رفض رئيس المكتب السياسي لجماعة «الإخوان المسلمين» الدكتور عصام العريان القول إن مسألة «تصعيده» إلى عضوية مكتب إرشاد الجماعة هي التي تسببت في الأزمة التي تعصف حالياً بأكبر فصيل معارض في مصر. وعزا العريان الأزمة الأخيرة داخل الجماعة التي سببت غضب مرشدها العام محمد مهدي عاكف إلى حد تهديده بالاستقالة، إلى «تراكمات مستمرة منذ فترة». وكانت أزمة داخلية تفجرت في «الإخوان» إثر رفض مكتب الإرشاد بالإجماع «تصعيد» العريان، الذي يُحسب على الإصلاحيين داخل الجماعة، إلى مكتب الإرشاد الذي يُعتبر أعلى مرجعية في التنظيم. وأغضب ذلك الرفض المرشد عاكف الذي كان يسعى إلى «تصعيد العريان». وتردد أن عاكف استقال بعد رفض طلبه، قبل أن يعدل عن قراره بعد تدخل قيادات في الجماعة. والمؤكد أن عاكف الذي أعلن في السابق أنه سيترك منصبه طوعاً بعد انتهاء ولايته في كانون الثاني (يناير) المقبل، تنازل عن بعض صلاحيته لنائبه الأول محمد حبيب المحسوب على تيار المحافظين داخل الجماعة. وقال العريان ل «الحياة» في أول تعليق له على الأزمة: «بالطبع ليست مسألة تصعيدي هي السبب (في الأزمة الأخيرة) لكنها تراكمات مستمرة منذ فترة». لكن العريان رفض توضيح طبيعة هذه التراكمات «التي يُسأل عنها القائمون على إدارة شؤون الجماعة». وأكد أنه لم يطرح نفسه مرشحاً لمكتب الإرشاد. وأضاف: «لم أطلب شيئاً، وأنا لست طالب مناصب ولا مغانم». ولم ير العريان حرجاً في رفض مكتب الإرشاد بالإجماع عدا المرشد تصعيده، وقال: «ما المانع أن يوافق أناس ويرفض آخرون؟». وحرص على توضيح أن الرافضين لم يرفضوه لشخصه ولكن لمشكلة في «تفسير اللائحة». وتنص اللائحة الداخلية لجماعة «الإخوان» على أن مجلس شورى الجماعة المكون من نحو 90 إلى 100 عضو ينتخب أعضاء مكتب الإرشاد (نحو 16 عضواً) ولا يكون الانتخاب بناء على ترشيح وإنما يختار عضو مجلس الشورى من يراه مناسباً لعضوية مكتب الإرشاد على أن يكون هو من بين من رشحهم. وفي النهاية يصبح عضواً في مكتب الإرشاد الحاصلون على أعلى الأصوات. وطالب أعضاء في جماعة «الإخوان» بتصعيد العريان إلى مكتب الإرشاد عبر المكتب بسبب صعوبة إجراء الانتخابات عبر مجلس شورى الجماعة «لظروف أمنية». لكن أعضاء المكتب رفضوا ذلك الأمر، على رغم أن عاكف شجعه. وبدا أن الخلاف انتهى إلى تصعيد العريان عبر مجلس شورى الجماعة لا مكتب الإرشاد وإجراء الانتخابات عبر «الورقة الدوارة»، وهي طريقة لا تتطلب اجتماع المجلس وبالتالي تتلافى القيود الأمنية. وقال العريان ل «الحياة» إن هذه المرة ليست المرة الأولى التي يغضب فيها المرشد من أمور داخل الجماعة، مشيراً إلى أنه أكد أن «سينهي مدته» (في كانون الثاني/يناير) ولن يسعى إلى التجديد «لكنه أكد لي أنه سيستمر في وجوده في مقر مكتب الإرشاد حتى نهاية ولايته». ويتوقع أن تؤثر هذه الأزمة داخل «الإخوان» على فرص فوزهم واصطفافهم في الانتخابات البرلمانية العام المقبل، وهي الانتخابات الأهم على مدار العقدين الماضيين، إذ أن تشكيل البرلمان المقبل سيحدد القوى التي يتاح لها طرح مرشح رئاسي. وقال الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية ضياء رشوان ل «الحياة» إن جماعة الإخوان حتماً «تعاني مشاكل كبيرة جداً بين الجناحين الإصلاحي والمحافظ حول طريقة إدارة الجماعة وبسبب سيطرة الجناح التنظيمي بقيادة محمود عزت على شؤون الجماعة، وكذلك حول مساحة العمل الدعوي والسياسي». لكن رشوان اعتبر أن مسألة تصعيد العريان كانت السبب الرئيسي في الأزمة الحالية ومردها في الأساس ليس لشخص العريان ولكن لأن اسمه طُرح من «شباب الإخوان» على المنتديات ووسائل الإعلام وبدا الأمر كأنه «حرب من الخارج» ضد مكتب الإرشاد. وقال إن جماعة الإخوان كتنظيم تغلب السرية على عمله «ترفض الإملاءات من الخارج وهذا يُفسّر إجماع مكتب الإرشاد على رفض تصعيد العريان بمن فيهم الأعضاء الإصلاحيون».