نسمع كثيرا هذه الأيام كلمة ركود اقتصادي. مبدئيا، عندما ينخفض إنتاج الوطن يقال بأن الاقتصاد الوطني واقع في recession. وقد ترجمت هذه الكلمة إلى ركود أو انكماش، وقد اخترت كلمة ركود. وللطرافة، انكمش تعني في اللغة العربية أسرع، ولكن مجمع اللغة العربية أقر كلمة انكماش لتعني نقص المتداول من النقود (معجم اللغة العربية). يعرف الركود تقنيا في عامة الدول الصناعية، بأنه انخفاض في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي (أي بعد استبعاد أثر التضخم) يستمر أكثر من ربعين متتاليين، أي يلبث أكثر من ستة شهور متتالية، متسببا في تقلص حجم الإنتاج في الاقتصاد. أما إذا انخفض معدل نمو الناتج دون أن يتقلص حجم الإنتاج، فلا يعد هذا ركودا. ورغم ذلك، فالتباطؤ في معدلات النمو والإنفاق يشعر بها أو يفسرها كثير من الناس على أنها ركود recession. وقد كان ما يسمون بالاقتصاديين التقليديين (الكلاسيكيين) يرون أن الانخفاض في النمو مؤقت بطبيعته، لأن سوق العمل تتكيف وفق مستويات سعرية جديدة، مما يدفع الاقتصاد في النهاية إلى نقطة توازن جديدة. لكن الكساد الكبير في الثلاثينات من القرن الميلادي الماضي، دفع الاقتصادي البريطاني المشهور كينز إلى النظر بشك كبير في منهجية التقليديين في فهم كيف يعمل الاقتصاد، وآلية عمل السوق، وانتهى إلى أنه في ظل فترات طويلة من الركود، فإن الأسواق لا تستجيب وتتوازن تلقائيا، لأسباب كثيرة، ربما كان أهمها جمود الأجور، حيث يصعب جدا على الشركات خفض الأجور عند حلول الركود، وحتى لو خفضت الأجور، فهذا يترجم إلى خفض القدرة الشرائية. أسباب الركود: بعض الأسباب محلي المنشأ، وغالبا جراء أخطاء في سياسات صانعي القرار. مثلا، قد تسهم قرارات السلطات المالية أو النقدية في التأثير السلبي على النشاط الاقتصادي، مثل زيادة العرض النقدي أقل من اللازم، أو بسرعة بطيئة عن اللازم. وقد تكون الأسباب خارجية. فمثلا، انخفاض أسعار النفط، ومن ثم إيراداته خلال عقد الثمانينات من القرن الميلادي الماضي تسببت في وقوع المملكة في ركود اقتصادي قوي خلال عقد الثمانينات، وبالأخص أواسط العقد. كما وقعت المملكة في ركود اقتصادي بعض سنوات عقد التسعينات، تبعا لانخفاض أسعار النفط بصورة قوية. مع انخفاض أسعار النفط: هل يتوقع إصابة الاقتصاد السعودي بركود العام القادم؟ يحتمل، ويعتمد ذلك على اتجاه الإنتاج النفطي وأسعار النفط والإنفاق الحكومي. ولكن حتى لو تحقق نمو العام القادم، أي انتفى وقوع ركود بالمعنى التقني، فهو أقل من النمو المحقق هذا العام أو العام الماضي. ومن جهة الإنفاق الحكومي، فقد سبق أن أعلنت الحكومة أنها لن تخفض الإنفاق. هناك احتياطيات هائلة، تستطيع الحكومة السحب منها لتغطية عجز الميزانية المتوقع. ومعلوم أن الإنفاق الحكومي هو المحرك الأكبر للاقتصاد النفطي. ولكن كم سيزيد الإنفاق؟ لا أحد يدري الآن. خصائص وآثار مصاحبة للركود: انخفاض الطلب على الإنتاج، مما يوجد طاقة إنتاجية معطلة. انخفاض في الإنفاق الاستثماري والإنفاق الاستهلاكي. نزول أسعار الأسهم. خفض معدلات التوظيف، وطبعا تزيد معه البطالة. خفض الضغوط التضخمية على سوق العمل، مع زيادة البطالة. نزول كبير في الثقة والربحية لدى أوساط الأعمال والشركات. انخفاض الطلب على الواردات. زيادة الاقتراض الحكومي. • مستشار اقتصادي، دكتوراه في الاقتصاد