في وقت بدأ أمس المبعوث الرئاسي الأميركي الخاص إلى السودان أندرو ناتسيوس زيارته الأولى للخرطوم لإقناعها بقبول قوات دولية في دارفور، وقّع الرئيس جورج بوش قانوناً لتمديد العقوبات التي تفرضها واشنطن على السودان وأضاف إليها حظراً على التعامل في قطاع النفط، ما اعتبرته الخرطوم"رسالة سلبية لا تساعد في تطوير التفاهم بين البلدين". وأكدت الخارجية السودانية أن زيارة ناتسيوس هي"مهمة لتقصي الحقائق"، مشيرة إلى أنه لا يحمل خططاً أو مبادرات جديدة. ووصل ناتسيوس على رأس وفد من ثمانية أشخاص إلى مطار الخرطوم مساء أول من أمس، في زيارة تستمر ستة أيام. ولم يكن في استقباله أي مسؤول سوداني. وبدأ ناتسيوس نشاطه أمس بلقاء وزير الخارجية السوداني الدكتور لام أكول الذي نقلت وكالة أنباء"سونا"الرسمية تشديده على"ضرورة الحوار"بين البلدين ودعوته المسؤول الأميركي إلى"تطوير التفاهم، بدلاً من نهج المواجهة والتهديد". وأشارت الوكالة إلى أن ناتسيوس"أمن"على دعوة أكول، مؤكداً"رغبته الشخصية في تطوير العلاقات بين أميركا والسودان". وقال إنه قبل مهمته الجديدة"لاعتقاده أن علاقات البلدين يجب أن تكون على خير ما تكون عليه العلاقات بين الدول". ولفتت الوكالة إلى أن المبعوث الأميركي أبلغ أكول خلال اللقاء أنه"جاء إلى السودان بقلب مفتوح"، مشدداً على"رغبته في إحداث تقدم في القضايا العالقة". وقال الناطق باسم الخارجية السودانية علي الصادق للصحافيين عقب اللقاء إن ناتسيوس"أكد أنه في مهمة يمكن وصفها بأنها لتقصي الحقائق، بمعنى أنه لا يحمل أي خطة أو مبادرة محددة. وإنما جاء للتعرف إلى الأوضاع وجمع المعلومات التي تساعده في أداء مهمته". وأضاف أن اللقاء الذي استمر ساعة"تطرق إلى الأوضاع الإنسانية في دارفور والعلاقات بين البلدين"التي"اتفق الجانبان على ضرورة تطويرها وابقائها دائماً بعيداً من التوتر، كما تم التطرق إلى مسألة القرار 1706 وضرورة أن يكون هناك طريق ثالث بين الإصرار على تنفيذ القرار ونشر قوة دولية في دارفور، وموقف السودان الرافض تماماً لهذه القوات، وتم التأمين على أن هناك سبيلاً للتوصل إلى طريق وسط". وتزامنت زيارة المبعوث الأميركي مع توقيع الرئيس بوش قراراً بتمديد العقوبات على السودان، وتوسيعها لتشمل المعاملات في قطاع النفط. وأعرب الناطق السوداني عن أسف بلاده لهذه الخطوة. واعتبر أن"هذا القرار جائر وصدر فى غير وقته"، في إشارة إلى تزامنه مع زيارة ناتسيوس، ما يعد"رسالة سلبية لا تساعد في تطوير التفاهم بين البلدين". وكان بوش وقع قانون"دارفور للسلام والمحاسبة"الذي أجازه الكونغرس الأميركي الشهر الماضي. وأعلن البيت الأبيض أ ف ب أن الرئيس أبقى العقوبات على الخرطوم، وأضاف اليها منع أي تعامل متصل بالأنشطة النفطية والبتروكيماوية. ويجمد القانون الذي صدر العام 1997 أرصدة الحكومة السودانية في الولاياتالمتحدة، كما يمنع استيراد السلع والخدمات من السودان، إضافة إلى حظر تصدير أو إعادة تصدير المنتجات والتكنولوجيا الأميركية إلى السودان ومنع الاميركيين من منح الحكومة السودانية قروضاً او اعتمادات. والتقى ناتسيوس وزير شؤون مجلس الوزراء دينق ألور. ومن المقرر أن يزور مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور وجوبا عاصمة الجنوب. وقال إنه سيسعى إلى إقناع الحكومة السودانية، خصوصاً الرئيس عمر البشير، بقبول نشر قوات دولية في دارفور. وأكد الدكتور مجذوب الخليفة مستشار الرئيس السوداني أن حكومته ستطلب من واشنطن"العدول عن طريق المواجهة من أجل العمل المشترك لإقرار السلام في الاقليم". وأضاف أن واشنطن"إذا أصرت على مواقفها المتعنتة تجاه السودان، فإن الخرطوم لن تفرط في سيادتها الوطنية". من جهة أخرى، رويترز اتهم ناطق باسم الجيش السوداني أمس تشاد بدعم متمردي دارفور خلال اشتباكات مع القوات الحكومية قرب الحدود السودانية - التشادية الأسبوع الماضي. وقال الناطق إن"الجيش التشادي قدم دعماً كاملاً للمتمردين في هجوم كاري ياري. قدموا لهم الأسلحة بالطائرات وأعطوهم 21 عربة من طراز لاند كروزر وزودوا المتمردين نحو 41 عربة من الجيش التشادي تحمل جنوداً". وأضاف أن المتمردين جاءوا من داخل الاراضي التشادية لمهاجمة موقع للجيش الذي طاردهم حتى عادوا إلى الأراضي التشادية. إلى ذلك، اتهم كبير مساعدي البشير رئيس السلطة الانتقالية في دارفور مني أركو مناوي ميليشيا"الجنجاويد"بالمسؤولية عن أعمال نهب شهدتها سوق الفاشر خلال اليومين الماضيين. ونفى في شدة ضلوع قواته في هذه الأحداث، مطالباً بإجراء تحقيق فوري تشارك فيه حركته وحكومة الولاية والاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة،"لتحديد الجهة المسؤولة عن هذه الاعمال البربرية". وكان مدنيون أصيبوا في سوق الفاشر إثر اشتباكات بين مقاتلين تابعين لمناوي وآخرين من"الجنجاويد".