نشرت "الحياة" في عددها 13997، في 12 تموز يوليو خبراً بعنوان مطالبة دنماركية باعتقال سفير اسرائيل لارتكابه اعمال تعذيب لفلسطينيين. انا، كقارئ، لا أستغرب ما جاء في الخبر المنشور على رغم شكوكي في صدقية السلطات وإمكان تنفيذ الاعتقال لكثير من الاعتبارات التي يعلمها الناس. فهو مجرد خبر عادي لا يستحق الاهتمام، وحبر على الورق وقد يكون مجاملة ديبلوماسية للعرب وخدمة لمصالح اقتصادية دانماركية. ان قصد السلطات الدنماركية من وراء نشر الخبر إبلاغ العالم انها دولة تراعي حقوق الإنسان، وتدافع عن حقوق المظلومين والمضطهدين. والغريب العجيب والمثير هو كيف تطالب دولة كالدنمارك باعتقال سفير اسرائيل لارتكابه اعمال تعذيب الفلسطينيين، في الوقت الذي يعاني فيه المئات من اللاجئين من دول تشهد اضطرابات اقتصادية وسياسية، كالعراق ويوغوسلافيا، الموت البطيء، والأمراض النفسية والعصبية، ومختلف انواع الالتهابات جراء بقائهم في مخيمات اللاجئين في الدنمارك من دون حل. وبعضهم ما زال منذ اربعة اعوام بعيداً عن العوائل والأطفال، وهم ينتظرون بصيص نور إجراء تقوم به السلطات والبوليس الدنماركي من دون جدوى.فلا يسمح لهم بمغادرة الدنمارك الى دولة اخرى. وترفض الدنمارك اعادتهم الى أوطانهم، على رغمش مطالبة بعضهم بذلك وقبولهم به. وحجز البوليس الدنماركي وثائقهم ومستمسكاتهم الرسمية. ويعطى اللاجئون صناديق تحتوي على طعام اختارها البوليس ولا تصلح لأكل الشرقيين، ومحسوبة لأربعة عشر يوماً، بينما هي لا تكفي إلا لأيام معدودة. واليوم تدافع السلطات الدنماركية عن حقوق الآخرين في دول غير الدنمارك. وهز مشاعر هذه السلطات ما يرتكب من جرائم في حق الشعب الفلسطيني المناضل، ولكن لم تهتز مشاعر هذه السلطات لعشرات اللاجئين على بعد امتار من أنظارها، وهم يعانون أفظع الأوضاع وأقساها. فاللاجئون الى الدنمارك يناشدون الأمين العام للأمم المتحدة، والمنظمات الإنسانية، والضمير الإنساني العالمي، وكل الشرفاء والمدافعين عن حقوق البشر التدخل لدى هذه السلطات لوقف معاناتهم الإنسانية والبدء في حل قضاياهم. كوبنهاغن - وليد حنا بيداويد