لا تحب هوليوود الشعارات الكبيرة، ولا أن يقال عنها انها تهتم بالسياسة أكثر مما ينبغي. ومع هذا يزداد توجه عاصمة السينما الأميركية والعالمية عاماً بعد عام، صوب الأفلام الملتزمة، ليس انتاجاً فقط، بل حتى على صعيد التكريم والجوائز. وهذا الوضع يبدو هذا العام، من خلال ترشيحات الأفلام المتبارية للفوز بجوائز الأوسكار، واضحاً أكثر من أي عام مضى. ولعل علامته الأولى، الحضور الطاغي لفلسطين، تاريخاً وحاضراً، من خلال ما لا يقل عن فيلمين رئيسين، هما أولاً"ميونيخ"لستيفن سبيلبرغ، الذي يقول التباسات، صحية في نهاية الأمر، من حول عملية ميونيخ لأيلول الأسود التي أوقعت ضحايا رياضيين اسرائيليين، لكنها في المقابل دفعت اسرائيل الى ارتكاب عمليات انتقام أكثرها كان لا أخلاقياً... وهذا ما يشدد عليه الفيلم؟ ثم هناك"الجنة الآن"لهاني أبو أسعد، الفيلم الفلسطيني الذي كان حقق نجاحات وسجالات وجوائز خلال الشهور الفائتة، وهو عن شابين يجندان للقيام بعملية انتحارية داخل فلسطينالمحتلة. وهذا الفيلم بدوره يحمل التباساته. ومن هنا واضح ان"ميونيخ"المرشح لجائزة أفضل فيلم وثلاث جوائز أخرى وپ"الجنة الآن"المرشح لجائزة أفضل فيلم أجنبي وكان قبل أيام فاز بمثلها في مباريات"الغولدن غلوب"، سينقلان فلسطين وإشكالاتها الى قلب احتفالات الأوسكار... وتتضاعف أهمية هذا الأمر الآن على ضوء فوز حركة"حماس"بغالبية مقاعد البرلمان الفلسطيني الجديد. "ميونيخ"ينافس في فئته أفلاماً لا تقل عنه قوة وحظوظاً:"جبل بروكباك"لآنغ لي، وپ"كابوتي"عن حياة الكاتب ترومان كابوتي، وپ"كراش"، وخصوصاً"ليلة سعيدة وحظاً سعيداً"لجورج كلوني، وهو الآخر فيلم سياسي فائق الأهمية عن الماكارثية. ثلاثة من هذه الأفلام رشح أيضاً نجومها ف. س. هوفمان وهيث ليدجر ودايفيد ستراترن لأفضل ممثل، اضافة الى تيرنس هوار "هاستل اندملو" ويواكيم فينيكس "عبور الخط" عن حياة جوني كاش. ومن بين الأفلام التي ذكرنا حتى الآن، وحده الأخير رشحت ممثلته ريس ويذرسبون لأفضل ممثلة، بالتنافس مع كل من جودي دنش السيدة هندرسون تقدم وفيليسيتي هوفمان ترانسأميركا وكيرا ناتيلي وشارليز ثورون فازت بالجائزة نفسها في العام الفائت. أما في فئة أفضل ممثل ثانوي فنجد نجوماً كباراً: جورج كلوني سيريانا وبول جاماتي وجاك سيلنهال ومات ديلون وويليام هارت. وفي فئة المخرجين الخمسة اصحاب الأفلام المتبارية على أحسن فيلم آنغ لي، سبيلبرغ، كلوني، هاجيس وبنيت ميلر. وبعد هذا تبقى الجوائز التقنية والفنية المختلفة... حين ترد أسماء الأفلام نفسها، مع بعض التنويعات، كأن يرشح جوش اولسون أفضل سيناريو عن"تاريخ من العنف" أو وودي آلن أحسن سيناريو أصيل عن"ضربة المباراة"... أما الملاحظة التي تطرح نفسها ازاء هذا كله، اضافة الى تقدم الأفلام الملتزمة والمستقلة أحياناً في الترشيحات، فهي ان الأفلام الضخمة مثل"كينغ كونغ"وپ"مذكرات غيتا"وپ"مدونات نارنيا"وپ"حرب العوالم" لا تحتل هذه المرة مكانة أولية في الترشيحات... حتى وإن ذكرت في هذه الفئة التقنية أو تلك. وفي النهاية من يفوز من بين هؤلاء؟ على الهواة انتظار أيام أخرى قبل الحصول على الجواب، حتى وإن كان الذين تابعوا نتائج"الغولدن غلوب"أخذوا فكرة أولية من خلال نجاحات مثل"جبر بروكباك"وپ"الجنة الآن"لهاني أبو أسعد عما ستكون عليه نتائج الأوسكار... إذ جرت العادة على أن يكون جزء أساس من الفوز في الأوسكار مطابقاً لنتائج التصويت في"غولدن غلوب".