بمناسبة اليوم الوطني..محاضرة في قيصرية الكتاب بالرياض    برعاية خادم الحرمين..تنظيم المسابقة المحلية على جائزة الملك سلمان بن عبد العزيز لحفظ القرآن الكريم وتلاوته وتفسيره في دورتها ال26    ارتفاع أسعار الذهب    أمير حائل: الخطاب الملكي أكد حرص المملكة على علاقاتها الدولية وإرساء دعائم السلام الدولي.    أمير منطقة جازان : الخطاب الملكي منهج عمل ثابت يبرز توجهات القيادة الرشيدة    أمير الشرقية: الخطاب الملكي أكد على مضي بلادنا لتحقيق المزيد من التطور والازدهار والنماء    أستثمار صندوق الاستثمارات العامة في الأندية السعودية    فريق بحثي سعودي يطور تكنولوجيا تكشف الأمراض بمستشعرات دقيقة    ولي العهد السعودي: لن نقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل قبل قيام دولة فلسطينية مستقلة    أمطار متوسطة إلى غزيرة مصحوبة بالبرد وتؤدي لجريان السيول على 5 مناطق    اختتام دورة حراس المرمى التمهيدية في الرياض وجدة    «الروع» تعزز الوهم وتنشر الخرافة..    البديوي يرحب باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة لقرار "إنهاء الوجود غير القانوني في الأراضي الفلسطينية المحتلة"    هل تريد أن تعيش لأكثر من قرنين ونصف؟    لماذا يُفضل الأطباء البياجر    «صرام» تمور الأحساء !    السعودية تطرق أبواب العالم    «الأحمران» يبحثان عن التعويض أمام الأخدود والخلود    "بيولي" يقود النصر أمام الاتفاق .. في جولة "نحلم ونحقق"    وكالات التصنيف: الاقتصاد السعودي في المسار الصحيح    «التعليم»: تخصيص بائع في مقاصف المدارس لكل 200 طالب    المواطن عماد رؤية 2030    نائب أمير مكة يشهد انطلاق اجتماع الوكلاء المساعدين للحقوق بإمارات المناطق    حضن الليل    داعية مصري يثير الجدل.. فتاة تتهمه بالتحرش.. و«قضايا المرأة»: تلقينا شكاوى أخرى !    نجمة برنامج America's Got Talent تنتحر    95 ألف معمر .. اليابان تحطم الرقم القياسي في طول العمر!    أحياناً للهذر فوائد    12 لاعب احتياط في كأس الملك    الكل يتوعد خصمه ب«القاضية» فمن سيتأهل للنهائي؟    رابيو: استغرقت وقتا قبل قراري بالانتقال إلى مارسيليا    في دوري أبطال أوروبا.. برشلونة في ضيافة موناكو.. وأتالانتا يواجه آرسنال    إصدار 32 رخصة تعدينية جديدة خلال يوليو 2024    تعزيز التحول الرقمي وتجربة المسافرين في مطارات دول "التعاون"    وفد من الخطوط السعودية يطمئن على صحة غانم    المهندس الغامدي مديرا للصيانة في "الصحة"    العواد إلى الثانية عشرة    أمريكا «تحذر» من أي «تصعيد» بعد انفجارات لبنان    ملاحقة "الشهرة" كادت تقضي على حياة "يوتيوبر"    اكتشاف توقف تكوين نجوم جديدة بالمجرات القديمة    انطلاق المؤتمر السعودي البحري 2024.. نائب وزير النقل: ترسيخ مكانة المملكة كمركز لوجستي عالمي    نيابة عن خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد.. الأمير عبدالعزيز بن سعود ينقل تعازي القيادة لأمير الكويت وولي عهده    سموه رفع الشكر للقيادة.. وزير الثقافة يُثمّن تسمية مجلس الوزراء ل "عام الحِرف اليدوية"    د. حياة سندي تحصد جائزة المرأة الاستثنائية للسلام    برعاية وزير الداخلية.. تخريج 7,922 رجل أمن من مدن التدريب بمناطق المملكة    إلى جنَّات الخلود أيُّها الوالد العطوف الحنون    سلامة المرضى    دعم الأوقاف تُطلق مبادرة "الحاضنة" للقطاع الوقفي بالمملكة برعاية أوقاف الضحيان    محافظ حفر الباطن ينوه برعاية الدولة للقطاع الصحي    مجلس الشورى خلال دورته الثامنة.. منهجية عمل وتعزيز للتشريعات    "دوائي" تحذر من أضرار الخلطات العشبية على الكلى    كسر الخواطر    كلام للبيع    مهرجان المسرح الخليجي يختتم فعالياته ويعلن عن الفائزين    هيئتا الأمر بالمعروف في بلجرشي والمخواة تفعّلان برنامج "جهود المملكة العربية السعودية في محاربة التطرف والإرهاب"    الرياض تستضيف الاجتماع التشاوري العالمي لخبراء منظمة الصحة العالمية    الأرصاد: رياح مثيرة للأتربة والغبار تؤدي إلى تدني مدى الرؤية في تبوك والمدينة    خادم الحرمين يأمر بترقية 233 عضواً في النيابة العامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشاعر الذي انتحرت عنده النساء
نشر في الحياة يوم 15 - 11 - 1998

صُعِق العالم الناطق باللغة الإنكليزية في شباط فبراير من هذا العام عندما ظهرت على رفوف مكتباته مجموعة شعرية لواحد من ألمع شعرائه معنونة "رسائل عيد الميلاد". ضمت المجموعة 88 قصيدة خاطب فيها تيد هيوز زوجته المتوفاة، الشاعرة الأميركية اللامعة سيلفيا بلاث، التي انتحرت في شباط فبراير 1963.
وتجعل هذه المجموعة القيمة بحد ذاتها، من وفاة الشاعر قبل اسبوعين حدثاً محزناً، يأسف لرحيله كل أولئك الذين يقدرون الشعر الجيد. وعلى رغم تألق تيد هيوز في عالم الأدب، إلا انه لم يحصل دائماً على التقدير الكافي. وبسبب علاقاته المأسوية مع النساء كان يقابل بمظاهرات إحتجاج، ويصرخ الجمهورالنسائي كلما ظهر "قاتل...قاتل". ولأجل فهم اصول هذا التناقض في المشاعر تجاهه، وتقييم شعره الغزير، ينبغي البحث في علاقات هيوز مع نسائه.
وشم سيلفيا
عاش هيوز، بعد تخرجه من الجامعة حياة، لا توجهها أهداف واضحة، اذ وافق على العمل في عدد من الوظائف التي كانت تعتبر منبوذة، منها عمله كحارس في حديقة الحيوان. إلا انه أستغرق خلال ذلك في كتابة الشعر وعمل على تحقيق المهمة الصعبة التي ستواجهه، وهي ان يجد صدى لصوته المميز. وتغير كل شيء من حواليه، فجأة، في العام 1956، عندما التقى سيلفيا بلاث التي حصلت على منحة للدراسة في كامبردج.
كان الافتتان المتبادل بينهما جلياً منذ البداية. التقيا صدفة في حفلة بمناسبة صدور مجلة أدبية. جاء هيوز مع أحدى صديقاته الجميلات، لكنه ما ان نظر الى بلاث حتى انشدّ اليها، وأخذ يغازلها خلال الرقص. وقبل ان يغادر الحفلة مع صديقته فوجيء بعضة قوية من بلاث، سالت على أثرها الدماء على خده. وذكرت بلاث هذا الحادث في مذكراتها، كما سجل هيوز ذلك في أحدى قصائد "رسائل عيد الميلاد":
كنت تقصدين بمرحك اطاحتي
على الأرض بالضربة القاضية. اتذكر
القليل من بقايا تلك الأمسية.
انزلقت عنك مع صديقتي. لا شيء
إلا هسيس غضبها عند الرواق
وإستنطاقي المشدوه
لمنديلك الأزرق، الذي وجدته في جيبي
والخندق الدائري المنتفخ من اثار الأسنان
بقي الوشم على وجهي لشهر
وبقيت تحته الى الأبد
ذئبة الغابة
وتزوجا بعد اربعة اشهر من العضة. وقضيا حياة متنقلة بين لندن وبوسطن، قبل أن يستقرا في منطقة ديفون مع طفليهما فريدا ونك، وينصرفا الى تربية النحل وكتابة الشعر.
إلاّ أن زواجهما تحطم إثر علاقة غرام مفاجئة لهيوز مع آسيا ويفل. تعرف هيوز على آسيا عندما اشترت وزوجها شقته المشتركة مع سيلفيا في لندن العام 1961. وفي قصيدته "الحالمون"، التي تعتبر اكثر قصائد مجموعة "رسائل عيد الميلاد" إثارة للجدل، يبرر هيوز علاقته بآسيا بإعتبارها قدراً لا مفر منه. يخاطب هيوز في القصيدة بلاث "نحن لم نجدها، هي التي وجدتنا". ويتحدث عن آسيا "ذئبة الغابة السوداء، إبنة الساحرة". ويختتم القصيدة باعتراف صادق بكيفية وقوعه في حبها:
"رأيت الحالم فيها
وقع في الحب معي وهي لا تعرف ذلك
في تلك اللحظة كان الحالم فيّ
وقع في الحب معها، وانا عرفت ذلك"!
الغراب
كتبت سيلفيا بلاث خلال الاشهر الاخيرة من حياتها افضل قصائدها واكثرها سوداوية. كانت تعاني منذ الصغر من مرض الكآبة، وتلقت العلاج النفسي عندما كانت صبية. وسجلت محاولتها الأولى للإنتحار في روايتها الكلاسيكية عن قصة حياتها "الناقوس الزجاجي". وبعد فترة وجيزة من إنتقالها مع طفليها الى لندن، وفي ليلة باردة وموحشة من شهر شباط فبراير 1963، دست بلاث الولدين في الفراش، وأحكمت غلق غرفتهما لوقايتهما من تسرب الغاز، ثم أدخلت رأسها داخل الفرن الغازي.
ماتت سيلفيا عن ثلاثين عاماً، وتوقف هيوز عن الكتابة لمدة ثلاث سنوات بعد وفاتها، وقرر الانصراف الى تربية طفليه. لكنه عاد ثانية للكتابة والنشر في العام 1967. واستعاد هيوز علاقته بآسيا ويفل التي انجبت له أبنته شورا، لكنها انتحرت هي الأخرى العام 1969 آخذة معها هذه المرة أبنتهما الصغيرة. ودافع هيوز عن نفسه بالشعر في مجموعته الشعرية الوحشية "الغراب"، التي رفعته الى مرتبة افضل شعراء القرن. إلاّ أن الحركة النسوية الصاعدة في السبعينات اتهمت الشاعر بالمعاملة السيئة للنساء، ولاحقته بقسوة واتهمته بالقتل. ومُسح اسمه المكتوب الى جانب اسم سيلفيا على شاهد قبرها. حدث ذلك مرات عدة وكان هو يعود الى كتابة اسمه في كل مرة، رافضاً تقديم التفسيرات لأولئك الذين كانوا يتوقعون منه تقديم اسباب منطقية لسلوكه مع زوجاته.
شبح سيلفيا
ولم يعرف العالم إلاّ عقب صدور "رسائل عيد الميلاد" بأن تيد هيوز عمل بالشعر خلال خمسة وعشرين عاماً لتوثيق زواجه من سيلفيا بلاث الذي دام ست سنوات فقط. هل استطاع الشاعر في مجموعته هذه التي أهداها الى طفليه استرجاع قصة حياته من مضطهديه؟
الجواب عن هذا السؤال طواه الشاعر بموته الذي طوى أسئلة مهمة اخرى ما يزال دارسو الأدب يبحثون عن جوابها. أهم هذه الأسئلة: لماذا أحرق هيوز آخر دفتر يوميات لسيلفيا بلاث؟ لقد أحدث اعلان الشاعر عن ذلك صدمة لدى مؤرخي الأدب الانكليزي. لماذا فعل ذلك؟ السبب الوحيد الذي قدمه هو "قد يؤلم ذلك طفليها". ألهذا السبب أيضاً اختفت مجلدات اخرى غير منشورة لسيلفيا بلاث بعد موتها؟
أسئلة محيرة، وأكثر ما يحير فيها أن هيوز هو الذي أعلن عن احراق اليوميات التي لم يكن أحد يعلم بوجودها. ويزيد في تعقيد الامور أن هيوز لعب دوراً أساسياً في نشر أعمال سيلفيا ويعود الفضل اليه في شهرتها الحالية باعتبارها واحدة من أبرز شاعرات القرن العشرين. لقد كان بالنسبة اليها مثل ماكس برود بالنسبة الى فرانز كافكا.
ويطارد شبح سيلفيا الشاعر حتى وفاته. في آخر قصيدة نشرها، قبل موته بأسبوعين، يواجه فيها الشاعر شبح روح سيلفيا في أحد قطارات الأنفاق. يشك القارئ للحظات بأن هيوز يؤمن حقيقة بأن هذا الحادث قد وقع فعلاً، وليس هو احد تجليات الخيال الشعري.
وغادر الشاعر وهو يحمل في اسمه وشم سيلفيا الذي لا يمّحي. فالاسم الكامل له هو إدوارد جيمس هيوز. وكان يحتفظ بالحرفين الأولين من اسمه واسم العائلة "إي جي هيوز" على غرار كتاب بريطانين مشهورين مثل "ه جي ويلز" و"دبليو ه أودن". لكن سيلفيا التي كانت تكتب قصائده على الآلة الكاتبة وترسلها للناشرين استبدلت هذه التسمية التقليدية بالاسم المختصر "تيد" الذي عُرف به الشاعر طيلة حياته


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.