منذ انتخب الدكتور نعمان جمعة رئيساً لحزب"الوفد"في العام 2001، لم تتوقف الحملات من داخل الحزب التي تتهمه بالديكتاتورية والتفرد بقرار الحزب وإدارة شؤونه. فالقانوني المخضرم بدأ تصفية خصومه ومعارضيه واحدا تلو الآخر منذ جاء على رأس الحزب الليبرالي العريق. وشهد"الوفد"في عهد جمعة 71 عاماً انشقاق قياديين كثر وطرد آخرين، أبرزهم رئيس حزب"الغد"المعارض الدكتور أيمن نور الذي تفوق على جمعة بفارق لافت في انتخابات الرئاسة المصرية الأولى في أيلول سبتمبر الماضي، والدكتورة منى مكرم عبيد ابنة القطب الوفدي البارز، وكلاهما خرج في بداية عهد جمعة، قبل أن يعزل الأخير نائب رئيس الحزب الدكتور منير فخري عبد النور، بسبب انتقادات وجهها اليه في حوار صحافي. وكان قرار إقصاء عبد النور بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير، فدعت قيادات الوفد إلى اجتماع عاجل لهيئته العليا، شهد سجالاً حاداً، وانتهى إلى إلغاء قرار جمعة فصل عبد النور وإصدار قرارات بتقليص صلاحيات رئيس الحزب. غير أن جمعة عاد ليرفض أن تهتز صورته كمسيطر على"الوفد"، فوجه اتهامات إلى نائبيه عبد النور ومحمود أباظة ليجدد أزمة الحزب. لكن الصراعات التي يجيد جمعة خوضها ليست الشيء الوحيد الذي عرف به، فهو أدخل"الوفد"في انتكاسات متتالية، كان أبرزها هزيمته الساحقة في انتخابات الرئاسة التي حصل فيها على أقل من ثلاثة في المئة من أصوات الناخبين، ثم الانتخابات البرلمانية التي جرت أخيراً وحصل"الوفد"فيها على ستة مقاعد فقط. ورفض جمعة مطالبة قيادات"الوفد"له بالاستقالة في أعقاب الهزائم المتكررة للحزب. وتسبب جمعة في زعزعة ثقة المعارضة في حزبه حين وافق على الترشح للرئاسة، على رغم أن"الوفد"كان اتخذ قراراً بمقاطعة الانتخابات مع حزبي التجمع والناصري، وإن علل ذلك بأن قيادات الحزب"أرغمته"على خوض الانتخابات. واحتلّ حزب الوفد مكانة مهمة على الساحة السياسية منذ 1919 وحتى ثورة 23 تموز يوليو 1952 وذلك بفضل تبنيه قضية التحرير الوطني والدور الذي لعبه في مناهضة الاستعمار البريطاني. ويعتبر أول رئيس للحزب سعد زغلول أحد أهم رموز حركة التحرر الوطني. وفي العام 1927، توفي سعد زغلول فخلفه في رئاسة الحزب مصطفى النحاس باشا. ويعتبر النحاس باشا من الشخصيات التاريخية للحزب وفي مصر، إذ تولى خلال فترة 1929 و1951 رئاسة أربع حكومات. وحُل الحزب عام 1953 مع بقية الأحزاب بعد ثورة الضباط الأحرار. ويعد جمعة، وهو ابن إحدى الأسر المتوسطة من محافظة المنوفية، أول رئيس ل"الوفد"من خارج النخبة الاقتصادية السياسية التي حكمت البلاد قبل ثورة 1952. وكان رئيس"الوفد"أستاذاً في كلية الحقوق في جامعة القاهرة، ثم عميداً لها فترتين متتاليتين بالانتخاب، قبل أن تصبح المناصب الجامعية بالتعيين. وحصل على الدكتوراه في القانون المدني من جامعة باريس، وعمل وكيلاً للنائب العام في محافظات عدة.