عاش الايطاليون طيلة ليل الإثنين - الثلثاء في حال ترقب لم يعرفوها من قبل. وبعدما رقص مناصرو رومانو برودي فرحاً مع بروز أول التوقعات التي كانت تشير إلى انتصار"ائتلاف الاتحاد"على رئيس الحكومة سيلفيو بيرلوسكوني في نتائج الانتخابات البرلمانية التي أجريت الأحد والإثنين الماضيين بفارق خمس نقاط، بدأ الفارق بالتضاؤل تدريجاً الى ان انقلب رأساً على عقب بعد منتصف الليل. وعلى رغم احتفاظ تحالف برودي بهامش متقدّم في مجلس النواب، كشف فرز الأصوات تقدّم تحالف بيرلوسكوني في مجلس الشيوخ بأربع مقاعد ما كان يلمّح باحتمال دخول إيطاليا في نفق مظلم من استحالة الحكم بسبب الإنقسام في البرلمان بين مجلسي النواب والشيوخ. وعادت النتيجة فجر امس، لتُصبح بشكل نهائي لمصلحة تحالف برودي الذي تقدّم على ائتلاف بيرلوسكوني في مجلس الشيوخ بمقعدين وذلك بحصوله على 185 مقعداً في مقابل 156. وكانت أصوات الإيطاليين المقيمين في الخارج تمثل ستة مقاعد في مجلس الشيوخ هي الحاسمة، اذ حصل تحالف برودي على أربعة منها ومن بينها المقعد المخصص للناخبين الإيطاليين المقيمين في الولاياتالمتحدة. وإذا أُخذ في الاعتبار أن خمسة من مجموع سبعة أعضاء مجلس الشيوخ مدى الحياة معروفون بقربهم إلى تحالف برودي فإن ذلك يزيد الفارق إلى خمسة. وأكد رومانو برودي، وحلفاؤه الأساسيون، أن"ائتلاف الاتحاد"سيشكّل الحكومة المقبلة لأن القانون يُتيح له الحق في ذلك". وشدد برودي على أن رئاسة البرلمان بمجلسيه: الشيوخ والنواب"ستبقى في يدنا"كرد على الأسلوب الذي اتبعه بيرلوسكوني بعد انتصاره في انتخابات عام 2001 باحتفاظه برئاستي المجلسين لإثنين من مناصريه. والنتائج التي آلت إليها الانتخابات والفارق الضئيل جداً في مجلس الشيوخ، جعلا من إمكانات استمرار حكومة برودي عسيرة للغاية، خصوصاً أن التباينات ما بين مكوّنات الائتلاف الفائز الوسط واليسار المتشدد حول كثير من الأمور، كبيرة للغاية. وتبدو استحالة استمرارية الحكومة المقبلة اليوم،"سيف ديمقليس"مسلطاً على رؤوس الإيطاليين أكثر ممّا مضى، وهو ما سيركّز عليه بيرلوسكوني في الشهور المقبلة. وبدأ زعماء اليسار - الوسط المنتصرون في المواجهه بتحديد مطالبهم، إلاّ أن الأمين العام لحزب اليساريين الديموقراطيين بييرو فاسّينو، شدد على ضرورة التحرّك من أجل انتخاب رئيس الجمهورية الجديد قبل المباشرة بتشكيل الحكومة الجديدة. وتبدو هذه المطالبة من قبيل الرغبة في ترتيب"البيت الإيطالي"، إلاّ أن وراءها حسابات انتخابية أيضاً إذ سيزيد انضمام رئيس الجمهورية الحالي كارلو آزيليو تشامبي إلى مجلس الشيوخ كسناتور مدى الحياة لمجرد انتهاء ولايته الحالية، من عدد أصوات أعضاء مجلس الشوخ لمصلحة ائتلاف اليسار - الوسط. وفي وقت تعاملت البورصة الإيطالية بإيجابية مع النتائج الانتخابية، طالب الناطق باسم رئاسة الحكومة"بإعادة فرز الأصوات المشكوك في أمرها"، مشيراً إلى أن"ما يزيد على نصف مليون صوت ألغيت خلال عملية الفرز"ما دفع قادة اليسار المنتصر إلى التفكّه على المطالبة، مشيرين إلى أن"على الناطق توجيه طلبه إلى وزير الداخلية جوزيبي بيزانو"الذي يُعد من قادة حزب بيرلوسكوني نفسه. ودعا رئيس حزب اليسار الديموقراطي ماسّيمو داليما ائتلاف بيرلوسكوني ب"الاتّعاظ من سابقة الديموقراطية الأميركية حين تقبّل الديموقراطي آل غور الهزيمة أمام الرئيس الحالي جورج بوش بسبب فارق ضئيل في الأصوات بلغ بضعة مئات". يذكر أن رئيس الجمهورية الإيطالية أثنى على سلوك المواطنين خلال العملية الانتخابية التي شارك فيها اكثر من 68 في المئة من مجموع الناخبين الإيطاليين وهي أعلى نسبة من نوعها، ما دلل على الأهمية الكبيرة التي كان الناخبون يولونها لهذه الجولة الانتخابية بصرف النطر عن انتماءاتهم الحزبية أو الإيديولوجية.