عند الثامنة من صباح 14 آب أغسطس 2006 كان الكثير من معالم الضاحية الجنوبية لبيروت تغير. في تلك الساعة كان بند "وقف الأعمال العدائية" المذكور في القرار 1701 دخل حيز التنفيذ، ومعه صار في إمكان من أجبروا على الرحيل قبل 33 يوماً أي قبل الحرب بين إسرائيل وپ"حزب الله" أن يعودوا إلى منطقتهم المنكوبة حيث رائحة الحريق تختلط بالرائحة القاسية لبقايا الدمار والبقايا البشرية. قبل يومين من 14 آب صدر القرار الدولي 1701 الذي تلقفه المواطنون كحبل نجاة. دعا إلى وقف تام للأعمال القتالية، مستنداً في صورة خاصة إلى وقف"حزب الله"كل الهجمات فوراً، ووقف إسرائيل الفوري كل العمليات العسكرية الهجومية. وطالب الحكومة اللبنانية وقوة الأممالمتحدة في لبنان، بنشر قواتهما معاً في كل أنحاء الجنوب، وطالب الحكومة الإسرائيلية بسحب كل قواتها من الجنوب في شكل موازٍ. وأكد القرار الذي ولد بعد مخاض عسير وتبناه مجلس الأمن في 12 آب"أهمية بسط سيطرة حكومة لبنان على كل أراضيه وان تمارس كامل سيادتها، حتى لا تكون هناك أي أسلحة من دون موافقة حكومة لبنان ولا سلطة غير سلطتها". وإضافة إلى بنود أخرى تتحدث عن مساعدات إنسانية ومالية وعودة اللاجئين، دعا القرار الدولي"إسرائيل ولبنان إلى دعم وقف دائم لإطلاق النار، وحل طويل الأمد استناداً إلى: الاحترام التام للخط الأزرق من كلا الطرفين، واتخاذ ترتيبات أمنية لمنع استئناف الأعمال القتالية، بما في ذلك إنشاء منطقة بين الخط الأزرق ونهر الليطاني خالية من أي أفراد مسلحين أو معدات أو أسلحة، بخلاف ما يخص حكومة لبنان وقوة الأممالمتحدة الموقتة في لبنان وفق ما أذنت به الفقرة 11 والمنشورة في هذه المنطقة، والتنفيذ الكامل للأحكام ذات الصلة من اتفاق الطائف والقرارين 1559 2004 و1680 2006 التي تطالب بنزع سلاح كل الجماعات المسلحة في لبنان، حتى لا تكون هناك أي أسلحة أو سلطة في لبنان عدا ما يخص الدولة اللبنانية، عملاً بقرار مجلس الوزراء اللبناني المؤرخ في 27 تموز يوليو 2006، ومنع وجود قوات أجنبية في لبنان من دون موافقة حكومته، ومنع مبيعات أو إمدادات الأسلحة والمعدات ذات الصلة إلى لبنان عدا ما تأذن به حكومته، وتزويد الأممالمتحدة الخرائط المتبقية للألغام الأرضية في لبنان، الموجودة في حوزة إسرائيل". وسمح القرار بپ"زيادة قوام قوات الأممالمتحدة الموقتة في لبنان إلى حد أقصى مقداره 15000 جندي، وأن تتولى مهمات: رصد وقف النار، مرافقة القوات المسلحة اللبنانية ودعمها قرار الحكومة اللبنانية إرسال 15000 جندي لبناني إلى الجنوب أثناء انتشارها في كل أرجاء الجنوب، بما في ذلك على طول الخط الأزرق، وأثناء سحب إسرائيل لقواتها المسلحة من لبنان ... ومساعدة القوات المسلحة اللبنانية في اتخاذ خطوات ترمي إلى إنشاء المنطقة المشار إليها في الفقرة 8". كما أذن القرار لپ"قوة الأممالمتحدة الموقتة في لبنان باتخاذ كل ما يلزم من إجراءات في مناطق نشر قواتها وكما ترتأي في حدود قدراتها لكفالة ألا تستخدم منطقة عملياتها للقيام بنشاطات معادية من أي نوع، ولمقاومة محاولات تجرى بوسائل القوة لمنعها من القيام بواجباتها بموجب ولاية مجلس الأمن، ولحماية موظفي الأممالمتحدة ومرافقها ومنشآتها ومعداتها، وكفالة أمن تنقل موظفي الأممالمتحدة والعاملين في المجال الإنساني وحريتهم ولحماية المدنيين المعرضين لتهديد وشيك بالعنف البدني، من دون المس بمسؤولية حكومة لبنان". وطالب الحكومة بتأمين الحدود اللبنانية"وغيرها من نقاط الدخول لمنع دخول الأسلحة أو ما يتصل بها من عتاد إلى لبنان من دون موافقتها"، وطلب إلى قوة الأممالمتحدة الموقتة"وفق ما أذنت به الفقرة 11 مساعدة حكومة لبنان بناء على طلبها". وقبل ولادة القرار 1701 عاش اللبنانيون يوميات القتل والدمار، تحت هواجس مشاريع قرارات لم تبصر النور. والأبرز بينها مشروعان أميركي وفرنسي، اعتبر وزير الخارجية المستقيل فوزي صلوخ أنهما لا يرقيان إلى مستوى الطموحات اللبنانية، خصوصاً أنهما يتفقان على عدم حصول وقف فوري للنار، بل على مراحل، ولا يبلوران أمر تحرير مزارع شبعا وتلال كفرشوبا. وفند نقاط الاختلاف بين المشروعين، مشيراً الى ان الأميركيين يريدون أن يشمل القرار كل القضايا وأن يصدر وفقاً للفصل السابع، بينما يرى الفرنسيون صدور قرار وفقاً للفصل السادس على أن يصدر لاحقاً قرار وفق الفصل السابع، يقضي بإنشاء العقوبة الدولية التي ستكون مجازة من مجلس الأمن. وكرر مطالب لبنان المتمثلة بوقف فوري للنار وانسحاب اسرائيلي إلى خلف الخط الأزرق وتحرير مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وعودة النازحين اللبنانيين إلى قراهم وتسليم خرائط الألغام . لكن نقاط الاختلاف بين المشروعين سرعان ما اختفت، وأفرزت ما عُرف بمشروع القرار الأميركي - الفرنسي الذي رفضته الحكومة اللبنانية ورئيسها فؤاد السنيورة المصر آنذاك على أن يشمل أي قرار لإنهاء الحرب البنود السبعة التي طرحها في مؤتمر روما لدعم لبنان، وأهمها الانسحاب الفوري ووقف النار، كما أكد"حزب الله"أنه يرفض أي قرار لا يشمل البنود على رغم تحفظه عن بعضها. وهكذا، استمرت المناورات إلى حين ولادة القرار 1701 الذي وضع حداً للحرب، من دون أن يحظى بتصفيق جماعي في لبنان. ففي حين أعلن الأمين العام ل"حزب الله"السيد حسن نصر الله أن"القرار الدولي غير عادل وغير منصف، ولن نكون عائقاً أمام الحكومة"التي وصف سلوكها مشيراً الى أنها"تتصرف بمسؤولية وطنية"، ومشدداً على أن الأولوية هي لوقف العدوان واستعادة الأرض وعودة النازحين. ومع بدء تنفيذ القرار ووقف الحرب تواصل تدفق المساعدات العربية والدولية إلى لبنان بحرية أكبر مما كانت عليه خلال القصف الاسرائيلي بسبب تقطيع أوصال البلد وإقفال مرافقه، فضلاً عن استهداف الطائرات الإسرائيلية قوافل المساعدات في اكثر من منطقة.