حذّر الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى في مؤتمر صحافي عقده أمس في حضور الموفد الرئاسي السوداني مصطفى عثمان إسماعيل قبل مغادرته بيروت عائداً الى القاهرة بعد جولة من المحادثات مع القيادات اللبنانية لحل الأزمة السياسية، من أن "لبنان يمر في منعطف خطير حاولت المبادرة العربية ألا تجعله أخطر، لكن لا تزال هناك احتمالات لأن يكون أخطر". وناشد الجميع "قفل الأبواب التي يمكن أن تؤدي بلبنان الى مواجهة ظروف أصعب". وشدد موسى على الحفاظ على الشرعية اللبنانية وإطار الدولة ومصالح الناس، مشيراً الى أن المساعي التي قام بها أنتجت إطاراً للتفاهم مطروحاً على الجميع والحلول موجودة والطريق واضح والباب مفتوح في أي وقت للعودة الى لبنان إذا ما احتاج الأمر، راجياً ألا يتم تصعيد للموقف نحو المواجهة. وسبق المؤتمر اجتماع موسى وإسماعيل مع رئيس الحكومة فؤاد السنيورة جرى خلاله عرض سريع لنتائج الاتصالات التي أجراها موسى وإسماعيل في بيروت. وقال موسى:"في اختتام هذه الجولة المهمة في إطار العمل العربي للإسهام في معالجة المشكلة القائمة في لبنان، أود أن أقول ما يلي: لقد انتهينا من عرض مقترحات وصيغ قائمة على أساس أجندة مقترحة وهي لدى كل الزعماء المعنيين في لبنان، بمعنى آخر أقمنا مائدة للتفاهم حول مختلف الموضوعات الرئيسية التي تشكل أسباب الأزمة. وهي متروكة للفرقاء ليبدوا أمرهم في ما يتعلق بقبولها، مع قبول مسبق لبعضها وتردد بالنسبة الى البعض الآخر، وربما تردد اكبر بالنسبة الى البعض الثالث. لا أعتقد ان في إمكاننا أو في إمكان اي من الفرقاء ان يتقدم بأجندة أو بأي صيغ تخرج عن البدائل الكثيرة التي اقترحناها. أقول هذا وكنا نتمنى ان هذه المقترحات وهذه الأجندة توصلنا الى اختراق للاضطراب القائم. ولكن الأمر يتعدى ذلك، فالاتصالات بين مختلف القيادات مقطوعة، غير موجودة او ليست موجودة بالقدر الكافي اذا كانت موجودة. الأمر الذي يصعب كثيراً في التوصل الى تفاهم على بعض الأمور التي يمكن التفاهم عليها بين الأطراف. وأنا أطالب القيادات اللبنانية بشدة، من منطلق أخوة، ومن منطلق فهم الواقع اللبناني والمتخوف من المستقبل على لبنان، بإقامة الاتصالات اللازمة في ما بينهم وقبل كل شيء وبعد كل شيء، هم لبنانيون. وأطالبهم أيضاً بالحفاظ على الشرعية اللبنانية وإطار الدولة ومصالح الناس. وأطالب اللبنانيين بان يرفعوا صوتهم لأن رخاءهم وطمأنينتهم يجب ان يكونا الاعتبار الأول وليس أي أمر آخر لدى الجميع". وأضاف موسى:"سمعت، وربما تولد لدي انطباع بأن هناك نيات للتصعيد. هذا سيكون أمراً خطيراً بالنسبة الى لبنان. والتصعيد لن يؤدي الى نتائج سياسية التي قد تلعب في أذهان البعض. أنا أطالب وبكل قوة بعدم اللجوء الى التصعيد، هناك مائدة التفاهم، هناك الناحية العربية التي سأعمل في إطارها، وهناك الكثير من العواطف والمشاعر والاستعداد لدينا للعمل على مساعدة لبنان. والأمل كل الأمل بالاستزادة والاستفادة من ذلك والبعد عن التصعيد الذي سيؤدي الى تصعيد متبادل". وتابع موسى:"ان الجامعة العربية عملت على ان تقف على مسافة واحدة من كل الفرقاء، وأنا شخصياً ومصطفى عثمان لدينا هذا الإيمان في كل اخوتنا الذين استمعنا اليهم ونرى ما يمكن ان نفعله لمساعدتهم. سنظل على اتصالاتنا والأفكار والمبادرة العربية ستظل قائمة وسنكون على اتصالات خلال فترة الأعياد وسنرى ما يمكن ان نعمله بعد ذلك". وقال موسى رداًَ على سؤال:"هل سحبت يدك وستغادر لبنان وستقف جانباً، وأن المساعي التي حاولت أن تقوم بها قد فشلت؟":"أكرر ان المساعي أنتجت إطاراً للتفاهم مطروحاً على الجميع في كل النقاط العالقة وطبقاً لأجندة محددة وموافق عليها، والحلول موجودة والطريق واضح. فأرجو من الأطراف اللبنانية أن تجد في هذا التفاهم ما يساعدها على الانتقال الى مرحلة تساعد الموقف وتقلل التوتر وتفيد لبنان واللبنانيين. فإطارات التفاهم موجودة إنما احتمالات التصعيد ما زالت موجودة. سنظل على تواصل ولن نتراجع عن هذه المبادرة وعن اتصالاتنا العربية التي تقوم على هذه المبادرة وتدعمها، وهذا لا يعني أن المبادرة فشلت، ولكن يعني ان هناك مرحلة على القيادات اللبنانية ان تقرر فيها هي نفسها ما إذا أرادت التفاهم. فكل الظروف موجودة ومستعدون للمساعدة في هذا، والحلول والمقترحات موجودة للتعامل مع القضايا الرئيسة المطروحة على الساحة اللبنانية والتي لم تختف: المحكمة، الحكومة، الانتخابات والتطورات الأخرى القانونية المتعلقة بالانتخابات". الباب مفتوح للعودة وعما إذا كان سيعود بعد الأعياد الى لبنان؟ أجاب:"الباب مفتوح في أي وقت لنعود إذا احتاج الأمر". وسئل:"ما الذي أوصل الأمور الى هذا النحو؟". أجاب:"من حق الرأي العام ان يعرف إنما التوقيت في أن يعرف ليس الآن". ورداً على سؤال، قال موسى:"اي مناقشة سياسية لا مانع منها، وأنا لا أتدخل في المواقف او المناورات السياسية او استخدام الأساليب السياسية او القانونية في ما بين الأطراف. أنا أتحدث عن التصعيد الذي يمكن ان يؤثر في أمن لبنان واللبنانيين. هذا ما أتحدث عنه، وما أردت ان أقوله قلته ولن ادخل في أي تفاصيل إضافية، ولم أعقد مؤتمراً صحافياً لكي اوجه اتهامات، انما لأبلغكم بالحال التي وصلنا اليها، انما هذا ليس مكان توجيه اتهام لأي أحد". وتابع موسى:"اذكركم بما قلته من انني انظر الى موضوع لبنان كمبنى من طبقات مخلتفة، منها طبقة لبنانية وطبقة عربية وطبقة اقليمية وطبقة دولية، ونحن اشتغلنا على الطبقة اللبنانية مع زيارات للطبقة الثانية التي هي الطبقة العربية، وربما تواصل مع الطبقة الاقليمية، هذا كله يتوقف على الوضع في لبنان. إذا كان الوضع في لبنان رصيناً بما يكفي لطرح مقترحات ممكن التعامل معها لضبط الأمور، سيكون هناك من الطبقة الثانية وأيضاً من الطبقة الثالثة ما يساعد على هذا إنما الطبقة اللبنانية مهمة". وسئل الأمين العام لجامعة الدول العربية:"الاختلاف في وجهات النظر ليس سياسياً او مناورات سياسية، هل الخلاف هو على جوهر النظام اللبناني، وهل هناك فئة تريد ان تأخذ البلاد الى مكان آخر والى نظام آخر؟". وأجاب:"كلا النظام اللبناني قائم على ما هو عليه. لا نتحدث عن تغيير للنظام اللبناني انما الوضع هو ملتبس التباساً كبيراً وهناك أمور يجب اعادة النظر فيها او دعمها بحسب الموقف. انا ما زلت عند اعتقادي ويشاركني في هذا الدكتور مصطفى إسماعيل، وصلنا انا وهو الى مرحلة انه لا بد للفرقاء هنا ان يعيدوا النظر في موقفهم او يمعنوا النظر في بعض المقترحات القائمة لعله يكون هناك اختراق ما، مع الأخذ في الاعتبار ان الناحية العربية هي العاملة هنا والناحية الإقليمية على تواصل معنا". وعن إمكان التصعيد قال موسى:"التصعيد الذي نسمع ونقرأ عنه وانتم قرأتم عنه أيضاً والذي أيضاً نخشى احتمالاته، يتعلق بالموقف في لبنان، وهنا أناشد الجميع عدم اللجوء اليه وترك الفرصة المواتية واسعة لإحداث تفاهم في الموضوعات والمشاكل المطروحة في لبنان". وسئل موسى:"طلبت من الأطراف في لبنان ان يتفاهموا، ولكن أليست هناك معوقات خارجية. البعض يتحدث عن عدم رضا أميركي عن المبادرات العربية. هل هذا صحيح؟"، قال:"لا أدري ما هو الموقف لكل دولة سواء الولاياتالمتحدة الاميركية أم غيرها من المبادرات. هذه المبادرة هي عربية تستمد قوتها من توافق الرأي العربي والقرار العربي بضرورة إنقاذ الموقف في لبنان وهو ما اقوم به وطبعاً الدول العربية وخصوصاً المعنية بهذا الموضوع، ستكون في الصورة ليس فقط بالنسبة الى النقاط او النشاط الذي تم انما انطباعي وتقويمي للموقف وهذه مسألة رئيسة لأنها امام الكثير من الدول والحكومات المهتمة بهذا الموضوع والمتابعة له بانتظار التقويم". زيارة سورية ايجابية وعن زيارته سورية، قال موسى:"زيارتي سورية ساعدت ولم تعرقل وكانت إيجابية وليست سلبية". وقال إسماعيل رداً على سؤال عن لقائه الأمين العام لپ"حزب الله"السيد حسن نصر الله:"لقاؤنا مع السيد حسن نصر الله والذي امتد الى ساعات خرجنا منه بثلاث نقاط مهمة جداً: النقطة الأولى هي ان المعارضة ملتزمة الهدوء والتهدئة طوال فترة الأعياد ثم بعد ذلك ستجتمع المعارضة وترى ماذا تفعل، النقطة الثانية ان السيد نصر الله وفريق المعارضة يؤيدون بقوة المبادرة العربية ويطلبون عودة الأمين العام للجامعة العربية مرة أخرى ويريدون ان يكون الحل عربياً وليس شيئاً آخر غير عربي، النقطة الثالثة هي ان الدم اللبناني - اللبناني او التصعيد الذي يمكن ان يصل الى حد العراك والاشتباك محرم بالنسبة الى المعارضة. وأكد ان تظاهراتهم والتي قد تكون لاحقاً بعد الاجتماع ستكون سلمية سلمية بنسبة 100 في المئة". وتابع اسماعيل:"أعتقد وعلى رغم اننا لم نصل الى اتفاق كامل حول النقاط التي طرحت بأن اللقاء كان إيجابياً ومفيداً وساعدنا في ان خريطة الطريق التي وضعناها تسير الى الأمام. وأضيف الى هذا ثلاث قضايا خرجت بها المبادرة العربية، أولاً: ان خريطة الطريق للحل كما ذكر الأمين العام أصبحت واضحة، القضايا محددة والاطروحات محددة والمواقف محددة. النقطة الثانية، حتى الآن المبادرة العربية نجحت في احتواء الأزمة على رغم"التفلتات"التي تحدث هنا وهناك، لكن الواضح ان هناك تهدئة وان هناك استعداداً للاستمرار مع المبادرة. النقطة الثالثة والمهمة ان هناك دعماً كاملاً للمبادرة كما ذكر الأمين العام وأن هناك قلقاً من جميع الفرقاء اللبنانيين من ان يحدث تطور لا ندري كيف سيكون المستقبل. وهذا القلق نفسه يجب ان نستخدمه استخداماً صحيحاً في ان ندفع بالفرقاء. هناك عدم ثقة ضخم جداً بين الفرقاء اللبنانيين، ونأمل من الاعلام ان يساعدنا في الفترة المقبلة في هذه التهدئة وان لا يساهم في التصعيد". وعما إذا كان يعتقد أن لبنان على حافة حرب أهلية جدية؟ قال موسى:"لا أعتقد ان لبنان على حافة حرب أهلية، وهذا الكلام الذي أقوله يختلط فيه التقويم والأمل بأن هذا لن يحدث وكل عملنا هو لتجنب ذلك ولنتحرك نحو وضع أفضل". وتوقع موسى حصول"اتصالات أخرى إقليمية عربية بصورة خاصة ومع القادة في لبنان سيساعد عليها الهدوء في لبنان، لأنه إذا تفجرت الأمور هنا فلا اعتقد ان هذا سيكون وازعاً او دافعاً لحركة تلعب في أيدي هذا أو ذاك". وسئل:"هل عودتكم مرهونة بإحراز تقدم ما؟". فأجاب:"العودة ليست مرهونة وإنما سترتب في إطار وجهات نظر معينة انا انتظرها". وعن إمكان عقد مؤتمر لوزراء الخارجية العرب، قال موسى:"كل شيء مطروح طبقاً لما تقتضيه الحال، وما نراه ضرورياً للقيام به، علماً أن الوضع في لبنان خطير، إنما الوضع في فلسطين أيضاً خطير وكذلك الوضع في العراق وهناك أماكن أخرى خطيرة جداً، فالاجندة العربية وفي الجامعة العربية مملوءة جداً ولا بد من ان نعطي الاهتمام الكافي لكل هذه المشاكل في الوقت نفسه". وعن التخوف من عرقنة لبنان في حال تفشيل المبادرة العربية، قال موسى:"أرجو ان يكون موضوع العرقنة بعيداً جداً وان لا يتعرض لبنان لهذا انما في ما يتعلق بالمبادرة أنا لا أتحدث لا عن نجاح ولا عن فشل انما أتحدث عن واقع متروك رسالة او إطار معين"صينية"عليها الكثير من الأطباق".