بدا ان منظمة"ايتا"الباسكية درست خطواتها في شكل افضل هذه المرة قبل اعلانها"وقف اطلاق نار دائماً"يبدأ العمل به اعتباراً من منتصف ليل الخميس - الجمعة. كما يبدو انها انتظرت ردود الفعل المحلية والدولية لتنشر بياناً امس، تلا اعلانها الاول الاربعاء، يحدد استراتيجيتها الجديدة ب"الانخراط في العمل الديموقراطي". وفي انتظار خطوات عملية اخرى، ما زالت الحكومة الاشتراكية الاسبانية وقيادة الحزب الشعبي الذي يتزعم المعارضة، تتعاطى مع هذا الوضع الجديد بحذر شديد، بخاصة ان التجربة مع"المنظمة الارهابية"بحسب التسمية التي ما زالت تستخدمها الحكومة الاسبانية كانت سلبية خلال السنوات الماضية، عندما أعلنت الهدنة عشر مرات من بينها اربع كانت رسمية وتوافقية بين تياراتها المختلفة. ومنذ إعلان الهدنة، كرر رئيس الوزراء خوسيه لويس رودريغيث ثاباتيرو مطالبته القوى السياسية ب"الاتحاد والالتفاف حول الحكومة والتعامل مع اعلان ايتا بحذر وجدية"، مؤكداً ان المسار طويل وهو لن يستعجل الامور. اما وزير الدفاع خوسيه بونو فأشار الى ان السلطات الامنية والقضائية ليست في حال هدنة لأنها تنتظر الافعال لا الاقوال، مردداً بذلك التعابير الرسمية. اما الحزب الشعبي الذي يملك 148 نائباً في المجلس النيابي في مقابل 164 للاشتراكي فأكد دعمه الحكومة في مسيرة السلام، شرط الا تخضع لأي ابتزاز او ان تدفع ثمناً سياسياً للمنظمة الارهابية. ورحبت كل القوى السياسية والشعبية والنقابية بما فيها جمعيات ضحايا الارهاب بالبيان الاولي ل"ايتا"بانتظار ما ستطلبه المنظمة الباسكية. وجاء البيان الثاني بعد ساعات قليلة من الاول وقبل موعده المعلن مسبقاً، شبيهاً بالبيان الاول باستثناء اعتماده لهجة اكثر مرونة واقل حدة واكثر اقتضاباً، تضمنت تعابير مثل"ترغب"بدل"يجب"و"تناشد"حكومتي اسبانيا وفرنسا تقويم ايجابيات بيانها وعدم وضع عراقيل بدل"فرض"موقفها كما كانت تفعل سابقاً. وما جاء في البيان الاول حول تعبير"وقف اطلاق النار الدائم"فسره النص الثاني بأنه اقل من نهائي وأكثر من"غير محدد المهلة". ويبدو ان كلمة هدنه غير موجوده في اللغة الباسكية فاعتمدت"ايتا"تعبير"وقف الاعمال العسكرية". اما اليوم فاستعملت"وقف اطلاق النار"لتقول في البيان الثاني انها تنظر الى"العدالة والسلام والمسيرة الديموقراطية بعد الاطلاع على ارادة الشعب"من دون الحديث عن الرغبة في"تقرير المصير"الذي ربما ستأتي على ذكره في ما بعد. واجمع المحللون والخبراء على ان الوضع القائم متفق عليه مسبقاً بين ممثلين عن الحكومة وعن المنظمة الباسكية بخاصة ان النائب المحلي في برلمان الباسك ارنالدو اوتيغي عن حزب باتاسونا المنحل بحكم قضائي والمشتبه بانه المحاور الرئيسي للحكومة الاسبانية، ادعى المرض، ولم يمثل منذ نحو عشرة ايام امام المحكمة الوطنية التي كان من المنتظر ان تودعه السجن، بناء على طلب المدعي العام. ولما طلب القاضي اثبات مرضه بفحوصات مخبرية، أعلنت"ايتا"الهدنة. واجتمع أمس مدعي عام التمييز بنائب عام المحكمة الوطنية، وتم تأجيل مثول اوتيغي حتى الاربعاء المقبل، ما فسر بعض التكهنات.