اتفق كبار المعلقين الاسرائيليين في الشؤون السياسية على ان لقاء رئيس الحكومة الاسرائيلية ايهود اولمرت في واشنطن مع الرئيس الأميركي جورج بوش لم يحقق أي شيء جدير بعنوان او حتى بالاشارة، لافتين الى حقيقة ان الاجتماع بين الرجلين كان على انفراد من دون مشاركة أي من المساعدين او حتى من يدون ملاحظات"ما يعني ان أي التزام لأي منهما لم يوثق ولن يكون ملزما"، كما كتب أحد المعلقين. وتوقف المعلقون عند حقيقة ان بوش واولمرت التقيا وشعبية كل منهما في بلده في الحضيض، الأول بعد فوز الديمقراطيين في الانتخابات النصفية والثاني بعد الحرب الفاشلة على لبنان"ما يكبلهما في اطلاق مبادرة سياسية جدية". وتحت عنوان"الأعمى والأعرج"كتب كبير المعلقين في صحيفة"يديعوت أحرونوت"ناحوم بارنياع في الصفحة الأولى من عدد أمس متهكما على الرجلين وعلى العناق بينهما،"فكلاهما معا لا تصل شعبيتهما الى خمسين في المئة.. وهكذا يقوم الأعمى بمساعدة الأعرج، كما جاء في التوراة، والأعرج في هذا المثال هو بوش فيما الأعمى طوعا هو اولمرت". واستغرب المعلق الارتياح الذي ابداه الرجلان واعتبره مربكا، وتساءل:"ما الذي يجعلهما مرتاحين؟ الوضع في العراق، ام تسلح ايران، ام الشعبية التي يحظى بها كل منهما بين جمهوره؟". ورد المعلق بنفسه على سؤاله بالقول انهما مرتاحان لحقيقة انهما يلتقيان في البيت الأبيض، حيث يبت في مصير العالم وليس في مكان آخر اقل اثارة". وذكّر بارنياع بما قاله اولمرت على متن الطائرة من ان لقاءه بالرئيس الأميركي هو"مجرد محطة في طريقه الى مؤتمر الجاليات اليهودية في لوس انجليس.. سأقفز لأطرح عليه السلام لا اكثر". وخلص المعلق الى الاستنتاج بأنه لم يسجَل أي تحرك او موقف جديد في جميع القضايا المهمة: فالمسألة الفلسطينية تنتظر تغيير الحكومة والمسألة العراقية تنتظر بلورة سياسة جديدة يحددها الحزبان الكبيران في الولاياتالمتحدة والملف السوري بانتظار خطوات لبناء الثقة بالرئيس بشار الأسد.. لا شيء من كل هذه الأمور يلوح في الأفق". وكتب الوف بن في"هآرتس"ان اولمرت وعد واوفى"اذ وعد قبل سفره ان لا يسفر اجتماعه بالرئيس الأميركي عن عناوين كبرى ومبادرات سياسية جديدة، ووفى". واضاف ان اولمرت بعد 45 دقيقة من لقاء الرئيس الأميركي لم يقدم ردا على السؤال عن الوجهة التي يسير فيها ولا عن اجندته،"لكن الزيارة أظهرت ان لتخبطات اولمرت ثمة شريكا في البيت الأبيض". وانتقد الكاتب قيام اولمرت، خلافا لسلفه ارييل شارون، بابداء رأيه في الحرب الاميركية على العراق والادعاء بإنها حققت الاستقرار في الشرق الاوسط. وكتب ان هذا الكلام يضاف الى دعوة اولمرت العلنية، قبل ايام، الولاياتالمتحدة الى"عدم الانسحاب المتهور"من العراق. واشار المعلق الى ان شارون تجنب اطلاق مثل هذه التصريحات لتفادي اتهام اسرائيل ومؤيديها في الادارة الأميركية بتوريط اميركا في الوحل العراقي لتحقيق مصالح اسرائيلية. وتابع الكاتب ان اولمرت ادلى بتصريحاته هذه لايمانه بأن الديمقراطيين الفائزين في الانتخابات النصفية سيتريثون الآن قبل اقرار انسحاب او هروب من العراق"لأنهم سيرون ان من شأن انسحاب كهذا ان يأتي بنتائج وخيمة سيضطر رئيس ديمقراطي، يتوقع انتخابه بعد عامين، لمواجهتها". من جهته وصف بن كسبيت في"معاريف"زيارة اولمرت ب"الغريبة"واشار هو ايضا الى انها لم تتمخض عن شيء حقيقي"وكانت زيارة لا لزوم لها.. وكل ما في الأمر ان اولمرت أضاع بعض الوقت في طريقه الى لوس انجليس". وقالت صحيفة"هآرتس"في عنوانها الرئيس امس ان اوساطا رفيعة في الجاليات اليهودية في الولاياتالمتحدة وفي الحزب الديمقراطي"أصيبت بالذهول"ازاء الدعم الكامل الذي اعلنه اولمرت للحرب الأميركية في العراق وامتداحه العمليات العسكرية التي نفذها الجيش الأميركي في العراق وادعائه انها حققت الاستقرار في الشرق الأوسط. واعتبرت اوساط في الحزب الديمقراطي موقف اولمرت هذا تدخلا غير مقبول في السجال الأميركي الداخلي ومحاولة اسرائيلية للتأثير عليه. الى ذلك، نقلت"يديعوت أحرونوت"عن قيادات يهودية في الولاياتالمتحدة"قلقها"من تعيين بوب غايتس وزيرا للدفاع الأميركي محذرة من انه ليس محسوبا على أصدقاء اسرائيل. وذكّرت هذه القيادات ان غايتس انتهج أثناء توليه رئاسة وكالة الاستخبارات الاميركية مطلع تسعينيات القرن الماضي خطاً متشدداً من اسرائيل على خلفية بيعها تكنولوجيا عسكرية للصين. وتابعت الصحيفة ان مسؤولين في الجاليات اليهودية اعربوا، خلال مؤتمر الجاليات المنعقد في لوس انجليس، عن خشيتهم من"تغيير حاد في السياسة الاميركية تجاه اسرائيل"بفعل هزيمة الجمهوريين في الانتخابات . أضافوا ان التغيير المتوقع سيتمثل في محاولة الادارة الأميركية حشد دعم"العالم الاسلامي المعتدل"في مواجهة التهديد الايراني من ناحية، والانسحاب من العراق من الناحية الاخرى. اما قلق يهود اميركا من هذه المحاولة فيتمثل في احتمال ان تلبي واشنطن في المقابل طلبا عربيا واسلاميا متوقعاً بفرض حل للقضية الفلسطينية على اسرائيل"قد لا يلبي مطالبها".