حذرت شركة "غاز بروم"، عملاق الغاز الطبيعي الروسي، بيلاروسيا الحليف الأقرب الى موسكو من عواقب عدم التوصل إلى تسوية لمشكلة أسعار الغاز خلال الأيام الفاصلة قبل حلول رأس السنة، في سيناريو أعاد إلى الأذهان أزمة الغاز مع أوكرانيا قبل عامين وتزامن مع زيادة الاستياء في جورجياوأذربيجان من "سياسات روسيا على صعيد إمدادات الغاز الطبيعي". وأعلنت شركة "غاز بروم" التي تحتكر صادرات الغاز الطبيعي الروسي نيتها رفع أسعار الغاز المصدر إلى بيلاروسيا مع حلول نهاية العام، تاريخ انتهاء مفعول الاتفاق الذي حدد سعر 46.68 دولار للألف متر المكعب من الغاز. وعزت الشركة قرارها إلى ضرورة التزام الخطة التي اقرها مجلس مديري"غاز بروم"أخيراً والقاضي بالانتقال إلى أسعار السوق مع كل دول الرابطة المستقلة التي كانت تشتري الغاز الروسي بأسعار تفضيلية. وقال مصدر في صناعة الغاز ان"غاز بروم"خزنت احتياطات من الغاز الطبيعي في مناطق في ألمانيا تحسباً لأي انخفاض محتمل في الإمدادات إلى بيلاروسيا وأوروبا. وأعلنت"غاز بروم"أنها تسعى للوصول إلى سعر يراوح بين 200و300 دولار للألف متر مكعب، لكنها عادت وعرضت"حلاً وسطاً"تشتري بموجبه بيلاروسيا الغاز بسعر 80 دولاراً في عام 2007 شرط موافقة الحكومة البيلاروسية على بيع خمسين في المئة من اسهم شركة"بيل ترانس غاز"التي تدير شبكة أنابيب الغاز في بيلاروسيا، بما فيها الأنابيب التي تضخ شركة"غاز بروم"عبرها الغاز إلى أوروبا. أزمة سياسية لكن الاقتراح قوبل برفض شديد من بيلاروسيا التي أكدت أمس أنها"ستشتري الغاز الروسي بالأسعار المحددة في إقليم سمولينسك"الروسي الحدودي مع بيلاروسيا، ما اعتبره خبراء روس"ابتزازاً سياسياً لأن بيلاروسيا تدرك عدم رغبة موسكو في إثارة قلق الأوروبيين حول استقرار الإمدادات"بحسب مصدر سياسي روسي، وهو ما دفع شركة"غاز بروم"إلى تحذير مينسك أمس من خطورة عواقب عدم التوصل إلى اتفاق قبل حلول نهاية العام مهددة بقطع إمدادات الغاز الطبيعي عن الدولة الجارة. وعلى رغم ظاهرها الاقتصادي، اعتبر خبراء أن الأزمة تحولت إلى أزمة سياسية كبرى، خصوصاً بعد صدور تصريحات روسية لفتت إلى أن الرئيس الكسندر لوكاتشينكو أعلن بعد فوزه في انتخابات الرئاسة قبل شهور عزمه على"مواصلة بناء الاشتراكية في بلاده من دون أن يشير بكلمة إلى مشروع الوحدة مع روسيا"، وهو مشروع يؤيده بقوة رجال المال الروس الذين يسعون إلى دخول السوق البيلاروسية"بدلاً من انتظار وصول رؤوس الأموال الغربية إليه"بحسب مصدر في اتحاد الصناعيين الروس الذي أعلن تأييده المطلق لشركة"غاز بروم"في الأزمة الحالية. وشكلت الأزمة مع اقرب حلفاء روسيا حلقة أخيرة في سلسلة أزمات عصفت بعلاقات روسيا مع جاراتها من الدول السوفياتية السابقة. وعلى رغم أن حدة الخلاف تراجعت مع أوكرانيا بعدما زارها الرئيس فلاديمير بوتين أخيراً، لكن"ملف استخدام الغاز لممارسة ضغوط سياسية"بحسب مسؤولين في جورجياوأذربيجان دفع الطرفين أخيراً إلى إعلان عزمهما مقاطعة الغاز الروسي والبحث عن مصادر بديلة. واعتبر الرئيس الأذري إلهام علييف قرار رفع أسعار بيع الغاز الروسي إلى أذربيجان إلى 230 دولاراً لألف متر مكعب"لا يتماشى مع روح العلاقات الروسية - الأذرية"ووصف القرار بأنه"سياسي"، مؤكداً ان بلاده ستلجأ الى مصادر خارجية أهمها تركيا. وانتقد الرئيس الجورجي ميخائيل ساكاشفيلي سياسة روسيا المتعلقة بصادرات الغاز ووصفها بأنها"لا تمت الى الاقتصاد بأي صلة وتستهدف ابتزاز الدول المحيطة". ووقع رئيس الوزراء الجورجي زوراب نوجايديلي اتفاقية مع علييف تحصل بمقتضاها بلاده على مليون متر مكعب من الغاز الطبيعي يومياً من أذربيجان. لكن مصادر روسية شككت في قدرة جورجيا على الاعتماد على مصدرين آخرين بسبب نقص الموارد الأذرية وعدم اكتمال بناء أنابيب المد التي تصل باكو بتركيا.