بدأ الرئيس جورج بوش أمس سلسلة مشاورات حول العراق، بعد التوصيات التي تلقاها من اللجنة المستقلة لدراسة الوضع في العراق برئاسة وزير الخارجية الجمهوري السابق جيمس بيكر والسناتور الديموقراطي السابق لي هاملتون. وكانت أول جولة له من مشاوراته في وزارة الخارجية. كما عقد لقاءات مع خبراء من خارج الادارة في المكتب البيضاوي. وسيعقد اليوم مؤتمراً بدائرة تلفزيونية مغلقة مع القادة العسكريين والسفير الاميركي في العراق زلماي خليل زاد، ويلتقي نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي ويزور البنتاغون الاربعاء. وسيجتمع بوش مع كبار المساعدين في السياسة الخارجية والمستشارين العسكريين لدراسة الوضع بعد تأكيد اللجنة انه"خطير ومتدهور". واذا لم يتم اتخاذ اجراء سريع فإن ذلك قد يؤدي الى أزمة في المنطقة. وبعد صدور التقرير انتقلت الأنظار الآن الى البيت الابيض حيث يدرس بوش خياراته، فيما تتضاءل قاعدته السياسية مع اقتراب أحكام الديموقراطيين سيطرتهم على الكونغرس في بداية العام الجديد. ويقول البيت الابيض ان بوش يرغب في كشف نهجه الجديد في خطاب الى الأمة يلقيه قبل عيد الميلاد. وصرح بروس ريدل مسؤول السياسة الخارجية المخضرم الذي يعمل حاليا في معهد بروكنغز بأن"الأمر يتعلق في نهاية المطاف بما يحدث في شارع بنسلفانيا في اشارة الى الكونغرس وفي المكتب البيضاوي". واضاف ان"هدف هذه اللجنة تقديم علاج بالصدمات للمكتب البيضاوي ... يقول للرئيس ان النهج الذي تتبعه يقود الى كارثة وعليك ان تغيره". ومن الاسئلة الرئيسية المطروحة:"هل سيقبل بوش الغطاء السياسي الذي تقدمه اللجنة ويتبنى توصياتها ال79 ام انه سيضع سياسته الجديدة الخاصة؟". وتشير كل المؤشرات الى ان بوش غير مستعد لقبول توصية اللجنة بإجراء محادثات مباشرة مع سورية وايران لانقاذ العراق. وتتطلب مثل هذه الخطوة الغاء عقيدته الديبلوماسية التي تنص على ان هذه البلدان"ذات السلوك السيئ"لا تستحق ان تكافأ بإجراء محادثات مع واشنطن. كما نأى بوش بنفسه عن توصية اللجنة له بسحب معظم قواته بحلول 2008 بعد ممارسة الضغط على الحكومة العراقية لإجراء مصالحة وتسريع تدريب القوات العراقية. وأكد الخميس ان سحب القوات يعتمد على الاوضاع على الارض وتوصيات القادة العسكريين. وعلى رغم الدعوات في واشنطن لتبني بوش توصيات التقرير، فإن البيت الابيض ينظر الى التقرير على انه مصدر واحد فقط من مصادر المشورة، اذ يتوقع ان تستكمل العديد من الدراسات التي تجري داخل الادارة الاميركية حول السياسة في العراق. وقال توني سنو الناطق باسم البيت الايض ان"هناك توصيات واقتراحات وتحليلات اخرى سيتسلمها الرئيس في المستقبل القريب، ومهمة الرئيس هي الخروج بأفضل مزيج من السياسات". ويدرس البيت الابيض ثلاثة خيارات أوردتها صحيفة"واشنطن بوست"السبت هي رفع عديد القوات الاميركية في العراق بإرسال ما بين 15 وثلاثين الف جندي اضافي في الامد القصير لتهدئة بغداد، ووضع خطة للابتعاد عن النزاع الداخلي والتركيز على ملاحقة الارهابيين، والتخلي عن الجهود لخطب ود المسلحين السُنة. الا ان الدعم السياسي لبوش يتضاءل اذ ان الديموقراطيين ومناصريه الجمهوريين يوجهون اليه انتقادات حادة. وقالت الرئيسة المقبلة لمجلس النواب الديموقراطية نانسي بيلوزي بعد اجتماع مع بوش الجمعة"نأمل في ان يكون الرئيس فهم الرسالة". وحتى عضو مجلس الشيوخ عن ولاية اريغون غوردون سميث الذي كان من المؤيدين لسياسته حول العراق، انشق عن رئيسه. وقال في كلمة مؤثرة الخميس انه تعب من سماع اخبار القتلى. وقال:"لنخرج من هناك مهرولين او سائرين ... خضنا هذه الحرب بطريقة مؤسفة للغاية". ومن العوامل الاخرى التي قد تؤثر في سياسة بوش تعيين وزير الدفاع الجديد روبرت غيتس المقرر ان يتولى مهمات منصبه في 18 كانون الاول ديسمبر خلفاً للوزير دونالد رامسفيلد. وفاجأ غيتس، العضو السابق في لجنة بيكر - هاملتون، عديدين في واشنطن الاسبوع الماضي عندما اعترف صراحة بأن الولاياتالمتحدة لا تحقق نصراً في العراق، وهو ما لم يعترف به بوش صراحة بعد. الى ذلك أعلن المكتب الاعلامي للرئاسة العراقية أمس ان نائب الامين العام للحزب الاسلامي طارق الهاشمي، أحد أبزر أحزاب العرب السنة، سيلتقي الرئيس الاميركي جورج بوش اليوم. وجاء في بيان"من المقرر ان يلتقي الهاشمي ايضاً وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس ومستشار الأمن القومي ستيفن هادلي". والتقى الرئيس الاميركي الاثنين الماضي رئيس"المجلس الاعلى للثورة الاسلامية"، زعيم لائحة"الائتلاف"عبدالعزيز الحكيم.