حرص الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى في اليوم الثاني لاجتماعاته مع القيادات السياسية والروحية اللبنانية لإيجاد مخرج للازمة السياسية التي يتخبط بها لبنان, على إبقاء ما يدور من محادثات طي الكتمان تطبيقاً لپ"الديبلوماسية الهادئة" التي ينتهجها، واصفاً ما يقال بأنه"اما تخمينات وإما تصورات وإما تقديرات وإما أنصاف معلومات". وشدد على تمسكه بالمبدأ اللبناني الأشهر على حد قوله"لا غالب ولا مغلوب", كاشفاً عن انه أحرز"نحو 50 في المئة من التقدم"في مشاوراته. وشملت لقاءات موسى امس, رئيس الحكومة فؤاد السنيورة ورئيس الجمهورية السابق أمين الجميل والبطريرك الماروني نصر الله صفير ورئيس"اللقاء النيابي الديموقراطي"وليد جنبلاط ورئيس"تكتل التغيير والإصلاح"النيابي ميشال عون, وكانت شملت ليل أول من امس, الأمين العام لپ"حزب الله"السيد حسن نصر الله, ولم يستبعد موسى في تصريحاته امس, أن يكرر لقاءاته مع"بعض الاخوة". ورافق موسى في زيارته الى بكركي نائب الرئيس السوداني مصطفى عثمان اسماعيل، في حضور سفير السودان في لبنان جمال الدين محمد إبراهيم والأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية السفير عبدالرحمن الصلح. وقال موسى بعد اللقاء:"أطلعت غبطته على نتائج المحادثات التي أجريتها أمس والأفكار التي يدور النقاش حولها، وشعرت بدعم غبطته وتأييده ومباركته لهذه المبادرة والجهود التي نقوم بها". واعتبر ان"للحل إطاراً، وهناك أمل في أن نصل الى تفعيل هذا الإطار عبر أفكار محددة يتم الاتفاق عليها", مشيراً الى ان"العلل كثيرة، إنما هناك أيضاً أسباب كثيرة للأمل". وعما اذا حصل اختراق ما في موضوع رئاسة الجمهورية, قال موسى:"لا أستطيع أن أتحدث في أي تفصيل يتعلق بالنقاط المطروحة، إنما كل المسائل مترابطة بعضها ببعض، ونأمل في أي خطوة يتم الاتفاق عليها ان تمثل توافقاً لبنانياً عليها". وعما اذا كانت تحركاته"قمحة او شعيرة", اكتفى بالقول:"هي قمحة إن شاء الله". وشدد على ان"الجميع متعاون ومتفهم ويستمع، وهذا لا يعني ان الجميع لديه الردود نفسها". اما الأولوية في محادثاته, فقال:"الأولوية تتسع لأكثر من أمر". اما العلل فهي كما قال:"العلل منها الاسباب، ليست أمراضاً بالضرورة، إنما هي أسباب واعتبارات، وهي النقاط المطروحة على الساحة، وأنا لا اريد أن أتكلم، وهذه المساعي تتطلب الديبلوماسية الهادئة، وفي الوقت نفسه لا بد من إعطاء الرأي العام فكرة وهي أن هناك أملاً، وإننا نعمل لتحقيق تقدم نرجو أن ننجح به اليوم". وأوضح موسى"نحن نعمل مع المشكلة برمتها، ونرجو ألا يحتاج الأمر الى تصعيد من المعارضة في الأيام المقبلة، لأن الأمر يحتاج الى توافق". وشدد على ان"الديبلوماسية لا تتعارض مع تطمين الشعب اللبناني، والديبلوماسية حالياً تستخدم وتستثمر لمصلحة الشعب اللبناني". ودعا موسى الشعب اللبناني الى التمسك بالأمل،"ونحن جميعاً نقف الى جانب لبنان". وأعلن مجدداً تأييده لثوابت الكنيسة المارونية وللرصانة التي طرحت بها. ولفت الى ان الثوابت التي تضمنها بيان المطارنة الموارنة"مأخوذة في الاعتبار". والتقى موسى الرئيس الجميل الذي لفت الى"النتائج الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية المترتبة على كل ما يجري اليوم وهي سلبية في مجملها، اذا لم نتدارك الوضع ونعمل في الحلول الممكن تنفيذها والتي توفر اكبر حجم من القواسم المشتركة". وأبدى امام موسى خشيته من"ان تتطور الامور نحو الأسوأ فنصل الى مرحلة لا يفيد معها أي إجراء استلحاقي بعد فوات الأوان". وأعرب موسى عن ارتياحه"لهذا اللقاء الذي تم فيه تبادل وجهات النظر في شأن الموقف والتوترات والمسعى الذي نقوم به، واستمعت الى تحليل مهم من الرئيس الجميل وتبادلنا وجهات النظر. واعتقد ان هناك شعاعاً من أمل والأمل ينمو عند الوصول الى توافق". وكرر ان"كل الامور هي سلة واحدة والتقدم لا يقاس إلا اذا حصل عند الطرفين، وبقدر ما هناك من أمل، هناك مساحة لم تتم تغطيتها بعد، ونركز اليوم على الوصول الى اتفاق ونرجو ان ننجح ونحن نعمل ما نستطيع". وإذ أمل بحصول"اختراق ما", أوضح رداً على سؤال انه لم يدخل مع البطريرك صفير في تفصيلات الأسماء في ما يتعلق برئيس توافقي للجمهورية، انما تحدثت عن الفكرة والإطار وتلقيت مباركة البطريرك ودعمه". ووصف موسى لقاءه مع النائب عون في الرابية بپ"الطيب", واعتبر انها كانت فرصة لتبادل وجهات النظر، ووضع العماد عون في صورة المساعي المبذولة لمعالجة الأزمة القائمة. وأشار موسى الى ان عون أبدى تفهما كبيراً باتجاه إنهاء أجواء التوتر والتوصل الى تفاهم حول مختلف الأطر التي تحمي لبنان. ولفت الى ان لقاءاته مع الأفرقاء السياسيين كانت إيجابية والعمل جار للتوصل الى سلة متكاملة للحل ضمن إطار عملي. ونفى موسى"وجود عِقد تحول دون التوصل الى حل", وكرر رفضه"الدخول في تفاصيل الأفكار العربية المطروحة"، ولم يجزم ما اذا كان اي طرف سياسي طرح ملف سلاح"حزب الله"كمدخل للحل، شارحاً ان البحث سيتم اليوم حول موضوعات أخرى وانه أحرز"نحو 50 في المئة من التقدم" في مشاوراته. ووصف لقاءه مع نصر الله أول من امس بپ"الإيجابي", وقال:"ان المناقشات تمت في شكل إيجابي وصريح". وأضاف انه يسعى لإعداد لقاء بين القيادات السياسية. وزار موسى في الواحدة بعد ظهر امس الرئيس السنيورة في السرايا الكبيرة، واستمر الاجتماع ساعة وربع الساعة, وقال موسى:"في لحظة ما تتبلور ملامح مبادرة، ولكن نحن الآن في إطار التواصل والتشاور والمتابعة والتوافق على مسائل كثيرة تتعلق بالوضع". وأوضح:"وصلنا الى جو أفضل بكثير في محادثاتي مع جميع الأطراف، لا أستطيع ان أدخل في أي نقاط محددة لان الكثير مما يقال غير دقيق ولا يمكن ان نتابع اتصالاتنا ومشاوراتنا بإعلانات او تصريحات". ورفض الكشف عن النقاط التي حصل فيها تقدم،"لان الموضوع كله يبحث كسلة كاملة نتكلم فيه". وعن لقائه مع نصر الله، وإذا ما لمس أي تعاون منه, قال:"عندما أتكلم ان هناك أملاً لا أتحدث عن ذلك شخصياً، انما بناء على انطباعاتي من اللقاءات مع القادة جميعاً". وعما اذا كان يطمئن اللبنانيين بعيدية ستكون قبل العيد, رد قائلاً:"سمعنا مرة ان هناك عيدية ولا أعرف من الذي قال ذلك", فقيل له: ان الرئيس نبيه بري هو من قالها, فأجاب:"الموضوع ليس موضوع عيدية ويمكن ان تقدم هدية". وشدد موسى على انه"لا يمكن إحراز تقدم إلا بالتوصل من الأفرقاء جميعاً الى أرضية يتفق عليها الجميع، وفيها مكسب وربما تنازل، المهم المبدأ الأساس وهو المبدأ اللبناني لا غالب ولا مغلوب". وعن بقائه في بيروت ترك الأمر مفتوحاً بالقول:"اما أن أبقى في بيروت، وعلى كل حال انا على بعد ساعة من بيروت، أي في القاهرة". وكرر الكلام عن"السلة الكاملة، ولا أريد ان أدخل إطلاقاً في أي نقطة ونحن لا نتباحث على الهواء". وعما اذا كانت المشكلة على الأولويات، اعتبر ان"هذا الكلام غير دقيق في الأساس". وعما اذا كانت المشكلة في موضوع رئاسة الجمهورية, رأى ان"كل ما يقال اما تخمينات وإما تصورات وإما تقديرات وإما تقويمات". وأكد تفاؤله بالوضع وقال:"الصعوبات ستمر ومستقبل لبنان ليس على المحك، وأرجو ألا يكون على المحك". وعما يتوقع بالنسبة للانسحاب من الشارع, رد قائلا:"أرجو هذا". وقال موسى بعد لقائه جنبلاط إن"الجهود لا تزال متواصلة مع القادة والأطراف المعنيين لنقرر ونناقش جوانب مما هو مطروح، وهذا اللقاء جزء منه"، مضيفاً أن"خلاصة ما سأقوله عن نتيجة هذه اللقاءات سيكون مساء غد اليوم". وسئل هل يعوق تصريح المساعد السياسي للأمين العام ل"حزب الله"حسين خليل الذي وجه فيه اتهامات الى النائب سعد الحريري، طريق المساعي، قال:"لا شيء يشكل عقبة في طريق استمرار المساعي، وأرجو أن تتوقف عملية تبادل الكلام والتصريحات وان يتوقف الكل عن التصعيد، علماً ان هذا لن يوقف مهمة محاولة التوصل الى اتفاق". وعن خلاصة لقاءاته قال:"الخلاصة تعزز الامل ونحن نتحرك في الطريق الصحيح". ثم تحدث جنبلاط فاعتبر أن أهمية زيارة موسى تكمن في"طرحه الاحتضان العربي للبنان. لن أدخل في التفاصيل، وعندما يطرح الحل العربي للبنان يعني انه في مكان ما يؤكد أهمية اتفاق الطائف الذي هو الاساس والمنطلق". وأَضاف:"كما كان للبنان عندما انتهت الحرب الأهلية، الاحتضان العربي المصري والسعودي والمغربي، ونفذه السوريون آنذاك تنفيذاً ناقصاً، اليوم مجدداً العرب، الجامعة العربية ومصر والسعودية والسودان وغيرهم، يطرحون حلاً عربياً وهذا هو الأساس وفقاً لاتفاق الطائف والقرارات الدولية". وكان رئيس المجلس النيابي نبيه بري التقى بدوره موفداً جزائرياً هو محمد الطاهر الذي أتى في زيارة استطلاعية، وتم عرض التطورات الراهنة, كما التقى السفير اليمني لدى لبنان الدكتور محمد عبد المجيد قباطي الذي نقل تحيات الرئيس علي عبد الله صالح ورسالة شفوية منه عن أهمية الدور المفصلي الذي يقوم به وتقوم به المؤسسة الدستورية مجلس النواب في تجنب أي إمكان لحدوث أي خلاف في الرؤى". وقال الديبلوماسي اليمني:"اننا نرى أن الحلول ممكنة جداً في ظل تهدئة وقبول من الجميع بحل يجنب لبنان أي انزلاق نحو مخاطر مواجهات اللبنانيون في غنى عنها. ونتمنى، ان ينفرج هذا اليوم عن حلول يقبل بها الاخوة في لبنان في شكل توافقي بما يحفظ وحدة لبنان وازدهاره، وهذا ما يتمناه كل عربي لاخوته في لبنان".