بدأ مجلس حكام الوكالة الدولية للطاقة الذرية اجتماعاته في فيينا أمس، لاتخاذ قرار بشأن إحالة الملف النووي الايراني على مجلس الامن. وفي وقت بات قرار الاحالة محسوماً، سعت العواصم الغربية الى تأمين اكبر قدر ممكن من الاجماع لمثل هذا القرار، فيما واجهت معارضة من عدد من الدول في مقدمها: فنزويلا وكوبا وسورية. ومع بدء الاجتماعات، قال مدير الوكالة محمد البرادعي ان البرنامج النووي الايراني لا يشكل"تهديداً وشيكاً"، وان الصراع لم يصل حد الازمة، لكنه في"مرحلة حرجة"يتعين معها على طهران العمل لاستعادة ثقة المجتمع الدولي. ورأى انه لا تزال أمام إيران مهلة شهر، لتوقف كل نشاطات تخصيب اليورانيوم، وذلك في انتظار اصداره تقريراً في هذا الشأن في 6 آذار مارس المقبل. وأكد أن اقتراح موسكو تخصيب اليورانيوم الايراني على الاراضي الروسية يشكل"بارقة أمل"لطهران وحلاً انتقالياً، الى ان يتم بناء الثقة في الطبيعة السلمية للبرنامج النووي الايراني. وأضاف:"لا أحد في مجلس حكام الوكالة ينكر حق إيران في الحصول على الطاقة النووية و"لكن الآن ليس الوقت المناسب للتخصيب خصوصاً أن لديهم إمدادات من المواد لمفاعلهم النووي الوحيد، تكفي العمر كله". وشدد على ان"مجلس الحكام يريد توجيه رسالة شديدة الوضوح الى إيران"عبر التفكير في اللجوء الى مجلس الامن. تعنّت إيراني في طهران، جدد الرئيس محمود أحمدي نجاد تأكيده على أن بلاده لا تخشى التهديدات الغربية بإحالة ملفها النووي إلى مجلس الامن. وقال:"لن تقبل الحكومة ولا الشعب أي تنازل بالنسبة للبرنامج النووي على رغم كل الضغوط التي يمارسها الغرب"الذي اتهمه بمحاولة الحيلولة دون أن تصير إيران"نموذجاً لبلد العلم والتطور"يحتذي به العالم الاسلامي. وقال وزير الخارجية الايراني منوشهر متقي وسكرتير مجلس الامن القومي علي لاريجاني إن"أبواب المفاوضات لا تزال مفتوحة"، ودعا الاثنان الاتحاد الاوروبي إلى العودة عن إحالة الملف الايراني على مجلس الامن، لتفادي مزيد من التعقيدات. وحذر الوزير الايراني في حديث مع صحيفة"ذي غارديان"البريطانية من ان أي عمل عسكري من جانب الولاياتالمتحدة او اسرائيل ضد بلاده ستكون له"عواقب وخيمة"وسيواجه ب"كل الوسائل"المتوافرة لايران. وجدد التهديد بوقف عمليات التفتيش المفاجئ الذي يقوم به مفتشون دوليون على المنشآت النووية الايرانية وكذلك كل أشكال التعاون الطوعية الاخرى مع الوكالة الدولية، اذا احيلت ايران الى الاممالمتحدة. جاء ذلك في وقت واصل المجلس الاعلى للامن القومي الايراني، المكلف الملف النووي، عقد جلسات مكثفة لمناقشة الاقتراحات التي حملها وفد روسي - صيني مشترك برئاسة نائبي وزيري الخارجية في البلدين. ويعتقد بأن المحادثات تناولت الاقتراح الروسي للتخصيب بشراكة صينية، على رغم نفي لاريجاني التطرق الى هذا الموضوع. اجتماعات الوكالة وفي فيينا، واصل مجلس حكام الوكالة اجتماعاته الطارئة حتى المساء ويتوقع ان يستكملها اليوم، وصولاً الى تبني مشروع القرار الأوروبي المدعوم أميركياً والداعي إلى ابلاغ مجلس الأمن بآخر التطورات على صعيد الملف الإيراني. غير أن مصادر ديبلوماسية عربية تحدثت الى"الحياة"استبعدت أن يتمكن المجلس من البت في الموضوع قبل نهاية اليوم الجمعة أو حتى السبت، وذلك بسبب معارضة أبداها عدد من الدول المؤيدة لإيران وفي مقدمها: فنزويلا وكوبا وسورية. وأفادت المصادر بأن مجموعة دول عدم الانحياز والمجموعة العربية تعارض نص مشروع القرار بصيغته الحالية، معتبرة أن من الأفضل عدم التسرع في إحالة طهران إلى مجلس الأمن حالياً والتريث إلى اجتماع مجلس الحكام المقرر في الشهر المقبل. وتعكف مجموعة عدم الانحياز على إدخال بعض التعديلات على مشروع القرار الأوروبي ل"جعله أكثر توازناً"لجهة اللغة القوية المنددة بإيران، مع تغيير البندين الثاني والثالث الذي يدعو إلى إحالة فورية لطهران إلى مجلس الأمن وإخراج ملفها من إطار الوكالة. وفي الوقت ذاته أجرت الدول العربية الخمس العضو في مجلس محافظي الوكالة، جلسات تشاورية جانبية عدة، إذ تود بدورها إدراج بند على مسودة القرار يدعو إلى جعل منطقة الشرق الأوسط خالية من السلاح النووي، كي لا تكون الصيغة انتقائية وتستهدف طهران من دون سائر دول المنطقة. أما روسيا التي كانت من أشد المعارضين لرفع ملف طهران النووي إلى مجلس الأمن فقد أوضح سفيرها إلى الوكالة غريغوري بردينكوف بأن بلاده لا تعارض"إبلاغ"مجلس الأمن بعمل الوكالة في ما يتعلق بإيران والخطوات التي يجب أن تتخذها الاخيرة لتقويم المسألة. وحاول أعضاء المجلس الخروج بقرار يتم تبنيه بالإجماع دون الحاجة إلى التصويت، بغية تجنب إظهار الانقسام، اذا امتنعت بعض الدول عن التصويت أو صوتت ضد القرار. لكن مساعي الدول المناهضة لإحالة طهران على مجلس الأمن لن تؤثر على القرار النهائي الذي سيعتمده المجلس في اختتام اجتماعاته إذا جرى التصويت على الصيغة الحالية، اذ يتم تبني القرارات بغالبية الثلثين أي ثمانية عشر صوتاً من أصل 35.