صدق أو لا تصدق... لو سألت أي مشجع لكرة القدم من سكان مدينة شتوتغارت عن رغبته في مشاهدة منتخب بلاده في ملعب المدينة في نهائيات كأس العالم 2006، فستأتي الإجابة فوراً بالرفض، وقرعة النهائيات لم تعط للمنتخب الالماني أي مباراة في ملعب شتوتغارت في الدور الاول، ولكن المنتخب الحاصل على المركز الثاني في المجموعة الاولى التي تضم المانيا وبولونيا واكوادور وكوستاريكا، سيلعب في ثمن النهائي ضد بطل المجموعة الثانية، ولا يتمنى أي ألماني أن يتراجع منتخب بلاده الى المركز الثاني في مجموعته، والأمر الأكثر صعوبة ان شتوتغارت تستضيف في الثامن من تموز يوليو المقبل مباراة تحديد المركز الثالث بين الخاسرين في نصف النهائي، وهي مباراة شرفية بلا طعم ولا قيمة، والالمان يريدون رؤية فريقهم في المباراة النهائية. القرعة أبعدت كل منتخبات قارتي اميركا الشمالية والجنوبية وعددها ثمانية، أي ربع منتخبات"المونديال"، عن مدينة شتوتغارت، والمباريات الاربع في الدور الاول ستكون لفرنسا ضد سويسرا في المرحلة الاولى للمجموعة السابعة مساء 13 حزيران يونيو وهي أهم مباريات المجموعة، التي تضم ايضاً كوريا الجنوبية وتوغو، وربما كانت فاصلة لتحديد المتصدر للمجموعة في الدور الاول، وفي 16 حزيران تقام المباراة الثانية في شتوتغارت بين هولنداوساحل العاج، وهي المباراة الفريدة في نوعها، على رغم عدم حصول اللاعب العاجي الصاعد سولومون كالو على الجنسية الهولندية بقرار من وزير الهجرة، ويجلس سولومون في المدرجات البرتقالية المؤيدة لهولندا ضد شقيقه الأكبر واقدم لاعبي منتخب ساحل العاج بون افنتير كالو، ويتجه العرب الى مدينة الغابة السوداء مساء 19 حزيران لتشجيع منتخب تونس في مباراته في المجموعة الثامنة ضد اسبانيا، واللقاء الرابع سيكون لكرواتيا ضد استراليا في المجموعة السادسة، التي تضم معها البرازيل واليابان في مساء 22 حزيران. وتتميز شتوتغارت ان اللجنة المنظمة منحتها فرصة زائدة لمهرجان المتفرجين في ساحة القصر العملاقة، التي تتوسطها نافورة ضخمة، ويطل على الساحة قصر بديع قديم، ويتجمع أكثر من 40 ألف شخص لمشاهدة كل مباريات البطولة - 64 مباراة وليس 6 مباريات فقط في شتوتغارت - على الهواء مباشرة على أربع شاشات عملاقة في كل جوانب الساحة. وملعب شتوتغارت فريد ايضاً من نوعه، ويحيطه عدد من الهضاب الخضراء العالية المكتظة بأشجار الكروم والعنب، وسقف الملعب مشدود بأعمدة عملاقة، وملعب غوتليب دايملر الجديد سعته 53200 متفرج، وهو مقر نادي شتوتغارت الشهير أحد أكبر فرق الدوري الاول الالماني البوندزليغا. وشهدت مدينة شتوتغارت عام 1950 المباراة الدولية الاولى لمنتخب ألمانيا الغربية بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، والتقى المنتخب الالماني مع نظيره السويسري أمام 103 آلاف مشجع في المدرجات، وهو رقم قياسي لاكبر عدد من الجماهير في تاريخ اي مباراة لمنتخب ألمانيا لكرة القدم على مدار 100 عام. وشتوتغارت مدينة رياضية من الطراز الأول وهي نظمت في منتصف الثمانينات بطولة العالم لالعاب القوى، واستضافت المدينة عشرات الاحداث والبطولات والمباريات المهمة على الأصعدة المحلية والقارية والعالمية، وتتاح الفرصة لعشاق كرة القدم من سكان شتوتغارت في مسابقة جديدة اسمها كرة القدم في الشوارع. ويقطن شتوتغارت 590 ألف نسمة وهي في الجنوب الغربي للبلاد، وسط ولاية بادين فورتينبرغ، وتمثل عاصمة الولاية، ويعود تاريخها الى القرن الاول قبل الميلاد، ولكن التاريخ الحديث لها يعود الى عام 950 عندما أمر هيرتسوغ ليوتلوف فون شفاين ببناء حديقة ضخمة للخيول في المنطقة التي تقع فيها المدينة حالياً، واختار لها سهلاً فسيحاً تحيطه الهضاب والغابات وأشجار الكروم، واطلق على الحديقة اسم"حديقة الخيول"، وهي تعنى باللغة الالمانية"شتوتغارتن"، وجاء منها اسم المدينة، وفي القرن ال19 أصبحت شتوتغارت مركزاً صناعياً عملاقاً، وتطورت جداً في القرن الماضي مع دخول صناعة السيارات، واتجه اليها اكبر الرجال من كارل بتر وغوتليب دايملر وفيلهلم مايباخ وفرديناند بورش، وسرعان ما أصبحت المدينة الاولى عالمياً لصناعة السيارات الفاخرة امثال مرسيدس وبي أم دبليو وكرايزلر وبورش.. وسكان المدينة مشهورون بميولهم الى التوفير في كل شيء إلا في الانفاق على سياراتهم، وتجمع شتوتغارت عدداً ضخماً من القصور الفاخرة والقلعة الرومانية الأسطورية والساحات الواسعة، وبها منطقة ذو سمعة أوروبية وعالمية بأشهر أنواع النبيذ وهي منطقة شفاين او قرية النبيذ، وتضم ساحة شيلر التي تحتضن عدداً قياسياً من المطاعم في أضيق مساحة ممكنة، وتنتهز بلدية شتوتغارت الفرصة لاقامة مهرجان فني عالمي يشارك فيه المبدعون من 173 جنسية تعيش في المدينة ويطلق عليه اسم مهرجان الأمم. وتختار اللجنة المنظمة لكأس العالم 12 نجماً عالمياً من المنتخب الالماني على مدار 50 عاماً ليكونوا سفراء للمدن الاثنتي عشرة التي تستضيف المباريات، ويقوم النجم او السفير بدور مهم في تمثيل المدينة واستقبال ضيوفها من رجال الاتحاد الدولي والمنتخبات التي تخوض مبارياتها في ملعب شتوتغارت. واختارت اللجنة مدافعاً من أفضل لاعبي المانيا على مر العصور غيدو بوشفالد سفيراً للمدينة، وهو لعب معظم مشواره في البوندزليغا من 1983 الى 1998 في شتوتغارت قبل اعتزاله في كارلسرو، وخاض 334 مباراة في الدوري، وسجل 29 هدفاً، وبدأ بوشفالد - أكمل 45 عاماً في كانون الثاني يناير الماضي - مشواره الدولي عام 1984، ولعب 76 مباراة حتى 1994، ونال ذهبية كأس العالم 1990 في ايطاليا وفضية أمم اوروبا 1992، وبوشفالد من مواليد برلين ولكن اسرته غادرت برلين قبل ان يكمل عامه الأول.