عُرض في مقال الأستاذ محمد العسومي، الذي نشر في زاوية"وجهة نظر اقتصادية"، في 22 نيسان ابريل 2006"، كثير من القضايا المتعلقه بنشوء"الفقاعات الاقتصادية"ودرجة السيطرة عليها في عالم اليوم. وجاء في المقال:"ستحصل فقاعات جديدة، إلا أنها ستكون تحت السيطرة والتحكم على المستويين العالمي والمحلي، أو ستحجّم تأثيراتها السلبية إلى الحد الأدنى. فعلماء الاقتصاد في العالم تعلموا وطوروا كثيراً من الأدوات المالية الفاعلة خلال الأعوام السبعين الماضية". ولعل هذا النوع من التحليل ينطوي على خلط بين"الفقاعات الاقتصادية"Economic Bubbles، وپ"الدورات الاقتصادية"Business cycles،. إذ إن التطور الذي حدث في مجال تطوير السياسات الاقتصادية والأدوات المالية والنقدية منذ الكساد الكبير عام 1929 نجح بفضل نظريات كينز، من خلال سياسات إدارة الطلب Demand Management في تهذيب درجة التقلبات الحادة في الدورات الاقتصادية، وأصبح ممكناً الحديث عن دورات قصيرة من الركود والانكماش الاقتصادي Recession، بعيداً من الوقوع في دائرة الكساد العميق Deep Depression الممتد. ولكن هذا التطور الذي لحق بما يعرف بالدورات الاقتصادية، لا علاقة له باستمرار ظهور الفقاعات الاقتصادية في الأسواق المالية وأسواق العقارات على النحو الذي شهدناه في بلدان أوروبا المتقدمة واليابان في الثمانينات والولايات المتحدة وبلدان شرق آسيا في التسعينات، وأخيراً في أسواق الدول الخليجية. إذا إن هذه الفقاعات المتكررة يصعب السيطرة عليها والتحكم فيها على المستويين المحلي والإقليمي، بل هناك آثار واضحة لپ"العدوى"أثناء انتفاخ الفقاعة وبعد انفجارها. وما زالت أدوات علم الاقتصاد والسياسات المالية والنقدية عاجزة عن التعامل مع تلك الفقاعات قبل أن تصل إلى حالة الانفجار وتجر وراءها الآثار المدمرة في القطاعات المالية والعينية والاجتماعية، كما حدث في تجربة جنوب شرقي آسيا في عام 1997. وتكررت التجربة نفسها في بلدان أميركا اللاتينية في التسعينات من القرن الماضي، وكان أثر العدوى واضحاً وسمي أثر"التكيلا". ويرى بعض المحللين أن عدم التعامل بحسم مع نشوء وتطور"الفقاعات الاقتصادية"في أسواق المال والعقار، يعود إلى وجود مصالح ضالعة في أوساط المال والأعمال تجني مكاسب من تلك الفقاعات. ولذا يستمر التمويل المصرفي من دون ضوابط كافية ليساهم في انتفاخ تلك الفقاعات. وخير شاهد على ذلك الجدل الذي أثير حول تصريح آلان غرينسبان - الرئيس السابق لمجلس الاحتياط الفيديرالي الأميركي - حول أن التنبؤ بتكون الفقاعة صعب، حتى يمكن التعامل معها قبل انفجارها! فلقد كان هذا القول مثار تندر كثير من الاقتصاديين في ظل تواجد مؤشرات اقتصادية وأرقام قياسية ? شبه يومية - تسمح بتتبع تطور الفقاعة وتفتح الباب أمام استخدام أدوات السياسة الاقتصادية - نقدية كانت أم مالية - لحصار آثارها. وختاماً لا نجد أن هناك أي علاقة بين نجاح الجولات القادمة لتحرير التجارة، التي تقودها منظمة التجارة العالمية، وقضية السيطرة على الفقاعات الاقتصادية ? على نحو ما جاء في المقال المذكور - إذ سيتكرر نشوء الفقاعات الاقتصادية طالما هناك مضاربون ولاعبون كبار في بنية الاقتصاد الرأسمالي واقتصاد السوق. * أستاذ الاقتصاد في جامعة القاهرة.