أبلغ أمس الرئيس السوداني عمر البشير مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة أحمدو ولد عبدالله، موافقته على نشر قوة مختلطة من المنظمة الدولية والاتحاد الأفريقي في دارفور، بعدما تبنى مجلس الأمن قبل يومين اتفاق أبوجا للسلام في الإقليم مرجعاً للمحادثات المرتقبة بين الخرطوم والمتمردين الذين يطالبون بتجميد الاتفاق والتفاوض على أسس جديدة لاقتسام السلطة والثروة. وقالت مصادر مطلعة ل"الحياة"إن البشير توصل إلى تسوية مع المبعوث الرئاسي الاميركي إلى السودان أندرو ناتسيوس خلال زيارة الأخير إلى الخرطوم قبل أسبوعين، تقضي بموافقة الحكومة على المرحلة الثالثة من خطة تعزيز القوات الافريقية في دارفور التي تقضي بنشر قوة أممية - أفريقية مشتركة، في مقابل إصدار مجلس الأمن بياناً رئاسياً يعتمد اتفاق أبوجا الذي وقعته الخرطوم مع"حركة تحرير السودان"في أيار مايو الماضي مرجعاً للسلام فى أي محادثات مع المتمردين. ويرى خبراء أن تمسك البشير بالحصول على شرعية دولية لاتفاق أبوجا مرجعاً للسلام في دارفور هدفه ضمان عدم تغيير حصة حزب"المؤتمر الوطني"الذي يتزعمه في السلطة، والإبقاء على النسبة التي أقرها اتفاق السلام في جنوب البلاد، اي 52 في المئة من مقاعد مجلس الوزراء والبرلمان، وقطع الطريق أمام متمردي"جبهة الخلاص الوطني"الذين يطالبون بمحادثات جديدة تتجاوز سقف أبوجا في اقتسام السلطة والثروة، ويتمسكون بحصولهم على منصب نائب الرئيس أو رئاسة دورية للبلاد. وكشف ولد عبدالله للصحافيين أن رسالة الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان التي نقلها إلى البشير تضمنت الموافقة على مقررات اجتماعي مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الافريقي في أديس أبابا وأبوجا نهاية الشهر الماضي، وتأييده صيغة تقديم حزم دعم على ثلاث مراحل تنتهي بنشر قوة مشتركة بين الأممالمتحدة والاتحاد الافريقي. وأعرب المبعوث الدولي عن سعادته بموافقة البشير الإيجابية، موضحاً أنه ناقش معه في لقاء طويل"أهمية إيجاد معالجة جيدة لقضية دارفور وما يتطلبه ذلك من تسامح وتصالح في الاقليم". وأكد مسؤول السلام في الخارجية السودانية السفير الصادق المقلي موافقة حكومته على خطة الأممالمتحدة لدعم الاتحاد الأفريقي في دارفور، موضحاً أن الحزمة الاولى للدعم سيبدأ تنفيذها الأحد المقبل من دون عقبات أو عراقيل. وبموجب هذه المرحلة من الدعم، ستقدم الأممالمتحدة 21 مليون دولار للقوات الأفريقية ومعدات عسكرية، إضافة إلى 105 مستشارين عسكريين و33 شرطياً و48 موظفاً مدنياً. وقال المقلي إن المرحلة الثانية"سيبدأ تطبيقها مطلع الشهر المقبل وحتى منتصف العام، وتعتمد على جاهزية الاممالمتحدة"، مؤكداً أن المرحلة الثالثة تشمل نشر"قوة هجين، وهي عملية مختلطة، وليست قوات دولية أو قوات مختلطة". وأضاف أنها"ستشمل دعماً لوجستياً وفنياً ونشر خبراء ومستشارين عسكريين من المنظمة الدولية لتعزيز قوات الاتحاد الافريقي وتزويدها معدات وأجهزة عسكرية"، مشيراً إلى موافقة حكومته المبدئية على هذه المرحلة. وعن المهلة التي حددها المبعوث الرئاسي الأميركي إلى السودان للخرطوم لقبول قوات دولية قبل نهاية العام، قال المقلي إن"المرجعية هي الاممالمتحدة وليست الإدارة الأميركية"، موضحاً أن مبعوث أنان"يمثل الأسرة الدولية التي تعتبر الولاياتالمتحدة جزءاً منها". وأضاف:"نحن لا نتلقى إشارات أو تعليمات أو توجيهات من واشنطن. نحن في تفاهم تام مع الاممالمتحدة، وما يرد من واشنطن من تصريحات شأن يخصهم". وكان ناتسيوس قال مساء أول من أمس عقب لقاء مع وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس، إن الخرطوم يتعين عليها السماح لفريق من الأممالمتحدة بزيارة دارفور، وأن تقبل قوة دولية في المنطقة بحلول نهاية العام. وهدد الحكومة السودانية بأنها ستواجه"إجراءات"أميركية لم يحددها العام المقبل. وقال إنه طلب أن تقدم الخرطوم موافقة مفصلة ومكتوبة على نشر آلاف الجنود في إطار قوة مشتركة لحفظ السلام بين الأممالمتحدة والاتحاد الأفريقي. وأضاف أن الأسرة الدولية تعمل أيضاً للتوصل إلى"وقف إطلاق نار إنساني"بين القوات السودانية ومتمردي دارفور خلال الأيام العشرة المقبلة، لاستئناف عمليات نقل المساعدات إلى مخيمات اللاجئين.