تذكرت استعراض العضلات العسكري للحركات الإسلامية مثل "حزب الله" و "حماس" وغيرها، عندما قامت مجموعة من شباب "الإخوان المسلمين" في جامعة الأزهر بالاستعراض العسكري القتالي العلني. ان عملية جنوح جماعة "الإخوان" إلى الاستعراض على شكل "ميليشيا"، يشير إلى رغبة لدى قياداتها ورموزها في إبراز دقة تنظيمها وقدراتها، والتهويش على الحكومة وتهميش السلطات الأمنية، عبر رسالة تعتبرها"سلمية"، وهي أشبه ب"فرد عضلات". ما فعلته الأجهزة الأمنية المصرية من حملة اعتقالات بين صفوف هذه الجماعة التي خرج من رحمها الرجل الثاني في تنظيم"القاعدة"أيمن الظواهري، كان"إلزامياً"لكبح جماح هؤلاء الشباب الخارجين على القانون، وردع من يجندهم ويغذيهم بالأفكار القتالية، ويعلمهم تدريبات استعراض القوة ميدانياً. وكما أوضحت وزارة الداخلية المصرية، أن معلومات توافرت لدى جهاز مباحث أمن الدولة، تشير إلى دخول جماعة"الإخوان المسلمين"في منعطف خطير، جنحت إليه أخيراً عناصر طلابية بجامعة الأزهر، يتمثل في إثارة أحداث شغب اندلعت في الحرم الجامعي، وفرض أوضاع غير شرعية داخل الجامعة. ان وصف المباحث المصرية ما جرى ب"المنعطف الخطير في عمل الجماعة"، دليل على جمعها معلومات تشير إلى تحرك الجماعة للعودة إلى التدريبات المسلحة، خصوصاً ان حملة الاعتقالات طالت نائب المرشد العام، وعدداً من أساتذة الجامعة المسؤولين عن طلبة الأزهر. وما يزيد حال الخشية من تلك التدريبات العسكرية، ما جاء على لسان المرشد العام للجماعة مهدي عاكف، من انه"غير متخوف من هذه الاعتقالات، ولا يخشى شيئاً، وهو على أعتاب الآخرة، وليس أفضل ممن اعتقلوا". وتصريح عاكف الذي جاء بعد بيان وزارة الداخلية المصرية، يؤكد أن"هذه العناصر أعدت مخططاً لحث الطلاب وتحريضهم على التظاهر للإخلال بالنظام وانتهاك القانون". ومن الواضح ان مجموعات الطلاب المستقطبين تم تجنيدهم وتدريبهم على فنون القتال، وتسليحهم بالعصي والجنازير، وتكليفهم بالبدء في اعتصامات وتظاهرات وأعمال شغب، للقيام بعمليات تخريبية للممتلكات العامة والخاصة، مثلما قالت الجهات الأمنية. ان عملية الاستعراض العسكري الطلابي القتالي عبر ارتداء ملابس خاصة كتب عليها عبارة"صامدون"، والتمرن على ألعاب رياضية عنيفة، يكشفان عن نية التخطيط لقيام"ميليشيات"، وعودة الجماعة إلى"التنظيمات السرية". وما يحسب لوزارة الداخلية المصرية، هو وعيها ويقظتها ومراقبتها تحركات الطلاب والداعمين لهم داخل أروقة الجامعة وخارجها من قيادات الجماعة، خصوصاً ان الحملة تمت بعد توافر معلومات أمنية، تشير الى"دخول الجماعة في منعطف خطير"، وفق بيان الوزارة. أعتقد بانه كان الأجدر بقيادة جماعة"الإخوان"عندما سارعت إلى استنكار حملة الاعتقالات الأمنية ضد الأساتذة والطلاب، استنكار العرض والفعل الطلابي أولاً، إلا انه يبدو ان وراء الحجة ما وراءها، خصوصاً ان العرض كان عسكرياً، وملابس الطلاب كانت سوداء قتالية، ووجوههم"ملثمة"، ويقومون بتمارين رياضية عنيفة. كما ان في تصريحات الدكتور عصام العريان، القيادي البارز في الجماعة، ل"قناة الجزيرة"، اعترافاً بذلك، عندما ذكر أن حملة الاعتقالات جاءت نتيجة لاحتجاج الطلاب على فصل زملائهم، وإحالة البعض الآخر على مجلس التأديب. فمثل هذا الكلام يحتمل التفسير والتأويل، فمثلاً... إذا كانت الجماعة"سلمية"، كما قال العريان، وتطالب بالإصلاح، فهل السلم والإصلاح يأتيان عبر استعراض العضلات والتدريب العسكري والتمارين القتالية وتلثيم الطلاب، والاحتجاج عبر إثارة الشغب، أم عبر مخاطبة الجهات الرسمية المعنية وطلب الإنصاف عبر المحاكم والقضاء؟ ان ما حصل بمثابة تأكيد"إخواني"على ان الجماعة قادرة على الفعل ورد الفعل، ورغبت في إيصال رسالة خاطفة مفادها"ان الجماعة موجودة... وقادرة على العمل العسكري والتجنيد والتدريب والتجييش". الكل يعلم ان جماعة"الإخوان المسلمين"تعد كبرى الجماعات الإسلامية المعاصرة، منذ تأسيسها في مصر العام 1928، على يد حسن البنا، وتنتشر في دول إسلامية عربية وغير عربية، إلا ان ما أعتقده بان تحركها بهذا الشكل العسكري العلني، بمثابة ارسال شفرات لإيقاظ الجماعات المنتمية لها داخل مصر وخارجها، خصوصاً ان لهذه الجماعة باعاً في الاغتيالات وأعمال العنف.