ربما مر أكثر من ثلاثة أسابيع منذ أن نشرت الصحيفة الدنماركية الرسوم الكاريكاتورية التي اعتبروها حرية للرأي واعتبرناها اهانة لحرية الرأي قبل أن تكون مساً بكرامة رمز الاسلام الأعظم، وأنا عن نفسي - وربما مثلي كثير - لم أستغرب كثيراً مثلپهذه الهجمة الشرسة، فقد اعتاد النبي عليه الصلاة والسلام حيا ًوميتاً على هذه الأمور ابتداء من أبي جهل وأبي لهب وبقية المشركين آنذاك مروراً بمواكب المستشرقين وحفنة الكتاب أمثالپ الهندي سلمان رشدي الذي حقد على ربه لأنه لم يخلقه مثل سيده الانكليزي أشقر أزرق العينين فكتب آياته الشيطانية المثيرة للاشمئزاز والشفقة في الوقت ذاته، وأخيراً الدنمارك التي اتضح أن أهلها يمتلكون من المواهب أكثر من مجرد الاعتناء ببقرة"لورباك"المدللة. كل الذي استغربت من أجله هو ذلك البرود الدنماركي والنروجي الذي يحسدهم عليه الجراح البريطاني اياه الذي تغنت به السندريللا منذ نيف وثلاثين عاماً. والسؤال هنا لماذا لم يخش أصحاب الصحيفة من رد فعل مليار مسلم، إضافة الى المئات الذين أصبحوا قنابل موقوتة جاهزية للانفجار في أي لحظة؟ ربما لأن أصحاب القرار في الغرب طمأنهم السبات العربي العميق. فمن يقابل، من وجهة نظرهم، مهرجان الدم المتواصل في فلسطين والعراق وقبله في أفغانستان والبوسنة، إضافة الى القرابين البشرية اليومية التي لا تعلم بأي ذنب قتلت بالتجاهل والتغاضي، فالأجدر به أن يغفر زلة صحافي دنماركي متحمس، أو ربما لأننا - ومن دون قصد - بدأنا نلعب دور الراعي الكذاب ببراعة، فكم مرة هددنا وتوعدنا واستنكرنا من دون أن نقوم بأي شيء يذكر سوى التجمهر أمام السفارات مع بضعة ليترات من الغاز نحرق بها علم المحتل ولسان حالنا يقول:"من لا يقدر على الحمار يتقوى على البردعة". ربما كانت هذه هي الاسباب، وربما هناك أسباب أخرى جعلت الدنمارك تفعل فعلتها من دون أن تخشى في حرية التعبير لومة لائم أو دعوة مظلوم أو قنبلة ارهابي. عموماً ما زالت التظاهرات العربية مستمرة والبضائع الدنماركية المغضوب عليها في ازدياد مستمر. فلربما استطاع العرب هذه المرة التخلص من دور الراعي الكذاب والثأر لكرامتهم المهدورة بالانتقام من الحمار بدلاً من بردعته. هدى جعفر - اليمن - بريد الكتروني