بعد عشرة ايام على موت الكسندر ليتفينينكو مسموماً بمادة بولونيوم المشعة، كثرت الفرضيات في الجهة المسؤولة عن اغتياله. وبعض هذه الفرضيات يتهم بوريس بيريزوفسكي، رجل الأعمال الروسي المنفي في بريطانيا، بالجريمة. وبعضها الآخر يرجح انتحار ليتفينينكو، أو يشكك في وفاته، أو يتهم الشيشانيين باغتياله. والحق أن اللجوء الى مادة البولونيوم المشعة لقتل الأعداء هو أمر شائع في جبال القوقاز منذ أيام الإمام شامل. وتسعى سكوتلانديارد الشرطة البريطانية في رسم خريطة تحركات ليتفينينكو يوم تسممه. وتتبع الشرطة البريطانية آثار المادة المشعة في أنحاء لندن. وهي نجحت في رصد رحلات جوية حمل بعض ركابها مواد مشعة. وجليّ ان التحقيقات تتجه نحو نهايتها المرجوة، أي الكشف عن القتلة. ومن المتوقع أن تكتشف سكوتلانديارد هوية مهرب البولونيوم الى لندن، وهوية زائر غرفة ليتفينينكو في الفندق. ولكننا لن نعرف من وقف وراء تسميم ليتفينينكو. فتاريخ الدولة الروسية حافل بعمليات تصفية المنشقين منذ عهد الثورة البلشفية. ولا شك في أن ظروف اغتيال عائلة آخر القياصرة تشبه ظروف اغتيال ليف تروتسكي قائد سوفياتي اغتيل في 1940. ويجمع المؤرخون على أن النظام السوفياتي قتل تروتسكي، ولا ينسب أحد منهم هذا الاغتيال الى مؤامرة أرادت تشويه صورة الزعيم السوفياتي جوزيف ستالين 1879 ? 1953 في المجتمع الدولي، والى إدانته. ويحوط الغموض حادثة اغتيال ليتفينينكو: فهل أمر فلاديمير بوتين بتصفية عدوه؟ وتختلف تبعات هذه الحادثة بحسب الجهة المسؤولة. فإذا ظهرت براءة بوتين، أصابت أصابع الاتهام"حزب أنصار الولاية ولاية بوتين الرئاسية الثالثة". وعليه، قد يكون هذا الحزب مسؤولاً عن تصفية ليتفينينكو نيابة عن بوتين. ولكن هل توقعت القيادة الروسية احتمال اكتشاف السلطات المختصة آثار المادة المشعة، أم حسبوا ان الآثار ستمحى، وتتبدد، فتندثر قضية الاغتيال؟ أم هل راهن الساعون الى تمديد ولاية بوتين على اكتشاف البريطانيين آثار البولونيوم، وعلى قطع علاقات روسيا، تالياً، بالغرب، وإطلاق يدها في الداخل بعد التخلص من قيود التدخل الخارجي الغربي؟ وإذا صح ان هذا الفريق راهن على التصور الثاني، تحقق أن الفريق مجموعة عميان لجأوا الى تقنيات نووية، وخالوا، شأن الأطفال السذج، ان الغرب مضطر الى التغاضي عن المسألة، ولن يحملها على محمل جد. عن يوليا لاتينينا، "نوفايا غازيتا" الروسية ، 4 / 12 / 2006