بعد الاستماع إلى تقرير وزير الصناعة والطاقة الروسي فيكتور خريستينكو، حول تطور سوق الغاز والطاقة الكهربائية في روسيا في 30 تشرين الثاني نوفمبر الماضي، اتخذت الحكومة الروسية عدداً من القرارات المهمة. وعلى رغم أن خبراء كثراً اعتبروا هذه القرارات أكثر "ليونة" وپ"حذراً" من كل السيناريوات المحتملة، قد تكون نتائجها بالنسبة الى قطاعي الغاز والطاقة الكهربائية الروسيين، على أقل تقدير "شبه ثورية" إن لم تكن "ثورية". وعرض الوزير وجهة نظر منسقة مع وزارة التنمية الاقتصادية والتجارة الروسية، بشأن آفاق زيادة أسعار الغاز والطاقة الكهربائية داخل البلد. ونذكر بأن عدم وجود مثل هذا الموقف المتكامل، أثار قبل أسبوع استياء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. فماذا تعني القرارات التي اتخذت؟ إنها كما يظهر، ترسي الأساس لمواصلة انفتاح ميدان الطاقة أمام تأثير آليات السوق تدريجياً، وللانتقال في العام المقبلپإلى توريد الطاقة الكهربائية، وفق عقود لفترة ثلاث سنوات. وستوقع اعتباراً من أول كانون الثاني يناير 2008، عقود طويلة الأمد لخمس سنوات بشأن توريد الغاز. وستتضمن هذه العقود تأرجح الأسعار المسموح به. وأشار خريستينكو إلى أن أسعار الغاز والطاقة الكهربائية ستبقى خاضعة لإشراف الدولة، على رغم أن نمو قسم التصريف بأسعار السوق في قطاع الغاز والطاقة الكهربائية، سيجرى بحسب التكهنات بوتائر سريعة. ولدى الإجابة عن سؤال رئيس الوزراء ميخائيل فرادكوف حول"كيفية انعكاس زيادة تعريفات الغاز والطاقة الكهربائية على مواطني روسيا"، قال خريستينكو:"لا تنتظر السكان في مجال استهلاك الغاز والطاقة الكهربائية في شكل مباشر، أي طفرات حادة في الأسعار. ولن تعتمد أسعار الغاز للسكان المبنية على أسعار التصدير إلا في عام 2015". 300 مليون دولار خسائر"غازبروم"في السوق المحلية وينتظر الجميع قرار الحكومة حول زيادة تعريفات الغاز للمستهلك المحلي باهتمام بالغ. فقد كان يفترض أن يتناول النقاش الطويل والمعقد"كيفية زيادة الأسعار في ظروف انحسار معدلات ارتفاع إنتاج الغاز، في بلد يتنامى فيه الطلب على الغاز". وناقش المسؤولون على ضوء الانتخابات البرلمانية، ومن ثم الرئاسية المرتقبة في عامي 2007 و 2008، زيادة سعر الغاز للسكان بشكل طفيف للاعتبارات السياسية المفهومة. على رغم أن العاملين في قطاع الغاز، وفي وقت لاحق وزارة الصناعة والطاقة، طالبوا بزيادة الأسعار بشكل ملموس أكثر، معللين ذلك بأنه في ظل التعرفة المخفضة، يفقد العمل النشط معناه في السوق الداخلية، بالنسبة الى العاملين في قطاع الغاز كالسابق، لأن أسعار التصدير تزيد ثلاث مرات. وفي ظل الأسعار المخفضة، لا تتقلص الخسارة في السوق الداخلية إلا بشكل طفيف. ونذكر بأن خسائر شركة"غاز بروم"من بيع الغاز إلى السوق المحلية شكلت في عام 2005، حوالى 300 مليون دولار. لذلك أعدت"معادلة التوازن"بين الأسعار الداخلية والخارجية، من وجهة نظر قيمة الغاز في السوق الأوروبية بمستوى 260 دولاراً. ومراعاة لرسم التصدير بنسبة 30 في المئة ونفقات النقل، يحصل السعر بمستوى 125 دولاراً لكل ألف متر مكعب في السوق الداخلية. ولن يصل البلد إلى هذا المستوى بحسب تكهنات الحكومة إلا في عام 2011. وعلى العموم، فان جدول زيادة أسعار الغاز للسكان يصبح على الكل الآتي: في عام 2007 زيادة بنسبة 15 في المئة، في عام 2008 بنسبة 14 في المئة، في عام 2009 بنسبة 13 في المئة... حتى عام 2011، عندما تتساوى أسعار التصدير بالأسعار الداخلية، لا سيما ان الأسعار الوطنية الفعلية ستكون أدنى من الأوروبية بنسبة 43 - 45 في المئة. وتحظى كيفية انعكاس زيادة أسعار الغاز على التضخم باهتمام كبير. إذ يجب ان يخفض التضخم في عام 2008 وفقاً لتوقعات الحكومة من 9 في المئة هذه السنة، حتى 4 - 5.5 في المئة. ويمكن أن يكون الجواب في تصريح وزير المال أليكسي كودرين، الذي أعلن ان الحكومة واثقة من انه سيكون لارتفاع سعر الغاز تدريجاً إلى المستوى العالمي عملياً حتى عام 2011، مردود تضخمي محدود، إذ سيزيد وتائر ارتفاع الأسعار في 2008 - 2009، بنسبة 0.4 - 0.6 في المئة فقط من المخطط. ووافقت الحكومة الروسية على رفع تعرفة بيع الكهرباء والغاز الطبيعي إلى المؤسسات الروسية تدريجياً، اعتباراً من عام 2007. على ان تحرر سوق الغاز الروسية بشكل كامل بحلول عام 2011. ولفت نائب رئيس الوزراء وزير الدفاع سيرغي إيفانوف إلى أن المؤسسة العسكرية، لن تتأثر برفع تعرفة بيع الغاز والكهرباء في عام 2007، لكنها ستتأثر من رفع الأسعار وتوسيع رقعة الأسعار الحرة في السنوات المقبلة. وقال إن الجهات المسؤولة عن أمن الدولة، لا يمكن أن تكون رهينة أي ترتيبات اقتصادية، إذا اقتضت الضرورة زيادة الجهوزية القتالية، واستطراداً، زيادة استهلاك الكهرباء. واقترح وزير الدفاع تحديد كيفية اندماج المؤسسة العسكرية في نظام الترتيبات التي اقترحتها وزارة الصناعة والطاقة. وفي اليوم نفسه وجه رئيس مجلس النواب الروسي بوريس غريزلوف انتقادات إلى رئيس مؤسسة الكهرباء في روسيا شركة"شبكة الكهرباء الموحدة" اناتولي تشوبايس، لافتاً إلى معاناة الناس في مدينة بتروبافلوفسك كامتشاتسكي الشرق الأقصى الروسي، من انقطاعات متكررة في الكهرباء والماء الساخن. وأعاد إلى الأذهان أن مؤسسة الكهرباء كانت من قبل تقطع الكهرباء عن منشآت عسكرية إستراتيجية. وأضاف أنها تحمي مصالحها على حساب المواطنين الأبرياء، في حين ينبغي عليها أن تحاسب السماسرة الذين يعمدون إلى تأخير المدفوعات. المعلق الاقتصادي لوكالة "نوفوستي"