أعلن مسؤول سوداني استعداد حزب المؤتمر الوطني الحاكم لقبول اتفاق مع متمردي دارفور في منبر مفاوضات أبوجا ولو تم ذلك من خلال تنازلات على حسابه. إلا أن مجموعة مسلحة منشقة عن متمردي دارفور حذرت من"صفقة"بين قادة في التمرد والخرطوم، في وقت يُنتظر ان يطرح كبير مفاوضي الاتحاد الأفريقي اليوم وثيقة"الاتفاق النهائي"على أطراف النزاع بُعيد عودته من نيويورك. وتأتي هذه التطورات في وقت تعرضت قافلة للصليب الأحمر لهجوم شنته جماعات مسلحة مجهولة في الإقليم المضطرب، وأشار مسؤول سوداني الى"حشود تشادية غير مسبوقة"على الحدود المشتركة. ولوحظ ان الحكومة السودانية كثّفت من وجودها في مفاوضات أبوجا بين ممثلي حكومة الخرطوم وحركتي التمرد في دارفور،"حركة تحرير السودان"و"حركة العدل والمساواة". وتعزز الوفد الحكومي المفاوض بانضمام زعيم الكتلة البرلمانية ل"الحركة الشعبية"ياسر عرمان الذي وصل الى أبوجا بصحبة مسؤول التنظيم في"الجبهة الشعبية"الحاكمة في اريتريا عبدالله جابر محمود، في إشارة الى منح أريتريا ضوءاً أخضر للمساعدة في حل النزاع، علماً أن أسمرا ترتبط بعلاقات قوية مع متمردي دارفور مثلما ترتبط بعلاقات جيدة مع متمردي شرق السودان. وكانت الخرطوم وأسمرا اتفقتا أخيراً على أربع نقاط منها رفع التمثيل الديبلوماسي بينهما واستضافة اريتريا مفاوضات الشرق وفتح الحدود وقيام أسمرا بدور مهم في مفاوضات دارفور. ويتوقع ان يقدم كبير وسطاء الاتحاد الافريقي سالم أحمد سالم اليوم السبت مشروع"الاتفاق النهائي"بين الحكومة ومتمردي دارفور عقب عودته من نيويورك حيث قدم تقريراً أمام مجلس الأمن عن التقدم في مفاوضات أبوجا وتطورات دارفور. وفيما واصل نائب الرئيس السوداني علي عثمان طه مشاوراته مع الحركات المتمردة والوسطاء، وصف وزير الدولة في الخارجية السودانية السماني الوسيلة، في تصريحات صحافية، المرحلة الحالية للتفاوض بأنها تتسم بروح سودانية خالصة، وقال إن الحوارات التي يقودها طه أسست لكثير من التفاهمات. وأكد أن السلام هدف الجميع. وذكر الوسيلة ان الأطراف المشاركة في التفاوض كوّنت لجاناً مصغرة لمعرفة وتلمّس وتوضيح النقاط العالقة للتمكن من صوغها في شكل قانوني يقود الى اتفاق يحقق الاطمئنان للأطراف كافة. وتعكف فرق مشتركة تضم ممثلين للحكومة و"حركة تحرير السودان"بتياريها والوسطاء على وضع رؤى وأفكار لتسهيل عملية الوصول الى اتفاق سريع يُتوقع أن يُنجز بنهاية الأسبوع المقبل. وفي الإطار ذاته، تعهد أمين العلاقات السياسية في المؤتمر الوطني الدكتور مصطفى عثمان بأن يُنفّذ حزبه أي اتفاق يتم التوصل اليه في أبوجا حتى وإن كان على حسابه، لافتاً الى ان التقارير الواردة من أبوجا تشير الى ان المفاوضات تنحو الآن منحىً ايجابياً، مبيّناً ان قضية دارفور باتت المُهدد الأول للأمن القومي السوداني وان المؤتمر الوطني وضع في مقدم أولوياته الوصول الى اتفاق سلام و"سيكون سعيداً بتنفيذه". إلا أن"مجموعة ال19"التي انشقت عن"حركة تحرير السودان"، أصدرت بياناً حذّرت فيه من عقد"صفقات جزئية"، في إشارة الى رفضها التزام أي اتفاق توقعه القيادة الحالية للحركة المتمردة مع الخرطوم. ودعت"كل القوى السياسية السودانية الى تحمل مسؤوليتها التاريخية، فقضية دارفور لا يمكن تركها لفئة إقصائية سطت على الحكم، إنما هي مسؤولية الشعب السوداني كافة، وبالذات قواه السياسية المؤمنة بالتغيير". وناشدت المجموعة"المجتمع الدولي والإقليمي العمل على تصحيح الأخطاء، أولاً بتوسيع قاعدة المشاركة لتجنب الكارثة القادمة. وفي الوقت ذاته، نكرر التحذير للاتحاد الافريقي والدول الراعية للمفاوضات من خطورة الصفقات الجزئية التي ستعقّد الأوضاع ولن تزيد النار إلا اشتعالاً". في غضون ذلك، أكد مصدر إنساني تعرض قافلة تابعة للجنة الدولية للصليب الأحمر مكونة من 16 سيارة لهجوم من مسلحين مجهولين في منطقة غولو في جنوب دارفور. ولم تشر المصادر الى تفاصيل الهجوم على القافلة الكبيرة، في وقت أكد فيه والي ولاية غرب دارفور بالنيابة محمد يوسف التلب وجود"حشود تشادية كبيرة غير مسبوقة على الحدود المشتركة". وكانت العلاقات بين الخرطوم ونجامينا تدهورت الأسبوع الماضي الى حد القطيعة الديبلوماسية بعد اتهام الرئيس إدريس ديبي السودان بدعم متمردين سعوا الى اطاحة نظامه، وهي تهمة نفتها الخرطوم. وأمرت السلطات التشادية قبل أيام زعيم"حركة العدل والمساواة"الدكتور خليل إبراهيم بمغادرة نجامينا بعد اقتحامه لمبنى السفارة السودانية. وأشار مسؤول تشادي رفيع الى ان خليل طُرد لمخالفته الأعراف وحق الضيافة و"القيام بعمل غير مسؤول". وتوجه الى الكاميرون مع مجموعة من مساعديه. وأفاد صحافي في وكالة"فرانس برس"أن بعثة استطلاع من الاتحاد الافريقي وصلت أمس الجمعة الى العاصمة التشادية لالقاء الضوء على هجوم المتمردين في 13 نيسان ابريل على نجامينا. وقال بيار ييريه، المستشار السياسي للمفوضية الافريقية والذي يرأس البعثة المؤلفة من خمسة أفراد،"شهدت تشاد قبل بضعة أيام هجوماً أوقع العديد من الضحايا سواء في داخل البلاد أو هنا في نجامينا". وأضاف متحدثاً في مطار نجامينا"إن مجلس السلام والأمن في الاتحاد الافريقي اجتمع على الفور ودان في شدة هذا الهجوم". وقال الديبلوماسي المتحدر من ساحل العاج:"جئنا لجمع أكبر قدر ممكن من المعلومات التي ستسمح للاتحاد الافريقي ... بسلوك طريق، افضل طريق ممكن، للخروج من الأزمة". وتابع ان الوفد الذي سيبقى أسبوعاً في العاصمة التشادية، سيلتقي اعضاء في الحكومة وعناصر من المعارضة غير المسلحة والمجتمع المدني فضلاً عن"شركاء دوليين". وتتهم تشاد السودان بالوقوف خلف الهجوم على نجامينا في 13 نيسان ابريل، وهو ما تنفيه الخرطوم ومتمردو الجبهة الموحدة للتغيير، فيما لم يحسم الاتحاد الافريقي بعد موقفه بهذا الصدد. واعتبر الرئيس التشادي ديبي الثلثاء ان الاتحاد الافريقي يتبع"سياسة التغافل"وندد بقلة الحزم في ادانته للخرطوم. وقلل ييريه من أهمية هذا الموقف ووصفه بأنه"فورة غضب ضد الاتحاد الافريقي". تظاهرة سودانية في نجامينا وتظاهر رويترز سودانيون يعيشون في تشاد أمام مبنى تابع للأمم المتحدة في العاصمة التشادية، أمس الجمعة، لإبداء تأييدهم للرئيس ادريس ديبي الذي نجا من هجوم للمتمردين على العاصمة في الأسبوع الماضي. وشن المتمردون أكثر هجماتهم جرأة حتى الآن في تشاد الأسبوع الماضي حيث توجهوا في شاحنات مكشوفة عبر الصحراء انطلاقاً من الحدود الشرقية مع السودان للإغارة على العاصمة نجامينا في معركة قالت الحكومة ان بضع مئات قتلوا فيها. واجتمع ممثلون من المحتجين في وقت لاحق مع مسؤولي الأممالمتحدة لمناقشة شكاواهم ضد نظام الخرطوم. وتوجه وفد تابع للاتحاد الافريقي الى تشاد أمس للتحقيق في اتهامات الرئيس ادريس ديبي للسودان بدعم المتمردين العازمين على انهاء حكمه المستمر منذ نحو 16 عاماً. وقال وزير خارجية تشاد أحمد علامي ل"رويترز":"انها مهمة لجمع معلومات لتأكيد أين تقع المسؤوليات في تلك الأزمة". وأضاف:"إننا مستعدون لأن نعرض عليهم السجناء الذين أسرناهم والمعدات التي استولينا عليها خلال القتال". وقال ألفا عمر كوناري، رئيس مفوضية الاتحاد الافريقي وأحد أبرز الديبلوماسيين في القارة، قبل أيام انه سيتعين على البعثة معرفة الحقائق قبل ان يتمكن الاتحاد الذي يضم في عضويته 53 دولة من اصدار أي ادانة"للمعتدي". وكانت فرنسا وهي المستعمر السابق لتشاد التي تنشر أكثر من 1000 جندي هناك، ترسل مهمات استطلاع جوية في انحاء الدولة المترامية الاطراف في إطار ما يقول مسؤولون انها مساع للوصول الى مصدر اتهامات تشاد للسودان بالتورط. وقال ديبلوماسيون أجانب ان كثيرين من الذين أسروا خلال القتال بدا أنهم لا يتحدثون بلهجات تشادية، بينما شملت الأسلحة التي استولت عليها تشاد والتي عرضت على الصحافيين عقب الهجوم ذخائر صينية قال محللون إنها على الأرجح من السودان. وكانت الإدانة الدولية للسودان خاصة في شأن الأزمة في اقليم دارفور بغرب البلاد بعيدة تماماً عن الإجماع. وأعاقت روسيا والصين الإثنين فرض عقوبات من جانب الأممالمتحدة على أربعة سودانيين من بينهم لواء في القوات الجوية وأحد زعماء الميليشيا الموالين للخرطوم الذين حملوا المسؤولية عن الانتهاكات في دارفور. وقالت الولاياتالمتحدة انها ستضغط من أجل اجراء تصويت علني حول القضية.