اقترحت دراسة تحليلية سورية رسمية التريث في توقع حصول"تغيير جذري"في نهج ادارة الرئيس جورج بوش بعد فوز الحزب الديموقراطي بغالبية المقاعد في مجلسي الشيوخ والنواب في الانتخابات. لكن الدراسة لاحظت ان الفترة الاخيرة شهدت ظهور أصوات"من جهات اميركية أكثر نفوذاً في صنع القرار مما كان عليه الوضع سابقا"، مع الاشارة الى ان"التغيير مرهون بالوضع العراقي والحوار المطلوب من دمشق، والدور السوري المطلوب في العراق من الولاياتالمتحدة". وكان خبراء سوريون رسميون عكفوا على دراسة نتائج الانتخابات الاميركية وانعكاسها على العلاقات بين دمشقوواشنطن. وبحسب المعلومات المتوافرة ل"الحياة"عن نتائج هذه التحليلات والأبحاث، فإن الانتخابات أظهرت ان"التحدي الأكبر أمام ادارة بوش والحزب الديموقراطي المنتصر هو وضع استراتيجية عسكرية وسياسية تضمن الانسحاب من العراق بأقل خسائر ممكنة ومن دون نتائج كارثية". اما الحديث عن تحقيق نصر، فإنه"أصبح اليوم من قبيل الدعاية الاعلامية التي يبقى بوش وفريقه مدمنين عليها باعتبارها الخيار الوحيد أمام ادارة مارست منذ البداية سياسة خارجية مبنية على الايديولوجيا وليس الواقعية في ايجاد حلول للأزمات التي اسمهت في خلق جزء منها". ولاحظت الدراسة ان إقالة وزير الدفاع دونالد رامسفيلد وتعيين رئيس الاستخبارات المركزية السابق روبرت غايتس"اعتراف بضرورة البحث عن استراتيجية بديلة في العراق"، معتبرة غيتس عضواً في"مجموعة دراسة العراق"برئاسة وزير الخارجية السابق جيمس بيكر والسناتور لي هاملتون، خصوصاً ان غايتس صاحب دراسة أعدها قبل سنتين ل"مجلس العلاقات الخارجية"دعا فيها الى"حوار مكثف مع ايران بخصوص ملفها النووي ودورها في الشرق الاوسط". يضاف الى ذلك"التفاهم"بين وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس وغايتس. وكان بيكر التقى وزير الخارجية السوري وليد المعلم على هامش اجتماعات الجمعية العامة للامم المتحدة في ايلول سبتمبر الماضي، واجرى حواراً مع هاملتون. ولاحظت الدراسة ان تقرير بيكر - هاملتون يتضمن توصيات بينها"الحوار المباشر مع سورية وايران للحصول على مساعدتهما في تحقيق الاستقرار في العراق". وهناك توقعات ان يوصي رئيس الوزراء البريطاني توني بلير في لقائه المتلفز مع الفريق الاستشاري الثلثاء، للحوار مع دمشق في ضوء نتائج زيارة كبير مستشاريه نايجل شاينولد لسورية ولقائه الرئيس بشار الاسد والوزير المعلم قبل اسبوعين. وعلمت"الحياة"ان شاينولد شجع دمشق على إرسال المعلم الى بغداد. ويتوقع ان تتم الزيارة خلال الشهر الجاري. وبعدما تساءلت الدراسة:"هل يتكرر سيناريو جورج بوش الأب مع جورج بوش الابن في العلاقة مع سورية؟"، نقلوا عن السفير الاميركي السابق في دمشق ادوارد دجيرجيان، وهو عضو الفريق الاستشاري الخاص بالعراق، قوله:"لا بد للرئيس بوش من ان يرفع الحصار عن سورية وان يدعم المفاوضات بين الاسرائيليين والفلسطينيين"، وان دجيرجيان يرى ان"سورية تشكل خطراً وفرصة في وقت واحد. فحكومة الرئيس الاسد، تستطيع ان تقوض ترتيبات الامن في جنوبلبنان وان تعيق التقدم في موضوع العراق مع استمرار الدعم ل"حماس"و"الجهاد الاسلامي"و"حزب الله"، لكنها تستطيع في الوقت ذاته ان تلعب دورا بناء في المنطقة. وهذا احتمال كبير لم يتم اختباره او استكشافه في شكل كامل حتى اليوم". يشار الى ان"الموقف الرسمي"الاميركي السائد حاليا هو ان سورية"تقوم بالقليل في الوقت المتأخر"، الأمر الذي يفسر توجه رايس الى"المغالاة في الطروحات والمطالبات من دون إبداء اي درجة من الرضا على أي أداء ايجابي سوري"، اضافة الى العمل على عزل دمشق دولياً وفرض عقوبات اميركية وقرارات دولية عليها. وفي مقابل دعوة دجيرجيان الى الحوار مع دمشق وقوله ان بيكر ومؤيديه يؤمنون ان"اعادة فتح مسار سوري - اميركي - اسرائيلي قد يسهم في وقف تسلل الارهابيين الى العراق عبر سورية"، لاحظ الباحثون السوريون ان"الاصوات الداعية الى الحوار داخل ادارة بوش، لا تزال قليلة"، ذلك انه رغم الاخفاقات الكبيرة فإن سياسة بوش الخارجية لا تزال مبنية على آراء المحافظين الجدد مثل نائب الرئيس ديك تشيني وآليوت ابرامز مسؤول الشرق الاوسط في مجلس الامن القومي وجون حنا ومايكل دور، وانه"ما زالت تسيطر على الجزء الاكبر من تفكيره بوش نظرية ان الحوار مع سورية وايران يشكل مكافأة للابتزاز ودعماً للارهاب". كما نقلت الدراسة عن ديفيد ماكوفسكي من"معهد واشنطن لدراسات الشرق الادني"قوله ان"الفريق السائد في البيت الابيض هو ذلك المستمر في التشدد تجاه سورية، ما يضفي الكثير من الغموض على التوصيات التي سيقدمها تقرير بيكر - هاملتون في 13 الجاري ومدى تجاوب الرئيس بوش مع توصياته المتعلقة بسورية". وتخلص الدراسة السورية الى جملة من الاستنتاجات بينها ان التغيير الاميركي إزاء دمشق رهن بتغيير سياسة بوش نحو العراق وب"الحيز الذي ستعطيه ادارة بوش لتعاون دول الجوار مثل سورية، ذلك ضمن رؤية متكاملة للمنطقة تقوم على نتائج الانتخابات الأخيرة"، قبل ان تشير الى ان الحزبين"الجمهوري"و"الديمقراطي"يجتمعان في"عامل مشترك وهو الموقف التحالفي مع اسرائيل مع اختلاف في ترجمة النهج السياسي والعملي".