رفض الرئيس السوداني عمر البشير ضمناً مبادرة من"حكماء افريقيا"لحل الأزمة بين حكومته والأممالمتحدة في ما يخص نشر قوات دولية في دارفور. وأكد أن بلاده جربت"الوعود والعهود من المجتمع الدولي. لكنها لم تضمن السلام والاستقرار"مشدداً على أن السودان"لن يستمع إلى هذه الوعود ثانية". وقال البشير عقب اجتماع مغلق مع رؤساء أفارقة أمس في بكين التي يزورها للمشاركة في قمة المنتدى الصيني - الأفريقي، إن"السودان تلقى وعوداً بحوافز بعد توقيع اتفاقي السلام في نيفاشا وأبوجا، وكانت النتيجة عكسية تماماً، إذ تمت معاقبة الحكومة". وأضاف أن الاجتماع الذي شارك فيه رئيس الاتحاد الإفريقي الرئيس الكونغولي دنيس ساسنغيسو والرؤساء النيجيرى اولوسيغون أوباسانجو والسنغالي عبدالله واد والغابوني عمر بونغو،"تناول الطرح الذى يقوم على منح السودان حوافز وضمانات، في مقابل موافقته على نشر قوات دولية في دارفور". وأشار إلى أن الرؤساء الأفارقة كانوا قدموا مبادرة تحت مسمى مبادرة الحكماء، بهدف إيجاد مخرج من الطريق المسدود بين حكومته والأممالمتحدة. وقال:"أوضحنا لهم أننا سمعنا من المبعوث الأميركي عن مثل هذه الحوافز قبل توقيع اتفاق السلام الشامل في جنوب البلاد. ولكن بعد توقيع الاتفاق لم يحصل شيء، وربطوا هذه الحوافز بتوقيع اتفاق سلام فى دارفور، فوقعناه". وأضاف:"بعد سلام دارفور، كانت النتيجة عكسية تماماً لأن محور الحديث عند التوقيع كان أن العناصر الرافضة للاتفاق ستعاقب، وان الحكومة إذا وقعت ستتلقى الحوافز. لكن ما حصل هو العكس تماماً، فلم تتم أي إدانة للأعمال التى قامت بها جبهة الخلاص"الوطني المتمردة،"بل كانت العقوبات من نصيب الحكومة بإصدار قرار مجلس الأمن الرقم 1706، والعقوبة الثانية كانت من الولاياتالمتحدة بالتوقيع على قانون سلام دارفور"الذي يمدد العقوبات على الخرطوم. إلى ذلك، أكدت الولاياتالمتحدة أن تصريحات المبعوث الرئاسي الأميركي الخاص إلى السودان أندرو ناتسيوس عن إمكان تخلي واشنطن عن نشر قوات تابعة للأمم المتحدة في دارفور، لا تؤشر إلى أي تغيير في السياسة الأميركية حيال الإقليم. لكنها شددت على أنها ستبحث في جميع الخيارات التي من شأنها أن تأتي بالسلام إلى الاقليم،"على ان تندرج هذه الخيارات في إطار قرار الأممالمتحدة". وأعلن الناطق باسم البيت الابيض توني فراتو أن واشنطن ترغب في أن تنتشر قوة حفظ سلام تابعة للأمم المتحدة في دارفور، نافياً اي تغير في سياسة بلاده إزاء هذه القضية. وقال إن الرئيس جورج بوش"مصمم على وضع حد للعنف في دارفور ونحن نبحث في جميع الاحتمالات لتحقيق ذلك، لكننا نؤيد بالكامل قرار الاممالمتحدة ونشر قوات تابعة للامم المتحدة في المنطقة في أقرب وقت ممكن". وكان ناتسيوس قال في مقابلة صحافية نشرت أول من أمس إن واشنطن قد تتخلى عن طلبها نشر قوة تابعة للأمم المتحدة في دارفور، وانها تدرس"بدائل"بينها تعزيز القوة الأفريقية بقوات عربية وإسلامية، ما بدا أنه تغيير جذري في الموقف الأميركي. لكن فراتو قال إن"الرئيس يرى أنه يجب نشر قوة دولية فعالة وذات صدقية، وسنبحث بالطبع في جميع الخيارات التي من شأنها أن تأتي بالسلام إلى دارفور. لكن على أن تندرج هذه الخيارات في إطار قرار الاممالمتحدة". وأضاف:"ليس هناك تغيير في سياستنا وموفدنا الخاص إلى دارفور لم يتحدث عن ذلك". من جهة أخرى، رويترز أكد تقرير جديد للأمم المتحدة أن السودان فشل في نزع سلاح ميليشيات"الجنجاويد"في دارفور تنفيذاً لتعهداته في اتفاق أبوجا للسلام، كما أن القوات الحكومية لم تتحرك لحماية المدنيين خلال هجوم وقع الأسبوع الماضي وأدى إلى مقتل 50 شخصاً على الأقل. وذكر التقرير أن 26 طفلاً كانوا ضمن القتلى في الهجوم الذي شنه"الجنجاويد"على 4 قرى. وأضاف أن معظم سكان المنطقة المدنيين الذين يقدر عددهم بنحو 7 آلاف فروا من منازلهم. وقال التقرير الذي أعده مكتب المفوض الأعلى للامم المتحدة لشؤون اللاجئين:"على الأقل أظهرت الهجمات استمرار فشل حكومة السودان في نزع سلاح الميليشيات في دارفور، وفي أسوأ الحالات استغلال قوات الميليشيات في استهداف المدنيين". وأشار إلى أن السلطات علمت بوجود حشد للميليشيات العربية في منطقة الطينة شمال دارفور قبل شهر من الهجوم الأخير. لكنها لم تتخذ أي إجراء لمنعه. وأضاف أن الجنود في قاعدة قريبة للجيش لم يتخذوا أي إجراء لحماية المدنين. وأكد أن شهوداً أبلغوا أن بعض المهاجمين كان يرتدي زياً عسكرياً جديداً، وأن ثلاثة منهم وضعوا شارات القوات المسلحة السودانية. وشدد على أنه ينبغي على المجتمع الدولي أن يقدم مزيداً من المعدات والدعم لقوة الاتحاد الافريقي المتعثرة في دارفور.