بعد مرور أكثر من ثلاثة اسابيع على بدء مفاوضات تشكيل الحكومة بين الكتل البرلمانية، وقبل يومين من انتهاء المدة الدستورية الممنوحة لرئيس الوزراء المكلف نوري المالكي لاعلان حكومته، اكدت مصادر مقربة من المالكي ان الاخير حسم الخلاف على حقيبتي الدفاع والداخلية باسنادهما الى مستقلين، هما نصر دحام فهد العامري شيعي للداخلية وبراء محمد نجيب الربيعي سني للدفاع، ما يزيح عقبة أساسية أمام تشكيل الحكومة التي ستتألف من 35 حقيبة وتضم اربع وزيرات. وعلمت"الحياة"ان المالكي منح وزارة المالية الى وزير الداخلية السابق باقر جبر صولاغ، فيما تحدثت مصادر في"الائتلاف العراقي الموحد"عن"انشقاق"في"الكتلة العراقية"بزعامة رئيس الوزراء السابق اياد علاوي على خلفية رفع سقف مطالبها من الحقائب الوزارية. وأعلن الشيخ ضياء الدين الفياض، عضو كتلة"الائتلاف العراقي الموحد"ان المالكي حسم حقيبتي الخلاف على الدفاع والداخلية بمنحهما الى مستقلين بعدما كان اعلن في وقت سابق انهما خارج التنافس بين الكتل، وأبلغ النائب عن الكتلة الصدرية بهاء الاعرجي"رويترز"ان تشكيل الحكومة"اقترب لكنه ليس نهائياً. ربما ننتهي غداً اليوم"مشيراً الى اختيار براء الربيعي للدفاع ونصر العامري للداخلية، الأمر الذي أكده التلفزيون العراقي أمس. والعامري لواء سابق في الجيش العراقي المنحل من عشيرة البوعامر النافذة التي تسكن منطقة الراشدية شمال بغداد وتتمتع بعلاقات واسعة مع العشائر السنية التي تقيم معها في المناطق نفسها. وحكم عليه بالسجن عشر سنوات لمعارضته الرئيس السابق صدام حسين عندما كان في الجيش. والعامري هو ابن عم عميد الجمعية الوطنية السابق الشيخ ضاري الفياض الذي اغتيل العام الماضي على يد مسلحين مجهولين شمال بغداد، ولا يعرف ما اذا كان من أقارب هادي العامري، زعيم"منظمة بدر"الجناح العسكري ل"المجلس الأعلى للثورة الاسلامية"بزعامة عزيز الحكيم، وإن كان بعض المصادر يشير الى ان له علاقات طيبة مع"المجلس الأعلى". اما براء محمد نجيب الربيعي فقد كان برتبة لواء في الجيش العراقي المنحل قبل ان يحال على التقاعد في 1989. وهو نجل اللواء محمد نجيب الربيعي رئيس مجلس السيادة في انقلاب 14 تموز يوليو 1958 الذي اطاح النظام الملكي. وأكد الشيخ خلف العليان، عضو"جبهة التوافق"السنية ان"جبهة التوافق"ستدعم ترشيح العامري والربيعي لوزارتي الداخلية والدفاع طالما تراجع"الائتلاف"عن اعادة ترشيح صولاغ للداخلية، واصفاً اختيار المالكي ب"الصائب". وكشف الفياض اسماء بعض المرشحين للحقائب الوزارية التي ستمنح الى"التحالف الكردستاني"ثاني اكبر كتلة برلمانية، حيث تم ترشيح هوشيار زيباري لوزارة الخارجية وفوزي فرنسو الحريري لوزارة الصناعة وبيان وزه لوزارة الاسكان ومحمد توفيق لوزارة الثقافة ولطيف رشيد لوزارة الموارد المائية وهو الوزير الكردي الثاني، بعد زيباري، الذي احتفظ بوزارته في ثلاث حكومات متعاقبة. وفيما ذكر مفيد الجزائري، النائب عن"القائمة العراقية"استمرار المحادثات مع"الائتلاف"بشأن تشكيل الحكومة، كشف النائب عن"الائتلاف"شيروان الوائلي انشقاق 10 نواب عن قائمة علاوي بينهم: وائل عبداللطيف ومهدي الحافظ وميسون الدملوجي وحاجم الحسني، مبرراً هذا الانشقاق"برفع العراقية سقف مطالبها من الحقائب الوزارية واصرارها على الحصول على وزارة خامسة بعد منحها اربع وزارات". وقال الوائلي ان المفاوضات التي تجري مع"المنشقين"عن قائمة علاوي تركز على كيفية توزيع الحقائب الوزارية التي تم منحها الى"العراقية"لافتاً الى وجود اتجاهين يقضي الاول بمنح حصة"العراقية"من الوزارات الى الكتلة المنشقة، والثاني يطالب بمنح المنشقين وزارات تتلاءم مع حجمهم. من جانبه اعتبر القيادي في"حزب الدعوة"حيدر العبادي، عضو"الائتلاف"مطالبة"العراقية"بوزارة حقوق الانسان بأنه"امر مربك لعملية توزيع الحقائب وسيؤخر تشكيل الحكومة"، وقال ل"الحياة"ان"الائتلاف منح الكتلة استحقاقها من الوزارات وفق النقاط التي حصلت عليها، وان اجراء التغييرات في توزيع الحقائب بات امراً غير ممكن في الساعات الاخيرة للمهلة الدستورية". وذكرت مصادر مقربة من رئيس الوزراء المكلف عن منح المالكي وزارة المالية الى وزير الداخلية السابق باقر جبر صولاغ في محاولة لارضائه بعد اقصائه من وزارة الداخلية، وحسم ترشيح نائب رئيس الجمعية الوطنية السابق حسين الشهرستاني لوزارة النفط. وكشفت المصادر وجود اربع وزيرات في التشكيلة الوزارية التي سيعرضها المالكي على مجلس النواب غداً السبت والتي تضم 35 حقيبة وزارية بعد استحداث وزارتي دولة، الأمر الذي قد يثير بعض الاعتراضات في مجلس النواب، لا سيما أن حكومة ابراهيم الجعفري السابقة ضمت ست وزيرات اسندت اليهن حقائب المرأة والهجرة والمهجرين والاتصالات والبيئة والبلديات والاشغال والعلوم والتكنولوجيا. من جانبه أكد اياد الطائي، القيادي في"حزب الفضيلة"ان حزبه الذي يملك 15 مقعداً في مجلس النواب، لن يصوت لصالح حكومة المالكي، مؤكداً"ان الفضيلة متمسك بمبدأ المعارضة داخل البرلمان ومراقبة اداء الحكومة". وكان المستشار السياسي في السفارة الاميركية في بغداد روبرت فورد أعرب عن تفاؤله من الجهود التي يبذلها المالكي لتشكيل الحكومة، وقال ان"هذه المفاوضات كانت طويلة وصعبة لأن الحكومة التي ستنبثق عن المفاوضات مختلفة كلياً". واضاف في مؤتمر بالدائرة المغلقة مع صحافيين في واشنطن"انها حكومة اقوى بكثير من الحكومات السابقة وجذورها اعمق بكثير في العراق". وتابع ان"الوصول الى ذلك كان صعباً جداً لكننا نرحب بجهود رئيس الوزراء المعين المالكي وشركائه السياسيين للتقدم الذي تحقق". واوضح:"اعتقد انهم سينتهون قبل السبت مع العمل بجدية وبقليل من حسن النية"معتبرا ان الحكومة الجديدة ستكون"اكثر صلابة"من السابقة. وقال ديبلوماسي اميركي مطلع ان عددا من الوزراء المنتهية ولايتهم قد يعودون الى الحكومة بينهم وزير الخارجية هوشيار زيباري. واضاف ان حقيبتي النفط والمال قد تعودان الى"الائتلاف"موضحاً ايضا ان الزعيم الشيعي مقتدى الصدر"مهتم بشكل رئيسي بقطاع الخدمات مثل الصحة والنقل". وأكد ان اسم نائب رئيس الوزراء احمد الجلبي طرح مجددا لعدد من المهمات. ولفت الى انه اذا نجح المالكي في تشكيل حكومة فستكون المرة الاولى التي يتمكن فيها مسؤولون شيعة وسنة واكراد في العراق من الاجتماع لادارة البلاد، واصفاً ذلك بأنه"سيكون أمراً فريداً من نوعه منذ تأسيس الدولة العراقية".