لم يحقق شاعر بريطاني معاصر شهرة كشهرة تيد هيوز فهو دائماً في أخبار الصحافة والدراما، لا بسبب شعره فقط، على رغم ان النقاد الانكليز يعدونه الأكثر تميزاً من بين أبناء جيله من الشعراء، بل أيضاً بسبب علاقته مع زوجته الشاعرة الاميركية سيلفيا بلاث. قيل انه تسبب في انتحارها عام 1964 عندما أقام علاقة مع امرأة أخرى اسمها آشا ويفيل تزوجها بعد ذلك وأنجبت له طفلة، إلا أنها كررت بعد سنوات ما فعلته بلاث: انتحرت، ولكنها لم تكن حذرة كبلاث فقد أخذت معها الى الموت أيضاً ابنتهما ذات الأربع سنوات. أما آخر الأخبار التي تداولتها الصحافة البريطانية والاميركية عن المرأتين التي ارتبط مصيرهما بهيوز، فهو اكتشاف مخطوط رواية مجهولة للأولى وكتاب سيصدر قريباً عن الثانية. تبدو حياة تيد هيوز الذي ولد عام 1932 وتوفي عام 1998 وعلاقته بزوجتيه، تراجيديا بامتياز، جعلت مثلث العلاقة هذا تحت الأضواء دوماً: كتب وفيلم ودراما تلفزيونية، كلها تتناول العلاقة المدمرة لهذا الثالوث. وقد كانت علاقته بسيلفيا بلاث هي الأساس لدى دارسي حياته وحياتها معها، ربما لأنها كانت شاعرة لفتت الأنظار إليها في سن مبكرة، إضافة الى اضطرابها النفسي الذي جعلها تحاول الانتحار اكثر من مرة وقبل ان تتزوج هيوز. وربما بسبب هذا التجاهل الإعلامي الثقافي حيال عشيقته ومن ثم زوجته آشا ويفيل، سيصدر كتاب عنها الخريف المقبل. إلا ان سيلفيا بلاث تبقى تحت الأضواء كأنها لا تريد لغريمتها ان تهنأ بالاهتمام العام، فقد اكتشفت صفحات من رواية مجهولة لها، متفرقة، وغير مكتملة. والغريب ان الرواية اكتشفت بصدفة لها علاقة بهيوز نفسه، إذ وجدت مكتوبة على الوجه الآخر من مسودة مخطوط شعري له عرضت في معرض مشترك أقيم أخيراً في نيويورك عن كليهما. خبر اكتشاف صفحات من الرواية المجهولة نشر في صحيفة بريطانية بإيجاز مشيراً الى المعرض إياه. وفي موقع الانترنت للمعرض وما كتب عنه في الصحافة الأميركية نقرأ انه أقيم تحت عنوان"لا شهية أخرى: سيلفيا بلاث، تيد هيوز ونافورة دم الشعر"واحتفى المعرض بذلك بإثنين من أشهر شعراء القرن العشرين. جمع المعرض في شكل او آخر ما فرقته الحياة، فها هما الشاعران معاً للمرة الأولى منذ افتراقهما برسائلهما، مخطوطات أعمالهما وصور لكل منهما، مشتركة كعائلة مع البنتين، أو منفردة. وهذه المواد بعضها جمع من أرشيف بلاث فيكلية سميث الأميركية حيث تخرجت، وأرشيف تيد هيوز في جامعة ايموري الأميركية أيضاً، كما شمل مقتنيات المكتبة الشخصية لكل منهما بكل التعليقات التي خربشها كلاهما على بعض الصفحات أثناء القراءة. ويتبين من خلال كل تلك الوثائق المجموعة في ذلك المعرض، قوة العلاقة الإبداعية المتميزة التي جمعت الشاعرين خلال فترة زواجهما الذي استمر سبع سنوات. كذلك تأثير تراجيديا انتحار بلاث على هيوز التي ظهرت في أعمال له مثل رسائل عيد الميلاد التي كانت آخر كتبه قبل رحيله وهي أشبه بالسيرة الذاتية الشعرية لعلاقتهما كما أسرّ هو برسالة لصديقه الحميم الشاعر الايرلندي الفائز بنوبل شيمس هيني. على اية حال بقي شبح سيلفيا مسيطراً على حياة هيوز وشعره، وقد جمع قصائدها غير المنشورة في كتاب صدر عام 1982 وحصل في تلك السنة على جائزة بوليتزر الأميركية الشهيرة. كان الزوجان إذاً يوفران في الورق فيكتبان على الوجه الآخر لورق المسودة الخاص بالآخر، ومن هنا اكتشف الباحثون المهتمون ملحوظات بخط اليد وطباعة على الآلة الكاتبة لمخطوطة رواية فالكون يارد او أراضي النسر والعنوان يشير الى اسم منطقة في كامبريدج، حيث التقى الزوجان عندما كانا يكملان دراستهما العليا في جامعتها. الرواية هي سيرة ذاتية روائية علقت عليها بلاث بملحوظة جانبية"أسطورة الإخلاص"! وتحكي عن علاقة الحب ثم الزواج التي جمعتها مع تيد هيوز. ويعلق دارسو سيرة بلاث انها ربما تخلصت من المخطوطة الأصلية لتلك الرواية عندما اكتشفت خيانته، ولكن ما وصل لنا انقذ على ما يبدو بسبب عادة الزوجين كما قلنا استغلال ورق المسودات، وبذلك أنقذ تيد هيوز من دون ان يدري الجزء الأكبر من رواية زوجته. وتحكي الرواية الرومانسية غير المكتملة قصة فتاة أميركية اختارت ان تعيش في لندن لتبحث عن نفسها وهناك التقت بشاعر أحبته وتزوجته. لكن قبل ان تصل الى تلك النهاية تروي رحلات الفتاة الى فينيسيا وروما بحثاً عن نفسها، وعلاقاتها بعدة شبان، ثم شوقها الى لندن"الداكنة"وإيمانها بان زواجها بالشاعر الانكليزي سينقذها من حالات الاكتئاب. وللعلم فإنها ليست المرة الأولى التي كتبت فيها بلاث رواية من وحي حياتها الشخصية وعلى رغم انها اشتهرت كشاعرة اكثر منها روائية، إلا انها نشرت رواية وحيدة هي ذا بيل جار التي يمكن ترجمتها قرع الناقوس وتحكي عن شابة اسمها ايستر لا تعرف اتجاهها في الحياة، وعلاقتها غير صحية مع أمها، تميل نحو الكآبة والميول الانتحارية، وقد تعرضت لجلسات كهربائية كعلاج لحالتها. نشرت الرواية ذا بيل جار عام 1963 تحت اسم مستعار هو فيكتوريا لوكاس. لكن ما حكاية الكتاب الذي سينشر عن زوجته الثانية آشا ويفيل القادمة من اصول المانية روسية وكانت تعمل في مجال الاعلانات؟ آشا ويفيل آشا هي المرأة الغامضة في حياة تيد هيوز وأعماله. انها الطرف الثالث: دخلت العلاقة وخرجت منها مثل شبح عابر وكان انتحارها عام 1969"مجرد نسخة كربونية من انتحار زوجته الاولى بلاث"على حد تعبير أحد النقاد. هذا الانتحار لم يأخذ صدى او اهتماماً من الاعلام والمهتمين كما حصل مع الانتحار الاول وكان مجرد ملحوظة عابرة في سيرة تيد هيوز وسيلفيا بلاث معاً. وحين اصدر هيوز مجموعته الشعرية Crow كرو، او الغراب بعد سنة على الانتحار وأهداها الى آشا وابنتهما المشتركة، لم يعرف كثير من القراء من تكونا. والآن بعد سنوات طويلة على ذلك الانتحار وعلى العلاقة التي استمرت ثماني سنوات وكانت سبباً في انفصال هيوز وبلاث وانتحار الثانية، يصدر في بريطانيا في شهر أيلول سبتمبر المقبل كتاب يروي سيرتها، ومن المتوقع ان يقدم مداخلة جديدة في حياة هذا الثلاثي الذي مد المشهد الثقافي الانكليزي لأكثر من أربعين سنة بتفاصيل درامية مثيرة، كما سيكشف جوانب غير معروفة في شخصية هذه المرأة. الكتاب من إعداد اثنين من الصحافيين الإسرائيليين قضيا 15 سنة يجمعان المادة هذه حول آشا ويفيل التي حملت ايضاً على ما يبدو الجنسية الاسرائيلية.