تظهر التطورات المالية العالمية يوماً بعد يوم، عمق ارتباط الأسواق الدولية ببعضها بعضاً. إذ أحدث ارتفاع الأسعار الاستهلاكية الأميركية أول من أمس إلى معدلات غير متوقعة، بلبلة في أسواق المال والأسهم والمعادن، لليوم الثاني على التوالي. وفي حين انتظرت الأسواق أمس مؤتمراً صحافياً لرئيس مجلس الاحتياط الفيدرالي بن برنانكي خلال مؤتمر في فرع شيكاغو للمجلس، وشهادة لوزير الخزانة الأميركي جون سنو أمام"لجنة المصارف"في مجلس الشيوخ الأميركي عن الاقتصاد الدولي وسياسات سعر الصرف، محاولة تكهن خطوات المصرف المركزي الأميركي المقبلة بخصوص سعر الفائدة الأساس على الدولار، تراجع الدولار أمام اليورو وارتفع أمام الين، متأثراً بتلميح مسؤولين أوروبيين الى ان مكاسب اليورو في الأشهر الماضية قد تعوق النمو الاقتصادي في"منطقة اليورو". اذ حذر وزير المال الفرنسي تييري بريتون المراهنين في الأسواق من صعود اليورو قائلاً أمس:"يجب عمل كل شيء ممكن لمنع اليورو من الارتفاع في شكل أكبر أمام الدولار". كما صدر عن وزارة الاقتصاد الألمانية ان"استمرار صعود اليورو قد يكون له اثر سلبي على الصادرات الأوروبية". وارتفع اليورو صباحاً نحو 0.2 في المئة إلى 1.2762 دولار، بعد تراجعه أمامه نحو واحد في المئة في نيويورك أول من أمس، كما ارتفع 0.4 في المئة إلى 141.84 ين، في حين ارتفع الدولار أمام الين 0.2 في المئة إلى 111.17 ين للدولار. وقفز سعر الجنيه الإسترليني أمام الدولار واليورو أمس، بعد ان جاءت بيانات مبيعات التجزئة البريطانية أقوى من توقعات المحللين، مرتفعة نحو 0.6 في المئة في نيسان ابريل الماضي، أي بمعدل سنوي يبلغ ثلاثة في المئة أعلى معدل يسجل منذ كانون الأول/ ديسمبر الماضي. وارتفع الجنيه الإسترليني إلى 1.8908 دولار للجنيه ونحو 67.67 بنس لليورو، مقترباً من أعلى مستوياته أمام اليورو في ثلاثة اشهر ونصف شهر، حين بلغ 67.52 بنس لليورو الأربعاء الماضي. وفي موقف مطمئن للأسواق، أعرب أمس خواكين المونيا، مفوض الشؤون الاقتصادية والنقدية في الاتحاد الأوروبي، عن تفاؤله بأن"النمو الاقتصادي العالمي سيظل قوياً وأن الانتعاش الاقتصادي الأوروبي يحافظ على مساره، على رغم أسعار النفط المرتفعة وتحركات أسعار الصرف الأجنبي في الآونة الأخيرة". أسواق الأسهم استمرت الأسهم الأوروبية أمس متأرجحة، إذ فتحت على ارتفاع بعد إعلان نتائج إيجابية لپ"بنك سوسيتيه جنرال"الفرنسي ومجموعة"بي تي"البريطانية، لكنها عادت فتراجعت خلال التداولات، لترتفع مجدداً بعدها. وارتفع مؤشر"يوروفرست"الذي يضم 300 شركة أوروبية كبرى في منتصف التداولات نحو 0.5 في المئة، مسجلاً 1316.88 نقطة، بعد ارتفاعه إلى 1315.22 نقطة في بداية التعاملات ثم انخفاضه في وقت لاحق أكثر من واحد في المئة. وكانت الأسهم الأوروبية شهدت أول من أمس أكبر انخفاض بعدد النقاط في يوم واحد منذ أيلول سبتمبر 2002، لتغلق على أدنى مستوياتها في ثلاثة اشهر بعد صدور بيانات التضخم الأميركي. وفي طوكيو، أقفل مؤشر"نيكاي"متراجعاً نحو 1.35 في المئة، في أكبر تراجع له خلال أكثر من شهرين، متأثراً بتراجع أسهم شركات التصدير اليابانية مثل"هوندا"وپ"كانون". و تراجع مؤشر"نيكاي"القياسي خلال التداولات أمس نحو 2.4 في المئة إلى ما دون مستوى 16000 نقطة، لكنه أنهى يومه متراجعاً 1.35 في المئة، أي نحو 220.49 نقطة، إلى 16087.18 نقطة. في حين تراجع مؤشر"توبكس"الأوسع نطاقاً 1.51 في المئة إلى 1632.08 نقطة. وأشار ميتسوشيغي أكينو، كبير مديري صناديق الاستثمار في شركة"إيتشيوشي إنفستمنت ماناجمنت"، إلى ان"المستثمرين المحليين قلقون من العوامل الخارجية، لا سيما من مغبة ارتفاع أسعار الفائدة الأميركية مجدداً"، موضحاً ان"قرار المركزي الأميركي رفع سعر الفائدة الأساس على الدولار إلى 5.5 في المئة من 5 في المئة حالياً سيدفع المستثمرين عالمياً إلى سحب استثماراتهم من أسواق الأسهم العالمية لمصلحة أسواق العملات والسندات". المعادن في حركة مستمرة وعانت أسواق المعادن الأساسية أيضاً أمس من الأجواء العامة الملبدة، فتراجع الذهب نحو اثنين في المئة إلى ما دون مستوى 700 دولار للأونصة، في ظل تزايد المخاوف من رفع سعر الفائدة على الدولار، ما سيحد من جاذبية الذهب كوسيلة استثمار بديلة. وارتفع سعر الذهب الفوري في الأسواق الآسيوية أمس إلى 692.10 دولار للأونصة، ليعود فيتراجع إلى 678.40 متأثراً بضعف حركة التعاملات في العقود الآجلة عليه في"بورصة طوكيو للمعادن". كما سجل في أوروبا 687.50-688.50 دولار للأونصة، متراجعاً من سعر إقفال بلغ 690.90-691.70 دولار في نيويورك أول من أمس. وتراجعت الفضة إلى 12.94 دولار للأونصة لتعود فترتفع إلى 13.16-13.24 دولار، مقابل سعر إقفال بلغ 13.29-13.44 دولار في نيويورك. وسار سعر البلاتين عكس التيار أمس مستفيداً من إعلان شركة"جونسون ماثاي"لصقل المعادن ان"الطلب العالمي على البلاتين سيضاهي الكمية المعروضة في السنة الحالية"، فارتفع إلى 1322 دولاراً للأونصة، من سعر بلغ 1308- 1316 دولاراً للأونصة في وقت سابق.