شكلت"حرب الغاز"بتداعياتها المتصاعدة أول امتحان جدي لسياسة موسكو الجديدة حيال جاراتها في الفضاء السوفياتي السابق. وعلى رغم تأكيد المسؤولين الروس أن المعركة التي تخوضها شركة"غاز بروم"لا أبعاد سياسية لها، فإن كييف واصلت منذ اندلاع الأزمة قبل أسابيع، توجيه اتهامات إلى الكرملين بشن حملة مركزة تهدف إلى زعزعة الأوضاع في أوكرانيا وتشويه صورة القيادة التي أوصلتها"الثورة البرتقالية"إلى السلطة. ولفت البعض إلى توقيت تفجير أزمة الغاز مع أوكرانيا، مع انطلاق معركة الانتخابات الأوكرانية المقررة في آذار مارس المقبل، وتصاعد نشاط حلفاء روسيا في كييف. وكانت لافتة في هذا المجال العودة القوية إلى الساحة لرئيس الحكومة فيكتور يانوكوفيتش الذي أطاحته الثورة البرتقالية. وتزامن احتدام السجال بين موسكو وكييف مع مواقف متشددة أبدتها موسكو إزاء التقارب الأوكراني-الأطلسي، بعد ظهور تقارير عن قرب انضمام أوكرانيا إلى الحلف، وهو ما عبر عنه بوضوح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عندما شدد مطلع الشهر الماضي، على أن هذه الخطوة"ستكون لها عواقب جدية على التعاون مع أوكرانيا". ويعتبر كثيرون علاقات أوكرانيا مع الغرب، عنصراً أساسياً لتصعيد الضغوط على هذا البلد، خصوصاً بعدما نشطت الديبلوماسية الأوكرانية أخيراً، في حشد تكتل معادٍ لموسكو، يضم إضافة إلى الأوكرانيين، كلاً من جورجيا ومولدوفيا التي"عوقبت"كذلك على مواقفها بقطع إمدادات الغاز الروسي بعد قرار شركة"غاز بروم"رفع الأسعار لترتفع من 50 إلى نحو 180 دولاراً لكل ألف متر مكعب. مكافأة بيلاروسيا والمثير أن موسكو تعمدت في 19 من الشهر الماضي توجيه رسالة مباشرة إلى"الخارجين عن وصايتها"، عندما أعلنت"غاز بروم"عن التوصل إلى اتفاق مع بيلاروسيا الحليف القريب من موسكو، يبقي على الأسعار القديمة للغاز الروسي المصدر إلى مينسك خلال عام 2006 وهي 48 دولاراً لكل ألف متر مكعب. واللافت في الاعلان أنه تزامن مع وجود رئيس الحكومة الأوكرانية يوري يخانوروف في موسكو في ذروة المفاوضات الروسية-الأوكرانية حول أسعار الغاز. ودفع ذلك الساسة الأوكرانيين إلى شن حملة قوية على موسكو خرجت في لهجتها عن الأعراف الديبلوماسية، إذ تحدث أحد نواب وزير الخارجية الأوكراني أول من أمس، عن أن بلاده"مضطرة للتعامل مع روسيا حتى تحين لحظة انهيارها الحتمية، مثل كل الامبراطوريات التي عفّى عليها الزمن".