انقسم العراقيون، بين مؤيد ومعارض لفكرة المؤتمر الدولي التي طرحها الأمين العام للأمم المتحدة كوفي انان الذي وصف الوضع بأنه"اسوأ"من حرب أهلية. وانضم الرئيس جلال طالباني أمس الى زعيم"المجلس الأعلى للثورة الاسلامية"، رافضاً هذه الفكرة لأنها تتعارض مع المسيرة السياسية للحكومة، فيما أيدها زعيم"جبهة الحوار الوطني"صالح المطلك، مؤكداً ان بعض القوى المعارضة في صدد تشكيل"جبهة انقاذ وطني". في غضون ذلك، أكد مستشار الأمن القومي الأميركي ستيفن هادلي ان البيت الأبيض سيخرج باستراتيجية جديدة لسياسته في العراق، تعتمد"التوصيات المناسبة"لتقرير لجنة بيكر المتوقع صدورها الأربعاء، وتوصيات أخرى يعدها مسؤولون في الادارة، وتقارير الكونغرس. وقال ان سفير واشنطن في بغداد زلماي خليل زاد مكلف الاتصال بدمشقوطهران، مستبعداً تكليف وزير الخارجية جيمس بيكر هذه المهمة. ورفض طالباني أمس الدعوة الى مؤتمر دولي. وقال خلال مؤتمر صحافي مع رئيس لجنة القوات المسلحة في مجلس النواب الاميركي كريستوفر شايز:"هناك عملية سياسية جارية وهناك مجلس نواب هو الافضل في المنطقة ونحن اصبحنا دولة مستقلة ذات سيادة نقرر مصير البلد". وكان الحكيم رفض امس السبت الفكرة. وقال في عمان قبيل توجهه الى الولاياتالمتحدة:"نعتقد بأن اقتراح الامين العام كوفي انان غير واقعي وغير صحيح وغير شرعي وغير قانوني". واضاف طالباني:"اتفق رئيس الوزراء نوري المالكي خلال لقائه الرئيس جورج بوش على قضايا مهمة ستؤدي الى اطلاق يد الحكومة في زيادة فاعلية قوات الجيش والشرطة لمواجهة العمليات الارهابية. اننا نسير نحو تعديل حكومي لتحسين أداء الحكومة والبدء بخطة فاعلة لتعزيز الامن وسنتمكن، وللمرة الاولى، بموجب هذه الخطة من حشد مئات الألوف من القوى الأمنية لمواجهة الارهاب". من جهته، قال شايز:"اعتقد أننا ارتكبنا أخطاء بينها حل القوات المسلحة العراقية والتساهل إزاء العمليات التي أدت الى التدهور الأمني". واشار الى ان"مطالبة المالكي خلال لقائه الرئيس بوش كانت واضحة بضرورة ان تتسلم الحكومة العراقية مهمات السيطرة على الوضع الامني، ونحن في الكونغرس ندعم هذا التوجه كونه يصب في الغرض ذاته". لكن انان قال في حديث الى التلفزيون البريطاني"بي بي سي":"نظراً الى مستوى العنف وعدد الاشخاص الذين قتلوا، والطريقة التي تنظم القوات بعضها ضد بعضها الآخر، قبل بضع سنوات وعندما كان هناك نزاع في لبنان وفي أمكنة اخرى، كنا نصف ذلك بالحرب الاهلية"، مضيفا ان الوضع في العراق"اسوأ من حرب أهلية إنه خطير جداً". مضيفاً:"اعتقد ان من مصلحتنا جميعاً إعادة العراق الى وضع طبيعي ونريد إعادته، إلا ان من واجب العراقيين التوحد والعمل لذلك". وقال هم"بالطبع سيكونون في حاجة الى مساعدة ... ولست متأكدا من ان في امكانهم ان يقوموا بذلك وحدهم". واشار الى ان العراقيين يملكون انطباعاً بأن الوضع ازداد سوءاً منذ سقوط نظام الرئيس السابق صدام حسين في 2003، وهم"على حق في ما يتعلق بحياة العراقي العادي". وزاد:"لو كنت عراقيا عاديا لأطلقت بالتشبيه ذاته. كان عندهم ديكتاتور قاس، ولكن كانت لهم شوارعهم وكان في امكانهم الخروج وكان في امكان أولادهم الذهاب الى المدرسة والعودة الى منازلهم من دون ان تقلق والدتهم او والدهم ...". في عمان وصف صالح المطلك بلده بأنه"منكوب ويحتاج الى صحوة دولية لإنقاذه من الدمار والنهب". وانتقد في مؤتمر صحافي موقف رئيس"المجلس الاعلى للثورة الاسلامية"عبدالعزيز الحكيم في رفضه المؤتمر الدولي، وقال:"يرفضون دعوة الامين العام للامم المتحدة ويتناسون ان مجلس الأمن رعى كل القرارات الدولية في العراق ابتداء من الاحتلال ونهاية بالعملية السياسية الجارية". وتساءل:"كيف تتقدم الحكومة بطلب الى الاممالمتحدة لتمديد بقاء قوات الاحتلال لسنة أخرى من دون ان يمرر الطلب في البرلمان؟". واضاف:"يقبلون ان تحميهم الاممالمتحدة ولا يقبلون ان تحمي دماء العراقيين". واشترط لعقد الموتمر الدولي حضور كل الأطراف الاقليمية والدولية المؤثرة بما فيها ايران، على ان تحضره الحكومة العراقية وتكون طرفاً من الأطراف العراقية التي يجب ان يتاح لها المجال للمشاركة". واعلن انه وشركاءه السياسيين يضعون اللمسات الاخيرة على اعلان جبهة عريضة"تستثني المجلس الاعلى للثورة الاسلامية وقسماً من حزب الدعوة والحزبين الكرديين". وعن مشاركة التيار الصدري في الجبهة الجديدة قال:"سيشارك التيار الصدري الوطني الذي لم تتلوث أيديه بدماء العراقيين، التيار الذي سيحاسب من استغل اسمه وقتل عراقيين والشرط الاساسي ان يتم حل الميليشيات". وانتقد المطلك الدعم المباشر الذي قدمه الرئيس جورج بوش الى رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الذي التقاه في عمان الخميس الماضي، وقال:"سيندم الرئيس الاميركي على كل فترة دعم اضافية أعطاها لحكومة المالكي، لأن ذلك يطيل عمرها، وبالتالي يطيل الخسائر في الجانبين الاميركي والعراقي". في واشنطن استبعد هادلي تعيين مبعوث جديد مثل بيكر لعقد لقاءات في المرحلة المقبلة مع الحكومة السورية أو الايرانية حول موضوع العراق، وأكد أمس أن الجانب العراقي يتولى"ايصال الرسالة الى طهران أو دمشق"وأن السفير خليل زاد هو الجهة الوحيدة المكلفة حاليا الاتصالات. وجدد موقف الادارة الأميركية الذي يرى أن المشكلة مع طهرانودمشق"ليست مشكلة اتصالات"، بل"تتلخص بسياسات تعتمدها الحكومتان وتضر بالاستقرار العراقي". وأضاف في حديث الى قناة"سي بي أس"أن الحكومة العراقية"هي التي تتواصل معهما ونحن نحترم سيادتها". وتوقع أن يخرج البيت الأبيض باستراتيجية شاملة حول العراق في غضون"أسابيع"تعتمد النقاط التي يراها بوش مناسبة في تقرير اللجنة المشتركة حول العراق بيكر والنائب السابق لي هايلتون المتوقع صدوره هذا الأسبوع، وتلك التي يتم اعدادها في البيت الأبيض ووزارة الدفاع اضافة الى تقارير الكونغرس. ولم يرفض هادلي فكرة عقد مؤتمر دولي، لكنه استبعد أي حوار مباشر أو ارسال مبعوث خاص الى دمشق أو طهران. وقالت أوساط قريبة الى الخارجية الأميركية ل"الحياة"إن الوزيرة كوندوليزا رايس أكثر"انفتاحا على فكرة ايفاد بيكر مبعوثاً خاصاً الى ايران". ويعارض الفكرة مكتب نائب الرئيس ديك تشيني ومساعدون بارزون لبوش مثل أليوت ابرامز. وفي اطار الاستراتيجية الجديدة، أكد خليل زاد تأييده التعجيل بانسحاب القوات الاميركية"على المدى البعيد"، وهذا ما أشار اليه قبل شهر وزير الدفاع المستقيل دونالد رامسفيلد في وثيقة نشرت أمس.