هل يمكن لمواطن مخلص ان يسعى لخسارة بلاده في اي ساحة؟ حتى ولو كانت كرة القدم؟.. سؤال صعب، وإجابته نعم... لا سيما في ساحة الرياضة... والتاريخ خير شاهد على ترجيح عنصر الواجب على الوطن إذا تعارضا. نهائيات كأس العالم 2006 لم ترحم اثنين من مشاهير كرة القدم العالمية، اسطورة البرازيل واحد ابرز هدافي اللعبة في السبعينات، والثمانينات، أوبيليه الابيض زيكو، وهو شارك في نهائيات كأس العالم 3 مرات، بقميص منتخب الساليساو الاصفر، ويعمل حالياً مديراً فنياً لمنتخب اليابان، والمدرب الاجنبي الاول في تاريخ منتخب انكلترا السويدي سفن غوران اريكسون، وكلاهما سيواجه منتخب بلاده في الدور الاول، ولكن اثني عشر مدرباً يمكن ان يواجهوا المصير نفسه في"مونديال"2006 في الادوار التالية. البرازيليون باكيتا مع المنتخب السعودي، وفيليبو سكولاري مع المنتخب البرتغالي، وغيماريش مع منتخب كوستاريكا، والهولنديون ليوبينهاكر مع منتخب ترينداد وتوباغو، وجوس هيدنيك مع المنتخب الاسترالي، وديك ادفوكات مع منتخب كوريا الجنوبية، والفرنسيان هنري ميشيل مع منتخب ساحل العاج، وروجيه لومير مع المنتخب التونسي، والارجنتيني ريكاردو فولبي مع المنتخب المكسيكي، والكرواتي راتومير ديوكوفيتش مع المنتخب الغاني، والالماني اوتو بفستر مع المنتخب التوغولي، والصربي برانكو ايفانكوفيتش مع المنتخب الايراني. المواجهة الساخنة لزيكو ضد البرازيل لن تكون الاوى، وسبق للمدير الفني لليابان خوض تلك التجربة المريرة في كأس القارات الصيف الماضي في المانيا، والتقى المنتخبان في الدور الاول وتعادلا 2-2، وتأهلت البرازيل، واحرزت الكأس لاحقاً، بينما حال التعادل دون صعود اليابان، ولا ينسى زيكو تلك المباراة التي تلاعبت بقلبه وأعصابه في اصعب موقف واجهه طوال تاريخه الرياضي، ولكنها منحته خبرات كبيرة ستساعده في المباراة المقبلة مساء 22 حزيران يونيو المقبل في المجموعة السادسة، ويرى ان فرصة اليابان لتقديم مباراة ممتازة وتحقيق نتيجة جيدة زادت، بعد ضياع رهبة مواجهة البرازيل في اللقاء السابق، وينتظر زيكو دعماً وتشجيعاً من جماهير البرازيل التي ساندته طويلاً ومنحها السعادة كثيراً. ومن ناحيته، كان السويدي اريكسون حكيماً وديبلوماسيًا في حديثه عن المواجهة الصعبة مع بلده الاصلي في الدور الاول، ضمن المجموعة الثانية مساء 20 حزيران، ويقول إنه سعيد بصعود السويد ويتمنى لها التوفيق، ولكنه يسعى لتحقيق الفوز لانكلترا على السويد بصفته مدرب محترفاً يحترم عمله وتعاقداته وواجباته المهنية، ويذكر اريكسون ايضاً مباراته المماثلة في الدور الاول لنهائيات 2002 وانتهت بتعادل انكلترا والسويد 1-1، واكملا معاً المشوار بصدارة مجموعتهما على حساب الارجنتين ونيجيريا. الموقف الصعب على زيكو واريكسون ليس جديداً في نهائيات كأس العالم، والبرازيليون هم الاكثر تعرضاً لهذا الموقف، واولهم كان سبباً في الكارثة الكبرى لمنتخب الساليساو في تاريخه مع"المونديال"، وتسبب المدرب البرازيلي للبرتغال اوتوغلوريا، في خسارة بلاده 1-3 في المجموعة، وخروجها من الدور الاول في نهائيات 1966 على يدي البرتغال وهنغاريا، وهي المرة الوحيدة التي فشل فيها منتخب البرازيل في عبور الدور الاول، على رغم انه كان حاملاً للقب في الدورتين السابقتين، ونال اللقب مجدداً في الدورة التالية، وكانت الصدمة الوحيدة على مدار 12 عاماً على يدي البرازيلي غلوريا، ولم يتكرر هذا الحدث المؤسف مجدداً مع راقصي السامبا. أحد أشهر وأمهر نجوم البرازيل واكثرهم عطاءً ونجاحاً لاعب الوسط ديدي، الذي قاد بلاده للفوز بكأس العالم في السويد وشيلي عامي 1958 و1962، عاد مجدداً الى"المونديال"في عام 1970 ولكن في موقع المدير الفني لمنتخب بيرو، وعبر به الدور الاول بكفاءة، وصعد الى ربع النهائي لمواجهة افضل تشكيلة برازيلية على مر العصور، وعلى رغم الهدف الباكر لبيرو تمكن بيليه ورفاقه جايير زينهو وغيرسون وتوستاو وريفيلينو وكارلوس البرتو وكلود الدو من انهاء مشوار نجمهم الكبير ديدي وايقاف المنتخب البيروفي وفازوا 3-1، وعقب حصول البرازيل على الكأس قال ديدي:"كنت اتمنى الفوز على البرازيل في ربع النهائي"، وفور اطلاق الحكم صافرة النهاية تحولت الى مواطن برازيلي يشجع بلاده ويتحمس لها ويفرح لفوزها. الواجب تفوق على الوطن غير مرة في نهائيات كأس العالم.. وكانت الاخيرة مريرة للغاية على الفرنسيين، في المباراة الافتتاحية للنسخة الاخيرة في العاصمة الكورية الجنوبية سيول، ودخلت فرنسا وهي حاملة اللقب وبطلة أوروبا،، في اختبار سهل ضد السنغال المتأهلة للمرة الاولى الى كأس العالم، وقاد مدرب فرنسي مغمور جداً - لا يعرفه الفرنسيون جيداً ولم يسبق له قيادة اي ناد فرنسي كبير - برونوميتسو، واستغل الاخير درايته ودراسته الكاملة لمنتخب بلاده، مع غياب العقل المفكر لفرنسا زين الدين زيدان، ونفذ ضغطاً هائلاً على حامل اللقب، وحقق فوزاً اسطورياً بهدف نظيف لبابا بوبا ديوب، واكمل السنغاليون نجاحهم الى ربع النهائي، وخرجت فرنسا من الدور الاول. المدرب الالماني سيب بيونتيك قاد منتخب الدنمارك المغمور الى تحقيق مفاجأة عملاقة، بالتأهل للمرة الاولى في تاريخه الى نهائيات كأس العالم 1986، وزاد من حجم نجاحه تحقيق الفوز على بلده الاصلي منتخب المانيا الغربية، وصيف كأس العالم 1982، وهزمه بجداره في الدور الاول 2- صفر، وتصدر مجموعته، ولكن الالمان اكملوا طريقهم واختفظوا بمركز الوصيف، بينما خرجت الدنمارك سريعاً من الدور التالي، بعد هزيمة مذلة امام اسبانيا 1-5، المدافع الشهير، الذي نال ذهبية كأس العالم 1966 مع منتخب انكلترا، جاك شارلتون - وهو الشقيق الأصغر لأحسن لاعب في تاريخ بلاده سير بوبي شارلتون - قاد منتخب ايرلندا الحرة في مواجهة حاسمة ضد انكلترا في افتتاح لقاءاتهما في كأس العالم 1990 في ايطاليا، ونجح جاك في الحيلولة دون فوز انكلترا محققاً التعادل 1-1.