يتجه الوضع اللبناني الى مواجهات سياسية وفي الشارع، خلال هذا الأسبوع، ينتظر ان تطبع المرحلة المقبلة من حال الاحتقان التي تعيشها البلاد، بين الأكثرية والحكومة من جهة والمعارضة التي يتحالف بعض قواها، لا سيما"حزب الله"، مع رئيس الجمهورية إميل لحود، بعد إقرار الحكومة أول من امس مشروع الاتفاق مع الأممالمتحدة على قيام المحكمة ذات الطابع الدولي لمحاكمة المتهمين في اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري، وسط خلاف بين الجانبين على عقد جلسة مجلس الوزراء لهذا الغاية، ودستوريتها. راجع ص 8 و9 وعثرت امس دورية من الدرك على عبوة ناسفة لم تنفجر على بعد 200 متر من منزل النائب السابق فريد الخازن وضعت قرب مكب للنفايات، وقام الخبراء بتعطيلها. وكان الخازن ادلى امس في بكركي بتصريحات عنيفة دعا فيها العماد ميشال عون الى عدم التظاهر في"المناطق المسيحية"منعاً للفتنة. وفيما قال مصدر سياسي قريب الى"حزب الله"لوكالة"رويترز"مجدداً ان جمود المفاوضات لإيجاد مخارج من المأزق السياسي وتحقيق مطلب تحالف"حزب الله"مع تيار العماد ميشال عون ومع حركة"أمل"وسائر حلفاء سورية ولحود بقيام حكومة للمعارضة فيها الثلث المعطل يجعل خيار النزول الى الشارع وشيكاً، وأن الاستعدادات قائمة في هذا الاتجاه، فإن مصادر مطلعة رجحت ان يبدأ تحرك المعارضين لإسقاط حكومة الرئيس فؤاد السنيورة، يوم غد الثلثاء، إن بالتظاهر، أو بالدعوة الى العصيان المدني أو بخطوات أخرى. إلا ان المواجهات بين الأكثرية والحكومة من جهة وبين المعارضة وحليفيها في السلطة، لن تقتصر على جبهة واحدة هي مطلب المعارضين إسقاط الحكومة وقيام حكومة لهم فيها الثلث المعطل. فمع تسليم المعارضين بمبدأ قيام المحكمة ذات الطابع الدولي فإن هذا العنوان سيشكل جبهة ثانية للمواجهة إذ سيرفض لحود استلام مرسوم تحويل مرسوم مشروع قانون الاتفاق مع الأممالمتحدة لقيام المحكمة الى المجلس النيابي لإقراره. وإذا اعتمدت حكومة الرئيس فؤاد السنيورة النص الدستوري الذي يعتبر المرسوم نافذاً بعد مهلة 15 يوماً فإن رئيس البرلمان نبيه بري ابلغ زواره امس انه سيرفض استلامه لأنه رأى أن اجتماع الحكومة واتخاذها قرارات غير دستورية بفعل غياب الوزراء الشيعة المستقيلين عنها وعدم توقيع رئيس الجمهورية عليه. وأكد انه سيرفض الدعوة الى جلسة نيابية لهذا الغرض، ما سيؤدي الى مواجهة بين الأكثرية وبينه على رغم حرصها على التواصل معه من اجل إيجاد حلول للأزمة السياسية، عبر مطالبتها بعريضة نيابية تطالب بعقد الجلسة. إلا أن الأوساط الوزارية والسياسية تتوقع ارتفاع الحماوة على جبهة ثالثة بين الأكثرية والمعارضة، تتعلق بمصير رئاسة الجمهورية، وتشير المعلومات في هذا الصدد الى ان السنيورة سيرسل صباح اليوم الى الرئيس لحود مراسيم القرارات التي اتخذت في جلسة أول من امس وأبرزها مرسوما مشروع الاتفاق مع الأممالمتحدة على المحكمة، وإحالة جريمة اغتيال وزير الصناعة بيار أمين الجميل على المجلس العدلي، فإذا رفض توقيع المرسوم الثاني ورده، أسوة بما سبق ان قرره في شأن مرسوم مشروع المحكمة، فإن هذا سيترك آثاراً سياسية داخل الوسط المسيحي، يضع في موقع رفض إحالة الجريمة على المجلس العدلي، حتى لو أصبحت الإحالة نافذة بعد مهلة ال 15 يوماً كما ينص عليه الدستور. وينوي السنيورة، قريباً إحالة مرسومين بعد التفاهم مع قادة الأكثرية وخصوصاً الرئيس السابق أمين الجميل، الأول بتسمية بديل لفي الحكومة، وزير الصناعة يرضى عنه حزب الكتائب في الدرجة الأولى باعتبار ان الراحل كان من قيادييه، فإذا رفض لحود التوقيع عليه، فإن القيادات المسيحية المناوئة له ستصعّد حملتها عليه لإقالته وتتهمه بأنه يسهّل إحداث فراغ في المناصب الحكومية المسيحية. وتتوقع أوساط سياسية ألا يوقع لحود المرسوم وإلا يكون بذلك تراجع عن اعتباره الحكومة فاقدة الشرعية وهي الحجة التي سيبرر فيها رفضه استلام مشروع المحكمة الدولية. اما المرسوم الثاني فهو مرسوم دعوة الهيئات الناخبة في الدائرة الانتخابية للوزير المغدور، أي المتن الشمالي، لملء المركز الذي شغر باغتياله، خصوصاً ان الدستور يلزم الحكومة بالدعوة الى الانتخابات في مدة أقصاها شهرين من خلو المقعد النيابي. وفي هذا إحراج للحود في حالة توقيعه على هذا المرسوم ايضاً. وذكرت مصادر في المعارضة ل"الحياة"ان امتناع لحود عن توقيع هذه المراسيم سيصعّد الحملة المسيحية ضده، وسط توجه لدى المعارضة لطرح مسألة الرئاسة بجدية في إطار سلة البحث عن حلول للتأزم السياسي، وفيما قالت مصادر قيادية مسيحية ل"الحياة"ان الجبهة الثالثة من المواجهة بين الحكومة والمعارضة، أي موضوع الرئاسة سيتحول أيضاً الى جبهة للخلاف بين مسيحيي الحكومة وبين العماد ميشال عون وأن معطيات جديدة برزت على هذا الصعيد، اذ ان البطريرك الماروني نصرالله صفير دخل على خط هذه الجبهة وطلب عبر موفدين له قبل مدة من الرئيس لحود ان يتنحى من اجل إنهاء التأزم الناجم عن التمديد له منذ العام 2004، لكن لحود أجاب سريعاً بأنه باق حتى آخر يوم من ولايته. والحماوة المتوقعة على هذا الصعيد تواكب تصاعد الخلافات السياسية المسيحية بين القيادات المسيحية الموجودة في الأكثرية وبين الزعيم المسيحي الذي حصد اكبر كتلة نيابية مسيحية العماد عون على تحالفه مع"حزب الله"والتي أدت الى تباعد كبير بعد اغتيال الجميل وصل حد رفض الرئيس أمين الجميل استقبال عون للتعزية بنجله وحصول مواجهات بين أنصار الجميل وأنصار عون في منطقة المتن الشمالي. كما تتزامن الحماوة المتوقعة على هذا الصعيد مع فشل الوساطات التي كان البطريركية المارونية محورها لعقد اجتماع للقيادات المسيحية أي عون وخصومه. ما دفع بالبطريرك صفير الى القول امس ان جمع المسيحيين أصبح صعباً جداً. وفي وقت يمهد ذلك الى انضمام عون الى التحرك الذي سيقوم به"حزب الله"في الشارع ضد الحكومة قالت مصادر قيادية مسيحية ل"الحياة"ان خصوم عون بدءاً بالجميل اشترطوا لعقد الاجتماع معه ان يخرج الاجتماع بموقف موحد من الجرائم التي ترتكب ضد القيادات والشخصيات اللبنانية، ومن مسألة سلاح"حزب الله"وهو الأمر الذي رفضه عون في وقت وافق على الوقوف الى جانب المحكمة الدولية عندما تحال الى المجلس النيابي. على صعيد آخر، يتهيأ القادة الروحيون المسلمون لعقد اجتماع بينهم في دار الطائفة الدرزية للبحث في خفض الاحتقان والمواقف المتشنجة على الصعيد الإسلامي، تمهيداً لعقد قمة روحية إسلامية - مسيحية. وعلمت"الحياة"ان الرئيس بري شجع على الاجتماع الثلاثي. من جهة ثانية، أجرى السنيورة يوم امس اتصالاً بالأمين العام للأمم المتحدة كوفي انان أطلعه خلاله على قرار الحكومة بالموافقة على مشروع المحكمة الدولية.