"هذا الفوز هو اعتراف بأن الفلسطينيين يستحقون الحرية والمساواة من دون شروط". بهذه الكلمات استقبل المخرج الفلسطيني هاني أبو أسعد فوز فيلمه"الجنة... الآن"بجائزة"غولدن غلوب"الأميركية في فئة افضل فيلم اجنبي. وهذه الجائزة هي، على الإطلاق، أرفع جائزة يفوز بها فيلم عربي في تاريخ الجوائز الأميركية... ومن المرات النادرة التي يفوز فيها فيلم عربي في مسابقة سينمائية عالمية. اذ سبقه الجزائري محمد الأخضر حامينا والمصري يوسف شاهين واللبناني الراحل مارون بغدادي بنجاحات اساسية متنوعة في"كان". كما ادخل الفلسطيني ايليا سليمان اسم بلاده على الاحتفال الختامي لدورة مهرجان"كان"قبل ثلاث سنوات، حين فاز فيلمه"يد إلهية"بجائزة لجنة التحكيم الخاصة في المهرجان الفرنسي العريق. غير أن لفوز"أبو أسعد"هذه المرة طعماً خاصاً... لأن هوليوود لم تعتد منح جوائزها لعرب... وفي شكل اكثر حدة لفلسطينيين، خصوصاً لفيلم اشكالي حول فلسطين يغوص في قلب السياسة ومسألة"الإرهاب"عبر موضوع اقل ما يمكن الأميركيين ان يقولوا عنه انه مبهم وملتبس، بالتالي لا يتطابق تماماً مع وضوح"صوابيتهم السياسية"وتبسيطيتها بين الأبيض والأسود. وفيلم"الجنة الآن"، وهو الفيلم الروائي الطويل الثاني ل"أبو أسعد"بعد"عرس رنا"، كان حرك سجالات عربية وإسرائيلية كثيرة بسبب جرأة موضوعه وطرحه، منذ عرض في مهرجان"برلين"قبل سنة. فتوقع له كثر الفوز بجائزة اساسية، وأدت التسويات الى إعطائه جائزة افضل فيلم أوروبي حينها. ومن يومها و"الجنة الآن"يحصد سجالات عريضة، وعروضاً مهرجانية وجوائز. لكن احداً لم يكن ليتوقع لفيلم يحكي عن الأيام والساعات الأخيرة لمتطوعَيْن في تنظيم اسلامي متطرف للقيام بعمليتين داخل اسرائيل، عاشا نتيجة ذلك تمزقاً بعد حماسة، ان يصل الى ال"غولدن غلوب"، حيث كان يتنافس على اللقب مع تحفة فرنسية هي"عيد ميلاد سعيد"وفيلمين من الصين وثالث من جنوب افريقيا. والحقيقة ان هاني أبو أسعد كان اول من فاجأهم الفوز في احتفال حضره كبار نجوم هوليوود، وسلمته الجائزة فيه الممثلة جيسيكا باركر صارخة"هذه الجائزة تذهب الى فلسطين"، فيما لم يفته هو ان يوجه تحية خاصة الى شعبه، الشعب الفلسطيني، للمناسبة. في الحفلة ذاتها فاز فيلم"بروكباك ماونتن"للأميركي التايواني الأصل آنغ لي، بأربع جوائز اساسية افضل فيلم درامي وأفضل مخرج وأفضل اغنية وأفضل سيناريو، كما فازت فيليسيتي هوفمان بجائزة افضل ممثلة عن دورها في فيلم"ترانس اميركا"، وأعطي انطوني هوبكنز جائزة تكريم عن عمله ككل... وسط منح جوائز أخرى في هذه المسابقة التي تقيمها جمعية الصحافة الأجنبية في هوليوود، مرة كل سنة قبل اسابيع من اعلان الفائزين بالأوسكار، وتعتبر عادة مدخلاً الى الأوسكار حيث يتطابق معظم نتائجه مع نتائجها، ما يعني ان احتمالات وصول فلسطين الى الأوسكار، حلم كل سينمائي عربي... لم تعد غير منطقية.