لم تخل الانتقادات الشديدة التي وجهها ابرز الاعلاميين في اسرائيل لزعيم حزب"العمل"وزير الدفاع عمير بيرتس، على"انبطاحه"امام رئيس الحكومة الاسرائيلية ايهود اولمرت وعدوله عن معارضة انضمام حزب"اسرائيل بيتنا"اليميني المتطرف الى الائتلاف الحكومي، من نبرة الشفقة على ما آل اليه وضع بيرتس الذي انتخبه أعضاء حزب"العمل"زعيما للحزب قبل عام معولين عليه في انتشال الحزب من أزمته الفكرية والتنظيمية وفي الوصول الى كرسي رئيس الحكومة. وترددت توصيفات"انهيار"و"تفكك"و"سقوط"ومثيلاتها في المقالات الكثيرة التي حفلت بها صحف امس وملاحقها السياسية، وعنت أساسا حزب"العمل"وبيرتس شخصيا، وسط قناعة معظم المعلقين بأن ساعة عمر بيرتس السياسي أخذت تزف وان الهزيمة في الانتخابات على زعامة"العمل"في ايار مايو المقبل ستكون من نصيبه، معتمدين أيضا على استطلاعات الرأي التي تؤكد ان بيرتس سيخسر بفارق كبير امام النائب عامي ايالون، وبفارق بسيط امام زعيم الحزب رئيس الحكومة السابق ايهود باراك. وحملت صحيفة"هآرتس"التي كانت دعمت صراحة وبقوة بيرتس في معركته على زعامة الحزب، على سلوكه وخنوعه لرئيس الحكومة بتوزير زعيم"اسرائيل بيتنا"المتطرف افيغدور ليبرمان، متنكرا لالتزامه لناخبيه باستحالة الشراكة بين"العمل"وليبرمان. وكرست الصحيفة افتتاحيتها امس لتقول ان الفرصة مواتية لحصول انقسام في حزب"العمل"على مسألة مبدئية في حال أقر مركز الحزب في اجتماعه الخاص غدا اقتراح بيرتس البقاء في الحكومة الى جانب"اسرائيل بيتنا". وكتبت ان الامتيازات التي حصل عليها بيرتس لقاء"خنوعه التام"لاولمرت هامشية، داعية ثلاثة من وزراء"العمل"المحسوبين على الحمائم الى مغادرة الحكومة احتجاجا. وأضافت الصحيفة:"خذل بيرتس ناخبيه بكل المفاهيم... وخلال نصف عام من توزيره خان ثقة ناخبيه بدءا بعدم تسلم حقيبة اجتماعية -اقتصادية، ثم قبوله بمنصب وزير الدفاع الذي لا يقيم أحد اعتبارا لرأيه في القضايا الخاضعة لمسؤوليته". وتابعت انه مع انضمام ليبرمان الى الحكومة سيسدل الستار تماما على اي انسحاب في الضفة الغربية وعلى عملية سياسية مع الفلسطينيين، رغم انه قد يتم ارضاء بيرتس بتفكيك بؤرة استيطانية هنا وهناك"لكن الحكومة ستكون يمينية، سياسيا واجتماعيا". واعتبر المعلق السياسي في"معاريف"بن كسبيت قرار بيرتس البقاء في الائتلاف الحكومي مجرد"ارجاء نهايته السياسية"التي غدت حتمية برأيه. وعزا موقف بيرتس هذا الى عجزه عن شن معركة ضد اولمرت حيال وضعه الداخلي في"العمل"حيث يتمرد ضده عدد من أقطاب الحزب فيما آخرون يتآمرون ضده ولا يقيمون له اي اعتبار. وتطرقت معلقة الشؤون الحزبية في"يديعوت أحرونوت"سيما كدمون الى ما وصفتها ب"التراجيديا السياسية الشخصية لبيرتس"، وكتبت انه حتى اولمرت بات يشفق على بيرتس ومستعدا لتقديم المساعدة له،"لكن الأخير لا يريد ان يقتنع بأن أحدا في الساحة الحزبية في اسرائيل لا يعتبره زعيما لحزب العمل، اذ يرى الجميع ان الحزب مجموعة من الميليشيات لا يعترف رؤساؤها ببيرتس زعيما ويعدون الأيام المتبقية على موعد اطاحته... وقد خسر الجميع: الجمهور، الحكومة، الكنيست، حزبه... لم يبق له شيء". وازاء ما تقدم، يرى كبير المعلقين في"يديعوت احرونوت"ناحوم بارنياع ان الحكومة الاسرائيلية لن تعمر طويلا على رغم قاعدتها البرلمانية الواسعة. وكتب انه في أعقاب ما حصل لبيرتس، فإن مصير الحكومة لن يكون متعلقا بالملف الايراني الذي تذرع به ليبرمان لتبرير انضمامه اليها، انما بسلوك بيرتس الذي يعدّ ل"حرب عالمية"داخل الحكومة يريد منها اعادة الهيبة لحزبه وشخصه، وستتناول مصير البؤر الاستيطانية العشوائية المقرر اخلاؤها. وأضاف ان بيرتس سيتمسك بموقفه الداعي الى اخلاء هذه البؤر فيفجر أزمة مع"اسرائيل بيتنا"الذي يرفض المس بأي من البؤر، او مع اولمرت في حال حاول التملص من تطبيق قرار للحكومة السابقة يقضي بتفكيك البؤر، وهكذا في الحالين ستكون لبيرتس"قضية ايديولوجية"يلوّح بها مهددا بمغادرة الحكومة، آملا في ان يلقى موقفه القبول في اوساط انصار حزبه الذين خذلهم حتى اليوم. يذكر أخيرا ان استطلاعاً للرأي نشرت نتائجه"يديعوت أحرونوت"امس أفاد بأن 67 في المئة من الاسرائيليين يتوقعون سقوط الحكومة الاسرائيلية في غضون عام في مقابل 8 في المئة يمنحونها عامين و20 في المئة يتوقعون ان تنهي ولايتها القانونية بعد اقل من أربع سنوات. وتوقع 60 في المئة ان لا تدفع الحكومة الاسرائيلية، بعد انضمام ليبرمان، نحو عملية سياسية مع الفلسطينيين. ورأى 46 في المئة ان ليبرمان هو الشخص المناسب لمتابعة"الملف النووي الايراني"، تلاه اولمرت مع 15 في المئة، ثم بيرتس 3 في المئة، وقال 32 في المئة ان الثلاثة غير مناسبين لهذه المهمة. كما قال 72 في المئة من المستطلعين ان ليبرمان انضم الى الحكومة لدوافع حزبية تحديدا ليحسن موقعه في زعامة اليمين امام زعيم ليكود بنيامين نتانياهو في مقابل 17 في المئة اعتبروا"الملف الايراني"الدافع للانضمام.