون اللبنانيون والسوريون لغة مشتركة بمعزل عن ضغوط قوى ثالثة. وفي الوقت نفسه تسعى موسكو الى إقناع سورية بعدم رفض التعاون مع المجتمع الدولي في التحقيق في ملابسات جريمة اغتيال الحريري وغير ذلك من المشاكل الشائكة. وأعربت موسكو اخيراً عن دعمها جهود الجامعة العربية الرامية إلى تخفيف حدةپالتناقضات الداخلية في لبنان. وكانت موسكو أعلنت عن رأيها قبل ايام حيال الأزمة اللبنانية الأخيرة على لسان نائب وزير الخارجية الكسندر سلطانوف الذي قال في تصريح صحافي له إنه يرى ضرورة ألا يؤدي إنشاء المحكمة الدولية إلى تفاقم الوضع السياسي في لبنان. وأضاف أن"هذا حدث للأسف". واعتبرت أوساط المراقبين الروس ان هذه العبارات أظهرت ميل موسكو إلى جانب"الشريك التقليدي لها في الشرق الأوسط وهو سورية". واللافت ان جهات إعلامية روسية ألمحت امس الى"صفقة"قالت ان السنيورة حملها الى موسكو وقالت صحيفة"كوميرسانت"ان جوهرها استعداد حكومته لپ"تخفيف لهجة الاتهامات الموجهة ضد دمشق في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري في مقابل ان تكف سورية عن محاولات إسقاط الحكومة اللبنانية"، ونقلت الصحيفة عن مسؤولين روس شاركوا امس، في اللقاءات إشارتهم الى"توجه روسي لمناشدة حكومة السنيورة قبول حل وسط، يقوم على تقديم تنازلات معينة للمعارضة اللبنانية".